اراء و مقالات

مرتكزات «المناورة» في العقبة: اقتسام «الورقة» مع مصر و«التهدئة» مدخل اقتصادي… فضح «اليمين» وإشهار «شريك فلسطيني»

عمان -«القدس العربي»: طبيعي جداً أن يثير انعقاد لقاء العقبة الأمني – السياسي الخماسي جدالاً متزايداً في الحالة النخبوية الأردنية بالتوازي مع التطورات الحادة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث ظهور مقلق لميليشيات المستوطنات في “حوارة – نابلس”، وحيث تساؤلات بالجملة في عمان عن مقدار التزام حكومة اليمين الإسرائيلي بما تقرر ووافق عليه ممثلوها في اجتماع العقبة، في الوقت الذي نشرت فيه المزيد من الآراء التي تؤكد عدم وجود “سردية رسمية” أردنية بخصوص لقاء العقبة المثير للجدل، حيث انضم للملاحظين علناً هنا الوزير الأسبق للثقافة الناشط البحثي والسياسي الدكتور محمد أبو رمان.
تلك نقاشات تعيد ملف العقبة الأخير إلى المربع الأول عبر سؤال “لماذا عقدت القمة الأمنية؟”، وهو سؤال اجتهدت “القدس العربي” في محاولة تحصيل “إجابة رسمية” عليه. في التفسير والتصور الرسمي الأردني أربعة مرتكزات قيل إنها الأساس في تبرير أهمية لقاء العقبة.
والقناعة هنا بدت راسخة بأن هذا اللقاء شكل مدخلاً لعودة الأردن إلى طاولة الفعل والورقة الفلسطينية، وهذه المرة انطلاقاً من حرصه على متابعة مصالح الدولة الأردنية الأساسية والبقاء في أقرب مقعد مؤثر على طاولة مزدحمة وغامضة من حيث النتائج والتداعيات.

عودة التأثير الأردني

دور اعتبره مراقبون تأسيساً لمصلحة مباشرة في عمان يبقيها في دائرة التأثير بعدما ساهمت اتفاقيات المسار الإبراهيمي في عزل الأردن تقريباً جغرافياً وسياسياً عن مسارات التأثير في القضية الفلسطينية، في الوقت الذي شكلت فيه ووفقاً للتفسير الرسمي اجتماعات ومشاورات العقبة أساساً لعودة التأثير الأردني في هذا السياق بالرغم من وجود فواتير وكلف ناتجة بالضرورة على استعادة التأثير ولو عبر “اقتسام” قدر من نفوذ التحضير والاشتباك مع الحليف المصري.
وهنا يبرز المرتكز الأول في تبرير وتفسير اجتماعات العقبة التي تميزت بغياب اي رؤية شعبية تساندها أو حتى تفهمها، مع أن الرواية التي تخص هذه الاجتماعات تأخرت لا بل فوجئ بها الجمهور الأردني، مما تسبب بإثارة المزيد من الجدل حول مسارات التكيف وأخطارها، وأيضاً حول مآلات التعامل مع الأطباق الساخنة وفي وقت متأخر.
في كل حال، عودة الأردن إلى دائرة الفعل وتمكنه من عقد اجتماع لم تتمكن من عقده إلى العديد من الأطراف خلال السنوات الخمس الماضية، ينظر له سياسيون كإنجاز بحد ذاته؛ فلقاء العقبة دخل في أدبيات المجتمع الدولي الآن وأيده علناً الرئيس الأمريكي جو بايدن، وأصبح أساساً لمراجعة موقف كل الأطراف في بيانات مؤسسات دولية فاعلة جداً وأساسية، من بينها الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأمريكية.
والمعنى أن لقاء العقبة وبصرف النظر عن إلزامية توصياته ونتائجه، أصبح من المراجع السياسية التي يمكن القول إن الجميع يتحدث عنها الآن، وهنا حصل الأردن على المكسب الدبلوماسي والسياسي الأساسي، حسب وجهة النظر الرسمية.
لكن المرتكز الآخر لا يستند إلى البقاء على الطاولة والتأسيس للأدبيات باسم لقاء العقبة فقط، بل يميل إلى التحدث عن تثبيت برنامج “التهدئة” باعتباره جزءاً أساسياً من منظومة المصالح الذاتية الأردنية في المرحلة اللاحقة، خصوصاً على صعيد العديد من مشاريع التنمية الاستراتيجية الاقتصادية.
القناعة في عمان واردة تماماً بأن الانطلاق نحو مشاريع اقتصادية إقليمية ضخمة منتظرة يراهن عليها الاقتصاد الأردني، يتطلب تفعيل وتثبيت التهدئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأي شكل من الأشكال. وفي الوقت الذي يشكل فيه ضعف مؤسسات السلطة الفلسطينية حالياً المهمة أو العقبة الأساسية أمام برنامج التهدئة، يرى الأردنيون بأن الفرصة متاحة للضغط على حكومة اليمين الإسرائيلي بوضع إطار أو بروتوكول خاص تحت عنوان استعادة التهدئة والثقة.
واستعاده الثقة وفقاً للوزير السابق الدكتور محمد المومني، هي أساس الحراك الأردني النشط في هذا المجال، وتثبيت برنامج التهدئة بدوره غير ممكن بدون ما يسمى في العرف الدولي إجراءات استعادة الثقة. وحسب المومني، على الاقل ثمة إجراءات اليوم وضعت واتفق عليها. ولها قيمة معنوية ويمكن الرجوع إليها من قبل المؤسسات الفاعلة في المجتمع الدولي تحت عنوان إجراءات استعادة الثقة.
وفي المرتكزين الثالث والرابع حديث مباشر عن العودة لمشاركة المصريين في الجلوس على طاولة التأثير، ليس على أساس إعادة بناء الثقة في مؤسسات السلطة الفلسطينية ومساعدتها باعتبارها تمثل الشرعية الفلسطينية من وجهة نظر الأردن ومصر فقط، ولكن على أساس القناعة بأن الضغط عبر الأمريكيين على حكومة اليمين الإسرائيلي هو عنصر الحراك الأنشط والأفضل في هذه المرحلة بدلا من البقاء في حالة استقبال فقط لما يقرره اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو.

«مناورة تكتيكية»

لذا، يطلق ساسة أردنيون اسم “مناورة تكتيكية” على المرحلة الثالثة في المكاسب المفترضة للقاءات قمة العقبة. وهنا حصراً يبرز المكسب الرابع، وهو ذلك الذي يشير إلى أن العالم يستطيع أن يعلم الآن من هو الطرف الموتور والمتوتر، ومن هو الطرف الذي يدفع الأمور باتجاه التأزيم في المشهد الفلسطيني، وهو الجناح المتطرف واليميني جداً والعنيف في حكومة بنيامين نتنياهو، والمصر على “عدم وجود شريك فلسطيني”.
وما قيل للجميع في العقبة التركيز على “وجود شريك” يمكن مساعدته باسم السلطة الفلسطينية. لهذا، ثمة حديث عن فضح ممارسات حكومة اليمين الإسرائيلي عبر بروتوكول العقبة بعد الآن، وانكشاف ظهر هذه الحكومة اليمينية في حال الإخفاق في إحداث التأثير فيها أو عبرها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى