اراء و مقالات

وزير داخلية الأردن «يوضح أمراً»: رسائل الجرائم الإلكترونية… لماذا؟

تقدم بسلسلة توجيهات وتعليقات سياسية وسيادية الطابع

عمان ـ «القدس العربي»: واضح أن «الزيارة الخاصة» التي قام بها وزير الداخلية الأردني مازن الفراية بعد ظهر الأربعاء لمقر ومكاتب مديرية أمنية معنية بالجرائم الإلكترونية بهدف دعمها سياسياً وبيروقراطياً وتطوير إمكانياتها، تعكس إحساساً مسبقاً من قبل جهات القرار المرجعي والمركزي في مؤسسات الدولة الأردنية، ليس فقط بالحاجة الملحة إلى تنمية قدرات وإطار عمل هذه الوحدة المتخصصة في الجريمة الإلكترونية، ولكن يعكس أيضاً انطباعاً مسبقاً بوجود مشكلات لا بد من معالجتها بدلاً من الاسترسال في إنكارها.
الوزير الفراية تقدم بسلسلة توجيهات وتعليقات سياسية وسيادية الطابع على هامش تلك الزيارة التي وصفت بأنها مهمة عندما حث الأجهزة المختصة بملاحقة الجرائم الإلكترونية على متابعة كل محاولات الإساءة للوحدة الوطنية داخل البلاد، وأي محاولة لترويج ثقافة الكراهية وتفتيت وتهديد أمن المجتمع واستقراره.
كانت تلك «لهجة صارمة» من وزير الداخلية الذي لا يحتاج لإفادات وشهادات بعنوان فتح مكاتب وزارته لـ «كل الأردنيين» ومنطوق «دولة القانون والمؤسسات» خلافاً لنبذه بصفة شخصية وبيروقراطية -وهو ما لمسته «القدس العربي» عندما زارته- لأي محاولات أو خطابات تحاول التمييز بين الأردنيين أو إشاعة الانقسام بينهم والعزف على أوتار الهويات الفرعية.

«مروجو ثقافة الكراهية»

الخطاب الذي تقدم به الوزير الأردني في سياق الحث على ملاحقة ومطاردة مروجي ثقافة الكراهية والمسيئين لمكونات اجتماعية أردنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، هو خطوة في موقعها الصحيح أعقبت رصد حالة فوضى تعبيرية على مستوى بعض منصات التواصل تأثرت سلباً بتداعيات ما يجري في الإقليم وعلى صعيد القضية الفلسطينية حصراً. كما تأثرت أيضاً – وفقاً للناشط السياسي والحقوقي محمد الحديد- بفعاليات الذباب الإلكتروني الخارجي، وما تحاول توريط الأردنيين به الوحدة التجسسية الإسرائيلية التي تحمل الرقم «8200» حيث جهود مرصودة للأجهزة الإسرائيلية في تثوير وتأزيم الداخل الأردني.
ضمناً، ما تقوله ملحقات زيارة الوزير التفقدية للوحدة الإلكترونية الأمنية يعكس الانطباع بأن صدر الدولة قد ضاق قليلاً ببعض الآراء والاجتهادات وأحياناً الفيديوهات التي يصدرها مراهقون إلكترونيون أو مغامرون بالتعبير، يعملون على التفريق بين المواطنين ويروجون ثقافة التشكيك بالولاء والانتماء.

تقدم بسلسلة توجيهات وتعليقات سياسية وسيادية الطابع

أعقب الوزير زيارته بتغريدة في غاية الأهمية على منصة إكس تحديداً، شرح فيها سعادته شخصياً بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه الوحدة المعنية في مديرية الأمن العام بمتابعة الجرائم الإلكترونية، وتعهد بدعم عمليات هذه الوحدة التي وجدت لإعادة تذكير الأردنيين تماماً بوجود مسطرة قانونية واحدة في التعاطي معه.
قال الفراية في تغريدته الأكثر أهمية في الرسالة الأعمق بصيغة: «أوضح هنا أمراً.. لا يمكن بأي شكل قبول تصرفات تسعى للتفرقة وزعزعة وحدة الصف الأردني.. والأردن يكبر بجميع أبنائه، ولا يقبل تعرض أي فرد فيه للإهانة والأذى».
وزاد الوزير قائلاً: «المواطنة مكفولة وفقاً لأحكام الدستور، والأردنيون متساوون بالحقوق والواجبات، وكل من يحمل الرقم الوطني هو مواطن أردني بكامل حقوقه وواجباته بصرف النظر عن وقت وسبب حصوله على الجنسية».

«المواطنة مكفولة»

طبعاً، أكمل الوزير الفراية رسالته غير المسبوقة عملياً على مستوى وزارة الداخلية، بالإشارة إلى أن جوهر المواطنة الالتزام بالقوانين والوفاء بالالتزامات».
ولم يعد سراً أن هذه الزيارة والرسائل التي وردت في خطاب وزير داخلية المملكة هي جزء من الرد على نقاشات وتقولات لها علاقة بوجود أكثر من معيار عند الحكومة والسلطات التنفيذية في التعاطي مع مقتضيات واحتياجات ومتطلبات قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يتهم نشطاء حقوقيون الحكومة بأنها تتوسع في استخدامه بصيغة تعسفية ضد أصحاب الرأي السياسي وضد النشطاء.
وهي مسألة تلقى من باب الاتهام على السلطات بدون تدقيق، وقد لا تصادق عليها حتى الأرقام التي عرضها وزير الداخلية عن سجل القضايا التحقيقية والشكاوى التي تلقتها الوحدة الإلكترونية.
الأرقام تفيد بوضوح أن الوحدة تتابع أيضاً ما يوصف بالتغريدات المسيئة والخادشة للوحدة الوطنية، أو التي تروج لثقافة الكراهية في المجتمع. حتى إن الوزير وبحضور جنرالات مديرية الأمن العام، تعرض للعقوبات المنصوص عليها في بعض المخالفات التي قد تصل إلى السجن لـ 3 سنوات مع غرامات مالية.
المهم في محطة التفاعل بين المستوى السياسي ووحدة الجرائم على الشبكة أن الجزء الأكبر خصص للتصدي لثقافة الكراهية على منصات التواصل، وتوجيه إنذار يقول ضمناً بأن يد العدالة والقانون تطال المسيئين.
تلك حيثية يمكن فهمها بوضوح من توجيهات وزير الداخلية التي زاد في مستوى أهميتها عندما رافقه في الزيارة مدير الأمن العام شخصياً ونخبة من كبار الجنرالات لهذه المديرية، علماً بأن وحدة الجرائم الإلكترونية تقوم بعبء كبير رقمياً، وتعالج ما يصفه وزير الداخلية بتلك الانحرافات على حساب القانون التي تخدش الروح النبيلة في المجتمع وتستثمر في مناطق التسامح وحريات التعبير بطريقة أحياناً مختلة ومريضة وجد قانون الجرائم الإلكترونية حصراً لمتابعتها. الخلاصة أن زيارة الأربعاء لوزير الداخلية محطة مهمة في توجيه رسائل من الدولة للشرائح التي تشعر بأنها مستهدفة في كثير من مواد البث السام على شبكة التواصل، قوامها أن عين الدولة يقظة ولا تسمح بذلك. وبالمقابل، شبه إنذارات لمن يصرون على المساس بالوحدة الوطنية وخدشها بعبارات الكراهية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading