الأردن: شباب يسيرون أياما من أقصى جنوب المملكة إلى عمّان من أجل وظائف حكومية
اختار رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز أن يتحدث بطريقة غريبة وغير مفهومة تماماً مع كتلة الشباب المتحركين مشياً على الأقدام من العقبة، أقصى جنوب البلاد، إلى العاصمة عمان، بحثاً عن “وظيفة”، عندما أبلغ الجميع بأن الحكومة لا تستطيع “توفير وظائف خلف المكاتب”.
الإيحاء واضح هنا بأن المعلومة في غرفة الحكومة تؤشر على أن حراك المتعطلين عن العمل الذي تزايدت فرصته وحصيلته من المشاهد الدرامية خلال ساعات قليلة يشترط وظائف في القطاع العام وليس القطاع الخاص.
جزء كبير من المعلقين على منصات التواصل أظهروا عدم تعاطفهم مع حراك المتعطلين عن العمل لأنهم يشترطون الحصول على وظائف في القطاع العام، لكن المتحدثين باسم المعنيين لم يصدر عنهم ما يؤكد أو ينفي هذه التسريبات، الأمر الذي قدم مساهمة فعالة في حرمان العاطلين عن العمل المتحركين من الأطراف من الزخم الشعبي.
وفقاً للناشط والإعلامي إسلام صوالحة، رفض بعض المتحركين مشياً على الأقدام، من العقبة إلى عمان العاصمة، عروض العمل في القطاع الخاص ويصرون على القطاع العام.
بالمقابل، تتوسع مساحة الدراما ويضع عضو البرلمان الأسبق والإعلامي البارز، جميل النمري، صورة من فيلم سينمائي مع عنوان إيحائي يتحدث عن “زحف الموتى الأحياء”، ولا يجد بالتوازي رئيس الحكومة وسيلة لإصدار أي تعليق أو موقف يعالج ما يجري على الطريق الصحراوي. ولا يوفد من وزرائه أيضاً أو مسؤولي الحكومة من يتحسس الموقف أو يتحدث إلى مجموعات الشباب التي تحتشد باسم الأطراف ويحركها الجوع والأمل بوظيفة، بالرغم من أن كرة هذا النمط من الحراك تتدحرج وبدأت تطال مبادرات مماثلة في خمس محافظات على الأقل، حسب تطورات الأحداث.
وتمتل البطالة مشكلة رئيسية لاقتصاد الأردن. وتشير الإحصاءات إلى أنها وصلت لأكثر من 18 في المئة خلال الربع الثالث من 2018، بزيادة طفيفة عن نفس الفترة من العام السابق.
من الواضح أن المتحركين يزيدون من سعة الضجيج على الطريق الصحراوي، حيث ينهار المتعطلون عن العمل على جوانب الطريق الدولي عطشاً وتعباً، مع التهديد بين الحين والآخر بإعاقة العمل والحركة على أهم الطرق الدولية.
ومن الأوضح أن الحكومة لا يوجد لديها ما تقدمه أو تقوله لهؤلاء، خصوصاً وأن الفكرة بدت مغرية وجاذبة للأضواء، ويحرض عليها نشطاء عمان عبر دعوة الاشتباك جماهيرياً معاً أمام بوابة الديوان الملكي في العاصمة للمطالبة بوظائف، مع أن الملك خارج البلاد، والقصة عند الحكومة وليس القصر الملكي، وقد وصل المحتجون إلى الديوان الملكي في عمان الخميس والتقوا بأمين عام الديوان الملكي حسن العيسوي، خارج الديوان حيث وعدهم بوظائف في القطاع العام.
ثمة طبعاً في الجوار من ينصح القادمين من المحافظات تحت عنوان البحث عن وظيفة في العاصمة عمان، بتنفيذ سيناريو التحام جماهيري مع الحراكيين في منطقة الدوار الرابع في قلب العاصمة، لإضفاء زخم على المشهد وإجبار السلطة ورموزها على التوقف والتأمل والانتباه، ولاحقاً التصرف.
لافت جداً في السياق أن هذا النمط من الزحف لا يطالب بإسقاط النهج كما يفعل حراك الدوار الرابع، ولا يجد نفسه معنياً بالمطالبة بالإصلاح السياسي، أو بقطع العلاقات مع إسرائيل، أو بالحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية، بل حصرياً يبحث عن “وظيفة ” يقول الرزاز إنها “خلف المكاتب”، ويتردد أنها حصرية بالقطاع العام الذي تقر الحكومة بأنه يعاني أصلاً من موظفي الحمولة الزائدة، وبصورة دفعت باتجاه قانون الضريبة الجديد.
ولافت أيضاً أن الرزاز امتدح، خلال مناقشة مع مجموعة شباب من المرجح أنهم نشطاء في التيارات المدنية، أي آلية عاقلة تستقطب في توظيف الطاقات الشابة.
في الواقع، لمح الخطاب الملكي مرات عدة مؤخراً إلى ضرورة تمكين الشباب والرهان على أجيال المستقبل لبناء الأردن الجديد، كما وضع وزير الشباب محمد أبو رمان سيناريو متكاملاً في هذا السياق وسط إشارات إلى أن الجيل الحاكم لمسار الأمور حالياً ينبغي أن يغيب ويفسح المجال أمام طاقات شابة.
يقال هذا الكلام في اجتماعات يستضيفها الديوان الملكي. ويقال في أقنية رئيس الوزراء الرزاز ووزارة الشباب: رغم ذلك، آخر ثلاثة تعيينات في مواقع عليا طالت “شباباً” بعمر لا يقل عن 75 سنة، حسب متابعة منصات التواصل التي نشرت صورة ملونة لنحو ست شخصيات على الأقل بين الـ 75 و80 تمارس وظيفتها وعملها في مواقع متقدمة حالياً.