الأردن: تحذير من “تجنيس” بدو سوريا والعراق وسيناريو “تغيير وزاري”
يلتقط الرمز الأبرز للتيار والتحالف المدني في الأردن وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، ما هو فارق في لحظة مواتية ليعبر علنا عن انطباعه بأن حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز صديقه السابق أخفقت عمليا وفي طريقها للمغادرة، مع إشارة غامضة عن احتمالات قوية لتشكيل وزارة جديدة في الأردن.
لا يبدو الحديث عن تغيير وزاري في الأردن بصورة خاطفة وسريعة جديا وعميقا. لكن القناعة تزداد داخل أوساط النخب والصالونات الأردنية بأن إشارات من الصعب تجاهلها بدأت تبرز وتولد على أساس خريطة نخبوية جديدة واحتمالات تغيير في الطواقم.
بدأت القصة مع التغيير الحاصل في المستشارية العشائرية في القصر الملكي حيث أصبح الوزير السابق والبرلماني المخضرم والمسيس سعد هايل السرور، رئيسا لهذه المستشارية ضمن خطة وآلية موضوعة للانفتاح بلهجة عصرية أكثر ومختلفة مع الجسد العشائري.
اختيار السرور هنا لم يعجب الوزير الأسبق للعمل أمجد هزاع المجالي، الذي ظهر اسمه موقعا على بيان لجنة المتابعة الوطنية الحراكية معتبرا أن تعيين السرور مرفوض مع الإيحاء بأن وجود هذه الشخصية في موقع متقدم له علاقة بالتواصل مع البنية العشائرية، أمر يوحي ضمنيا بأن سياسات ما سماه البيان بـ”التجنيس لصالح أبناء قبائل بدوية من سوريا والعراق قد بدأ”.
مثل هذا الارتياب الذي يبالغ في تسجيله نجل رئيس الوزراء الأسبق هزاع المجالي، باسم حراك المتقاعدين كان محورا عمليا لتواتر الحديث عن تغييرات وشيكة إضافية في الأطقم والوظائف العليا قد تصل في النهاية إذا ما استرسلت إلى الشواطئ التي يستقر عليها الرئيس الرزاز.
في المقابل بدأت تتسرب الأنباء التي تتحدث عن احتمالات الاستعانة بأسماء أخرى في المرحلة المقبلة من بينها وزير الداخلية الأسبق عوض خليفات، وشخصية مخضرمة دوليا يمثلها وزير الخارجية الأسبق عبد الاله الخطيب.
قد تمثل تلك الأسماء مجرد محاولة تكهن لا أكثر ولا أقل. لكن بالتوازي يشعر المقربون المعنيون بحصول مستجدات من الصعب تجاهلها توحي ضمنيا بأن الأرضية التي يقف عليها الرزاز وحكومته لم تعد صلبة وثابتة خصوصا بعد الجدل الذي أثارته ملفات وقضايا من نوع تحقيقات التبغ ومطيع وقانون الضريبة وتعيينات الأشقاء النواب. والانطباع يتواصل هنا بأن الخلافات داخل أركان وزارة الرزاز تطفو على السطح أكثر مما ينبغي. وبأن الكيمياء بين الرزاز ونائبه الدكتور رجائي المعشر لم تعد نشطة وفعالة وكذلك الكيمياء بين مقر رئاسة الوزراء ومسؤولين بارزين في مكتب الملك لا يستطيعون الاجتهاد في البعد الشخصي حسب الأصول والتقاليد.
كل ذلك في الواقع يبرز في نطاق معطيات التحليل بالتلازم مع سيناريو جديد يتحدث عن تغييرات أشمل وأعمق في هيكل الدولة قريبا وعن أجندة بدأت تطرح عمليا باستحقاق له علاقة بقرار حاسم يخص ملف قانون الانتخاب.
يعني ذلك بالتوازي أن غرفة القرار تنشغل وتتعمق في قراءة سيناريوهات متعددة. وبأن هذا الانشغال سيقود الجميع عاجلا أم آجلا إلى نقاشات حيوية لها علاقة بسيناريو انتخابات مبكرة وبما يتردد عن تجربة انتخابية وبرلمانية جديدة تبعد قطاع التجار والمقاولات عن مستويات التمثيل البرلماني في ضغط له علاقة هذه المرة بما يتحدث عنه ويخطط له دبلوماسيون وسفراء غربيون.
الوقوف على استحقاقات من هذا النوع يعني الاندفاع نحو هيكلية جديدة وقد يعني في غضون أسابيع تغييرات في مناصب عليا لها علاقة بمراكز قرار سيادي. وفي حال الاسترسال في هذا الترتيب، من المرجح أن تصبح خيارات التغيير الوزاري واردة.
وفي الاتجاه المعاكس لحكومة التيار المدني برئاسة الرزاز وهي الحكومة التي لم تفعل شيئا محددا لصالح تمتين مشاريع تمدين الدولة أو الخطاب وفقا لما يمكن فهمه من ملاحظات الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الأسبق والرمز المؤسس في التحالف المدني الذي رخصته كحزب سياسي هذه المرة حكومة الرزاز نفسها.
هوامش المناورة والمبادرة للبقاء طويلا في ظل أزمة معيشية واقتصادية طاحنة وخيارات إقليمية غير حاسمة أمام رئيس من صنف الرزاز خيارات صعبة ومعقدة.
يعلم الجميع ذلك ومن المرجح أن الرزاز يستعد له.
لكن السؤال يبقى عالقا حول التوقيت الذي ستنطلق فيه مجددا صافرة القرار والحكم لترتيب استعراض نخبوي جديد … متى ومع من؟ هنا السؤال.