وزارة حسان بين «التفكيك والتركيب» بعد نهاية أسبوع عاصفة
الأردن: لغم الجامعات بعد البلديات…

عمان ـ «القدس العربي»: واضح أن الحكومة الأردنية عايشت «نهاية أسبوع» عاصفة للغاية مع صعود نجم وزيرين بارزين فيها إلى مستويات متقدمة في الإثارة الإعلامية والمنصاتية، ولاحقاً السياسية، فيما يخدم مجلس الوزراء في الأثناء حصراً العطلة البرلمانية وعدم انعقاد دوره لمجلس النواب.
العصف النقدي
العصف النقدي الذي يختلط بـ«الشخصنة» برز في وقت قصير بمجرد تجاوز الرأي العام لملفي «ضحايا حادثة الميثانول» وصعوبة امتحانات الثانوية العامة، وصولاً إلى صعود جدلي لملفين آخرين هما «البلديات وحلها وانتخاباتها ولجانها»، وثانياً «الجامعات وتصنيفها» في ضوء تعليقات «جريئة جداً وشفافة» لوزير التعليم العالي الدكتور عزمي محافظة.
عملياً، واحدة من إشكالات وزارة الرئيس جعفر حسان، تتمثل في أنها وزارة يرصد المراقب الارتباك في رموزها بمجرد التعرض للجماهير ولوسائل الإعلام، ويزيد تعقيد الكلفة والنتائج هنا؛ لأن رئيس الحكومة يعلن في كل اللهجات دوماً بأن وزارته بأولوية «اقتصادية».
بعد الإشكالات التي برزت في سقف زمني متجاور مضغوط في ملفي الجامعات والبلديات، قد يجد الرئيس حسان نفسه مضطراً للتعاطي مع «ملفات سياسية» بامتياز يصعب الإفلات من كلفتها عبر الاستمرار في «إرجاء وتأجيل التعديل الوزاري»، إلا إذا كانت الخيارات تتجاوز التعديل في اتجاه «التغيير».
لكن الحيثيات بعيداً عن سيناريو التعديل وتوقيته، تؤشر إلى أن «التركيبة الوزارية» عموماً لم تعد توحي بـ «فريق منسجم» على الأقل مع مكتب الرئيس، حيث بدأت النصائح تنهال على رئيس الحكومة مرة عبر صحيفة إلكترونية يعتد بها هي «مدار الساعة» تقترح تجاوز «الولاء الشخصي» في خيارات النخب الوزارية. ومرة أخرى عبر برلماني وناشط سياسي بارز مثل طارق خوري، ينصح حسان بصيغة «لا تترك المركب يسير وحده.. انتبه لمن حولك»، وأخرى عبر مقال للبرلماني والسياسي جميل النمري، يعبر فيه علناً عن شكوكه بوجود «تصور محدد للوزراء في ملف قانون الإدارة المحلية الجديدة».
تعدد «الناصحون» الذين يوجهون خطابهم لرئيس الحكومة شخصياً، ولم يعد من الممكن سياسياً وإعلامياً حتى على أنصار الحكومة وأصدقائها «إنكار» وجود «خلل ما» يحصره الخبراء الخبيثون في نمطية «تصنيف» رئيس الحكومة لرموز طاقمه وحجم القرب والتواصل.
«انفلات وزاري»
تلك، في كل نصائح مسيسة، لم تكن لتتصدر لولا رصد «انفلات وزاري» داخل الحكومة مع نهاية الأسبوع يرتبط حصراً بتداعيات ملفي «البلديات والجامعات» المثيرين، وقد يوحي -إذا لم يبادر حسان للاحتواء والاستدراك- بأن الطاقم أقرب إلى التفكك والتفكيك، وفقاً للملاحظة التي رصدها مبكراً بمعية «القدس العربي» البرلماني الدكتور عبد الناصر خصاونة، وهو يعبر عن ثقته بأن بعض التعبيرات الوزارية «لم تعد مقنعة».
الأردن: لغم الجامعات بعد البلديات…
هنا حصراً يبرز ما قاله وأعلنه بجرأة وزير التعليم العالي الدكتور محافظة، وأنتج عاصفة من الاستياء والمداخلات والاعتراضات والنقاشات المعقدة تفيض عن حاجة وطاقة وقدرة وزارة، تقول إن أولويتها اقتصادية وتركز على «العمل الميداني».
وزير التعليم العالي كان يعلق على «تقييمات» سلبية صدرت بخصوص «ضعف البحث العلمي» في الجامعات الأردنية وتراجع مستواها، فأشار إلى تلك الأموال التي تدفع أحياناً للحصول على «تصنيفات مضللة»، وألمح إلى عبارة لم يتسن للمختصين تأكيدها، بعنوان الإخفاق الواضح في مجال «البحث العلمي».
لاحقاً، اندلعت عاصفة جدل، ودخل الأكاديميون على النقاش الحاد ومعهم بسطاء المعلقين، بصيغة توحي بأن لغماً سياسياً انفجر في حضن تركيبة الوزارة مع النصف الثاني من الأسبوع الملتهب.
ضمناً، حسان أمام خيارين في ملف الجامعات: البناء على جرأة وزير التعليم العالي والكشف عن بقية التفصيل وعرض خطة للتعامل مع إشكالية في مؤسسات التعليم العالي أو المبادرة والدفع في اتجاه «مغادرة الوزير المحافظة» لموقعه الوزاري في أقرب منعطف ممكن.
أغلب التقدير أن المحافظة غير معني لا بالوظيفة ولا بالبقاء وزيراً بقدر ما هو معني حصراً بمشروع جاد لتطوير التعليم والنهوض به سبق – كما أبلغ «القدس العربي» في وقت سابق – أن عمل من أجله مع حسان شخصياً قبل رئاسته للحكومة.
لذلك، «الفراق» بين شريكين في الوزارة دخل الآن بين الاحتمالات في وقت تصاعد فيه إشكال الوزير الثاني المعني بملف البلديات والحكم المحلي، وهو المخضرم وليد المصري، الذي أوحى طاقمه- أي الوزير- عند الاشتباك بأن ما حصل في سياق ملف البلديات قد يكون نتيجة لـ «توجيهات» وخطة عمل خارج الحكومة وعلى مستوى الدولة، أخفقت أو انحرفت عند» التنفيذ والتفاصيل».
الإقرار هنا في مقايسات الرئيس حسان أيضاً، يبدو صعباً ومعقداً ومكلفاً؛ لأن الحكومة في الاستنتاج النهائي، تعرقلت برد فعل سلبي وصاخب من الرأي العام والنخب والمؤسسات المدنية بعدما أخفقت في شرح الأسباب الموجبة لإجراءاتها الأخيرة في ملف المجالس البلدية.
مجلس الوزراء هنا نفذ توصية الوزير المصري على أساس أن «الحوار حصل» وكل الأمور جاهزة ليتبين لاحقاً أن الحوار لم يحصل كما ينبغي.
والشارع «صدمته» إجراءات الحكومة التي أخفقت في الشرح والتوضيح ابتداءً من حل أكثر من 100 مجلس بلدي، ثم حل مجالس المحافظات أيضاً، وثالثاً – وهو الأكثر ضجيجاً تشكيل لجان «بالتعيين» تتولى إدارة بلديات بعد «إقصاء المنتخبين».
شروحات الحكومة غير مقنعة للغالبية العظمي من الجمهور، الأمر الذي يثير الارتياب باحتمالية وجود أسباب أخرى سياسية تكتمها الحكومة وراء قرارها المفاجئ غير المفهوم في حل جميع المجالس البلدية في البلاد.
وفي الخلاصة، انفجر لغمان صعبان معاً في حضن رئاسة الوزراء التي لا تعتبر التعديل «أولوية»، وفي أسبوع واحد باسم «بلديات إلى مصير مجهول»، وجامعات «تراجعت سمعتها إلى حد لا يمكن الصمت معه».
كيف سيزيل حسان الصاعق مع الاحتفاظ بتركيبة لم تعد منسجمة وزارياً في مساحتي «الطاقم السياسي المحلي» والطاقم الاقتصادي؟ هذا هو سؤال بداية الأسبوع المقبل.