الأردن: وزراء الرزاز بأي وادٍ يهيمون؟
ثمة ضمن المحاصصة وبين أبناء العشائر والمحافظات من هم أكثر كفاءة بكثير من المختارين الآن بدلاً من الوقوف على محطة السؤال القديم نفسه: بأي وادٍ نهيم
أطلق الفاضل وزير الزراعة في الأردن إبراهيم حجاحجة عبارة غامضة تماما عندما تحدث عن «إنجازات في قطاع الزراعة لم تحققها دول كبرى في العالم».
سأل الجمهور عشرات المرات وزيره المختص بالزراعة والبيئة عما إذا كان يستطيع ذكر «إنجاز واحد» من هذا الصنف حتى نضع كأردنيين «العود في عين الحسود».
تنتمي تلك العبارة إلى الزمن الغابر حين كان الوزراء بقصد رفع معنويات الشعب يطلقون كلاما غير محدد وظيفته فقط رفع المعنويات والإيحاء بأنهم مبدعون رغم ان معظمهم قادته المحاصصة البغيضة إلى الموقع الوزاري.
لا يمكن لمثل هذه العبارة أن تنتمي للقاموس الذي يستعمله رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ولا لمشروع حكومة النهضة ولا للجيل الحالي الذي يحلب النملة ويسأل عن البيضة ويدقق بكل التفاصيل.
مثل هذه التصريحات على الأرجح هي التي أوصلت الشعب الأردني لأزمته المستعصية الحالية.
لا يمكن لعاقل أن ينكر عشرات الانجازات للدولة الاردنية بما فيها إنجازات فعلية في ملف الزراعة لكن ليس في عهد الوزير الحالي ولا الذي قبله بسنوات.
شخصياً لا أجد تفسيراً لإصرار بعض الوزراء على «التجمل الوطني» إلى هذا المستوى.
الأهم أن إطلاق العبارات الغامضة حجة العجز الوزاري عمليا فصاحبنا بالحالة الزراعية لم يحدد أي إنجاز ولم يحدد ايضاً أي دولة من تلك التي يقارن بها وكأنه يطلق «حزورة رمضان» فعلى المواطنين التأمل والتفكير والوصول إلى استنتاجات.
الاخطر في الواقع أن المزارع الاردني في آخر عامين وصل إلى حد الإفلاس.
أعرف العديد من كبار المزارعين وأستمع لألم الصغار منهم، فالقطاع الزراعي شبه انتهى وفي غيبوبة الموت..الانتاج في أسوأ أحواله ومبادرات التسويق ذابت والقروض استهلكت المزارعين وأسعار الخضروات والفاكهة في العلالي والتصدير في الحد الادنى تماما أما التكنولوجيا الزراعية فحدث ولا حرج.
لو كان ثمة إنجاز تحقق فعلاً بالمستوى العالمي لما شاهدنا مئات المزارعين يبيتون على بوابات البرلمان في عمان العاصمة في حالة اعتصام تطلبت قوات الدرك عدة مرات وفي عهد الحكومة الحالية.
البلد مصنف في أدنى القائمة بالحصاد المائي والجفاف والاغوار تئن وكبار المزارعين اغلقوا مزارعهم والاسعار في الاسواق نار والبيض لم ينخفض سعره، ولم نقرأ عن اختراع بيطري أردني، والسعودية مع العراق يعيدان بالجملة صادرات أردنية لأسباب سياسية، والجوع طرق فعلاً باب صغار المزارعين وكبارهم يتحولون إلى باعة متجولين أو تجار سوبرماركت.
وسعر حبة البندورة في سورية التي تعيش حرباً من ثماني سنوات أرخص بكثير مع قطف العنب منه في عمان…أين الإنجاز؟.. عن ماذا يتحدث صاحبنا؟.
طبعا تلك المشكلات المستعصية ليست مسؤولية الوزير الحالي فالرجل في القصر من أمس العصر ولأسباب لها علاقة بتمثيل محافظته.
نسأل الوزير نحن بدورنا ومع كل التقدير لصفتيه المناطقية والشخصية: لماذا اكتشفت أصلاً بأنه ينبغي التحدث بهذه العمومية الآن عن إنجازات يشعر المزارع قبل المواطن بعكسها تماما؟.
لا أرى دافعا مقنعا او منطقيا فكونك وزيراً في الحالة الاردنية ينبغي أن تقول شيئاً مثيراً بين الحين والآخر وبدون سبب أحياناً.
فعل شيء مماثل وزير المالية مؤخراً عندما هاجم السجائر الإلكترونية لأنها تسببت بنقص وصل إلى 90 مليون دينار في أول خمسة أشهر من عمر الميزانية.
«أبو الارقام والحسابات» وزير تقني يسمح له ما لا يسمح لغيره وغرائب وعجائب وزراء المالية متعددة بتراث الحكايات الوزارية الاردنية.
لكن وزير العمل الشاب المتحمس الجديد نضال بطاينة فرحنا له وصفقنا عندما اقترح على الاصدقاء والمعارف والاقارب التبرع للفقراء بثمن الورد والازهار بدلاً من التكلف لأغراض تهنئته.
وزير العمل قرر الاسبوع الماضي فجأة ممارسة حقه كمواطن وحضور إحدى حفلات تخرج جامعة اليرموك وكانت الخطوة لطيفة لولا أن الوزير هاجم رئيس الجامعة وطاقمها لأن الحفل بدأ قبل وصوله.
الجامعة وهي هيئة مستقلة بكل حال أعلنت بأن حفل التخرج لم يكن برعاية «معالي الوزير السريع» حتى يتم تأخيره أصلاً لصالحه.
حصلت مشكلة استدركت بالطريقة الاردنية لاحقاً.
يبدو لي احياناً بأن وزير العمل الجديد «أسرع من الباص السريع» في كل شيء ومستعجل جداً.
شعرة يتيمة قد تفصل بين «الحماس والتهور».
لا يحق لأي وزير أن يتصرف مع أي رئيس جامعة بهذه الطريقة.
وجهاً لوجه قلت للرزاز شخصيا في جلسة خاصة بأن بعض وزرائه مستعجلون وعليه ضبطهم وليس بالضرورة أن يفتي جميع الوزراء على الناس وبإمكان الطاقم الصمت وترك المهمة للناطق الرسمي.
رد الرجل في الواقع كان أكثر غرابة فقد تجاهل الملاحظة تماما ودافع فقط عن خياراته الوزارية وعلى أساس اننا جميعا «نحن وهو ورموز التيار المدني ودعاة الاصلاح» لا نشكل أكثر من 2 في المئة بالمجتمع.
تعليقنا بسيط: ثمة ضمن المحاصصة وبين أبناء العشائر والمحافظات من هم أكثر كفاءة بكثير من المختارين الآن بدلاً من الوقوف على محطة السؤال القديم نفسه: بأي وادٍ نهيم؟