منتخب “الضفتين” والشطرنج: نشامى و”فدائي” .. لماذا السؤال ؟
خياران في التحليل والاستنتاج يوفرهما النقاش الغامض والحيوي الساعي لـ” الاحتيال علينا جميعا” وهو يبدأ بقصة” ابو سعدو المشجع الكروي المشهور ثم ينتهي باستبيان تواصلي يتقمص اسم احدى القبائل الاردنية المحترمة وهو يسال المواطنين : ايهما ستشجع .. منتخب النشامى ام الفدائي الفلسطيني؟.
السؤال بحد ذاته ليس منصفا ولا يمكنه ان ينطلق من فضول ايجابي او حتى من طموح له علاقة بالاستقصاء العلمي.
هو سؤال بكل حال لا يفرضه الايقاع الرياضي ولا علاقة له بالمنتخبين الشقيقين حول ضفتي نهر الاردن لانهما فريقان سبق ان التقيا كرويا في الواقع بندية واستقلالية رياضية.
بكل حال شغف وهوس الاردنيين المعتاد بمنصات التواصل يلتقط كل ما في الفضاء من فيروسات الاسئلة الحرجة بالرغم من عدم وجود مواقف محرجة .
بوصلة المتواصلين الاردنيين شغوفة بالفرضيات والنظريات اصلا.
وهي بوصلة قرر ” بعضنا ” بسببها ان لا يتعامل مع المباراة المقبلة خلال ساعات بسياقها الرياضي فقط او المتعلق بتصفيات كأس آسيا لان الشغف متواصل في الحالة الاردنية الغامضة اصلا وبعيدا عن اقدام اللاعبين وخطط المدربين بتحديد الخطوة التالية برقعة الشطرنج الكونية لترسيم ما سيحصل بين او حول ضفتي نهر الاردن .
رقعة الشطرنج سياسيا هي الدليل الاكبر اصلا على ان قوى الامر الواقع الكونية لا تحفل بالأساس لا بل بالشعبين ولا بالفريقين ولا بالدولتين .
والواقع يقول ان هدف المستوطنة الاحلاليه في جبل نابلس كان ولازال اخضاع عمان واهلها فالعدو واحد وخططه استعمارية .
بصرف النظر عن تصفيات كاس اسيا وعن الجدل المختل في بعض زوايا الشارع الاردني بعنوان رئتين او قلبين او عين يسرى واخرى يمنى وهو جدل متزيد بكل الاحوال.
ليست اكثر من مباراة كرة قدم في مسابقة قارية وفي احسن الاحوال عند الرغبة في تسييس المسالة يمكن التحدث عن شعب واحد بفريقين ولا يمكنه في ظل هذا الواقع ان يكون الا بجمهورين .
الفلسطينيون في دولة الامارات غنوا للنشامى والاردنيون بالمقابل شجعوا الفدائي عندما التقى الفريقان بغيرهما .
حتى اللبناني عندما خسر من السعودي لم يجد ما ينشده الا اغنية “عبد الله يا عقيد القوم ” .
عليه يصبح السؤال شرعيا : لماذا السؤال اصلا ؟ولماذا الاستبيان ؟ .. ولماذا الضجة المفتعلة ضد ابو سعدو الوحداتي الصاخب الذي الهب المدرجات عندما قابل النشامى استراليا ثم الهبها لصالح الفدائي الفلسطيني عندما تقابل مع الشقيق السوري.
لا مبرر لافتعال ازمة هوية عند التعاطي مع احاسيس ومشاريع رياضية وكروية فالأردني بصرف النظر عن اصله ومنبته من الطبيعي ان تخطف اقدام النشامى وهم يلعبون قلبه فغالبية اللاعبين مروا من هنا ويعرفهم الاردني بمختلف تلاوينه والفلسطيني اللاعب يقيم في فلسطين ومصلحة الاردن اليوم ان تولد دولته المستقلة وبالتالي لا مبرر للانفصام وبعد الاستقلال الفلسطيني يمكن التحدث عن منتخب للضفتين اذا ما تقررت الوحدة بين الشعبين .
لكن ذلك لا يحتاج لعملية سلام ولا لتطبيع بقدر ما يحتاج لحرب ينتصر فيها الفلسطيني على العدو الصهيوني وبنفس العبارة التي اوردها الراحل الكبير غسان كنفاني في رواية عائد الى حيفا حيث رفض اللاجئ العائد دخول منزله القديم وعندما دعته مغتصبة المنزل الاسرائيلية للدخول بعدما طرق الباب قال بان “ذلك يحتاج لحرب ننتصر فيها عليكم”.
اسرائيل مجددا مشروع غير منجز ولا مستقبل له.
وفلسطين لأهلها الفلسطينيون كما ان الاردن للأردنيين فقط ولا يحتاج الامر للغرق في التأويلات والاسئلة السطحية لان القضية لها علاقة بالمشاعر ولان الوقوف مع النشامى كرويا واخلاقيا ووطنيا واجب طبيعي وانحياز تلقائي لكل اردني بصرف النظر عن مكان ولاده جده.
اما الوقوف مع منتخب الفدائي فهو واجب قومي واخلاقي يزيد بسطر فقط عن مثله مع اي شقيق عربي آخر بحكم الجيرة والتاريخ والواقع .
لا مبرر للانفصام ونقولها بوضوح : مع النشامى في المباراة ضد فريق الفدائي ومع المنتخب الفلسطيني ضد اي فريق آخر يلعب معه باستثناء الاردن .
والاردني لا يكون حقيقيا الا عندما يقف مع اصغر فلسطيني في معركة تحرير فلسطين .
هذه دعوة لنبذ المراوغة واللف والدوران واسقاط الاسئلة المغرقة في الغباء فولاء الناس لا يقاس بمشاعرهم الكروية والعدو فقط يحتفل بالثنائيات ولا يوجد قلب وعين او انف واذن عندما يتعلق الامر بمباراة كرة قدم يوجد فيها الاردن وفلسطين كفريقين بمنتهى الندية .
نشجع النشامى طبعا ونصفق لروح الفدائي الكروي ونتمنى له التوفيق مستقبلا.