هل ينشغل الأردن بتفعيل خاصية «العودة الطوعية» للاجئين السوريين وكيف؟
الأردن لا يريد المجازفة بإجراءات قسرية تجبر السوريين على العودة ولذلك استبدل رئيس الوزراء الحديث عن تشجيع عودة السوريين إلى بلادهم بالإشارة إلى المساهمة في إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية.
عمان ـ «القدس العربي»: أعلنت وزارة الداخلية الأردنية مع نهاية الأسبوع بأن عدد المواطنين السوريين الذين عادوا إلى بلادهم من المملكة واستخدموا المعبر الحدودي بلغ 18 ألفا من أكثر من مليون سوري يتواجدون في الأراضي الأردنية بعد التغيير الذي حصل في بلدهم مع بدايات الشهر الماضي.
ولم تعرف بعد هوية العائدين وعلى أي أساس قرروا العودة بعدما أعلنت السلطات الأردنية تشغيل المعبر الحدودي مع سوريا من جانب واحد، بمعنى أن أي مواطن سوري يقيم على الأراضي الأردنية يمكنه العودة إلى بلاده فيما حددت وزارة الداخلية أيضا الفئات واللوائح السورية التي يمكن لها أن تحظى بتصريح لزيارة الأردن.
الآمال متكدسة في الجهاز البيروقراطي الأردني بان تستقر سوريا وتعود كتلة ديموغرافية كبيرة. لكن الأرقام التي أعلنت مع نهاية الشهر الماضي برأي الخبراء والمستشارين صادمة من حيث قلة العدد فيما المفوضية السامية للاجئين أعلنت عبر مكتبها في العاصمة عمان بأن على اللاجئين السوريين التمهل وانها لا تشجع عودتهم بسرعة في هذه المرحلة.
ولم يتضح من جهة وزارة الخارجية الأردنية أنها اعترضت على التصريح الصادر عن المفوضية، لكن الملاحظات السريعة تفيد بأن مئات فقط من السوريين المتواجدين في مخيم الزعتري المغلق، قرروا تجريب حظهم والعودة، والتوقعات الأولية أن المفوضية الدولية تضغط باتجاه ترتيب أوضاع ممارسة اللاجئين السوريين لحقوق العودة في الدول المجاورة لسوريا.
خبراء المنظمة يريدون الإجابة على أسئلة محددة قبل اتحاذ قرار عودة اللاجئين طوعا ومن بينها المكان الذي سيعودون إليه وتوفر الخدمات الأساسية فيه ومستوى الأمن والاستقرار والبنية المتعلقة بالتعليم والصحة والكهرباء والماء.
بعض الآراء في الشارع الأردني انتقدت بطء الحكومة في توفير تسهيلات للاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم بذريعة النظام السابق، والسياسي والبرلماني المعروف الدكتور ممدوح العبادي يدفع علنا في هذا الاتجاه ويقترح بأنه لا مبرر الآن لبقاء المواطنين السوريين في الأردن وبأن حكومة بلاده ينبغي أن تدفع في هذا الاتجاه مع قناعته الشخصية بأن بعض مبررات اللجوء أساسا حتى في ظل النظام السابق مشكوك في دوافعها.
الأردن الرسمي يريد تفعيل خاصية عودة اللاجئين السوريين ضمن آليات مرتبطة بأجندة لقاءات العقبة وتحت لافتة دولية قدر الامكان وضمن خطط موضوعة مسبقا يتم التنسيق بشأنها مع جميع الدول.
لكن الحكومة لا تبدو في عجلة من أمرها في هذا الملف وتريد أن تظهر بمن يعلي من شأن وقيمة معايير العودة الآمنة حتى وان كان رقم العائدين أقل بكثير من التوقعات وسط زحام في أشرطة الفيديو لبعض العائدين التي يقدمون فيها الشكر لدور الأردن الشقيق في استضافتهم.
سبق لرئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور بشر الخصاونة أن اقترح بأن الأهم من العودة الإجابة على أسئلة محددة لا علاقة لها بمن يعود ولكن إلى أين يعود وعلى أي أساس؟
تلك بقيت مؤشرات على أن الأردن الرسمي لا يريد المجازفة بتوفير إجراءات قسرية تجبر السوريين على العودة ولذلك استبدل رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان قبل عدة أيام الحديث عن تشجيع عودة السوريين إلى بلادهم بالإشارة إلى توجيهات صدرت للحكومة بالمساهمة في إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية.
وما ينقل عن وزير الخارجية النشط أيمن الصفدي في الاجتماعات الجانبية هو القول بأن مساعدة الإدارة السورية الجديدة في إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية هدف أساسي لتحقيق العودة الآمنة المطمئنة للاجئين السوريين والذين شكل وجودهم في الأردن بدون مقابل تمويل معقول منذ عام 2011 ضغطا شديدا على الخزينة الأردنية واشتكت منه المؤسسات الرسمية طوال الوقت.
المفوضية السامية للاجئين تقر بوجود نحو 650 ألف سوري مسجل في الأردن، لكن العدد الذي تتحدث عنه السلطات الإدارية الأردنية يزيد عن مليون و200 ألف لاجئ سوري خلافا لرعايا سوريين موجودين أصلا قبل أحداث عام 2011.
الخبراء الذين يشتغلون على هذا الملف في عمان يتحدثون عن فارق بالمعنى المفاهيمي والقانوني بين عودة طوعية في ظل عدم استقرار خلال ما يسمى بمرحلة انتقالية وبين عودة جماعية منظمة في مرحلة ما بعد الانتقالية حيث ينبغي توفر مؤسسات تخدم البنية التحتية وتوفر الأمن للعائدين في حال عودتهم خصوصا مع وجود عشرات الآلاف من السوريين الذي يقال انهم ولدوا في الأردن، وهؤلاء حرصت السفارة السورية في عهد النظام المخلوع على عدم تسجيلهم جميعا في قيود مدنية، الأمر الذي يجعل ملف العودة بحد ذاته منطويا على العديد من التعقيدات قبل إنجازه.
الملاحظة العامة حتى الآن ان اللاجئين السوريين وضعهم في مخيمات اللجوء المعيشي أفضل من وضعهم إذا ما عادوا في هذه المرحلة حيث توجد مخصصات مالية وخدمات تعليم وصحة وحيث الاعتقاد بأن أوساط اللاجئين ستحاول الاحتفاظ بسجلها لدى المفوضية الدولية من باب الاحتياط والمتابعة إلى أن يتوفر وضع اجتماعي واقتصادي ومعيشي يغري اللاجئين بالعودة ويؤسس لحالة تضمن استقرارهم.