الأردن يتجول بين الألغام ويستفتي «الديمقراطيين» ونصيحة كيري تتكرر: لا تشعروا بالرعب… «ماطلوهم»
يظهر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جون كيري، مجدداً وسياسياً في عمق السؤال الأردني وهو يقدم للمرة الثانية نصيحته الفنية تحت عنوان أفضل صيغة للإفلات من مطبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطاقمه.
كيري العجوز أحد أصدقاء عمان، وأعاد أمام الأردنيين مؤخراً نغمته التي ذكرها لهم مع نهاية العام الماضي.
نصيحة كيري مجدداً للأردنيين بكلمة واحدة.. «ماطلوهم».
الإشارة مباشرة هنا إلى طاقم الرئيس ترامب، والسقف الزمني للممطالة التي يقترحها كيري تتمثل في تجاوز بداية العام الجديد إلى شهر فبراير/شباط، حيث تبدأ أول مواجهات الانتخابات الرئاسية في نسختها الجديدة في ولاية آيوا.
وسمعت «القدس العربي» مرتين على الأقل، وفي موقعين للقرار في الأردن، تفصيلة الزمان والمكان. وبعد البحث والتحري والتدقيق، يبدو أن الحكومة الأردنية قد لا تملك خياراً مفتوحاً عندما يتعلق الأمر بملاعبة الأمريكيين في البيت الأبيض خارج سياق تشخيصات جون كيري، باعتباره من الأصدقاء الأوفياء، كما يوصف في الأردن لعملية السلام ولخيار حل الدولتين.
وتعتمد أوساط السياسة الأردنية صيغة كيري التي تقول باختصار إن فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة للمرة الثانية في انتخابات إسرائيل المكررة في أيلول يمنح كل من يعارض ما يسميه بـ»حماقات إدارة ترامب» فرصة لإرجاء حملة العلاقات العامة التي تتخذ صيغة صفقة القرن.
ويقترح كيري هنا أيضاً بأن حكومة إسرائيل الجديدة قد لا تركب على السكة قبل بدايات شهر نوفمبر، معتبراً أن أي مجاملة يمكن أن تقدمها الإدارة الأمريكية الحالية لليمين الإسرائيلي كهدايا مجانية بعد شهر نوفمبر بهدف خلق أمر واقع، لا يمكن تسويقها بأي حال على أساس أنها خطة سلام. وبالتالي، طلب كيري من الأردنيين والفلسطينيين أن «لا يشعروا بالرعب» إذا ما تقدم ترامب بهدايا جديدة لليمين الإسرائيلي تعبث بالواقع، حتى إذا ما وصل الأمر إلى إصدار وثيقة من ترامب تقر بضم مناطق «سي» بالضفة الغربية أو تعترف بضم المستوطنات.
مثل تلك المواقف أو الوثائق، في تقدير كيري، «لا قيمة لها»؛ ليس فقط لأنها لا تمثل خطة أو عملية سلام، ولكن لأن شرعيتها منقوصة وتتحول إلى أوراق غير خطرة إذا ما أخفق ترامب في العودة رئيساً للمرة الثانية.
و في الأثناء، المجموعة الناشطة مع كيري التي تفتح خطوطاً مع عمان ورام الله وحتى القاهرة، وبوقت مبكر باسم الحزب الديمقراطي الأمريكي ونشطائه، تصر على أن نجم الرئيس ترامب سيغيب بالتأكيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة. حتى في عمق القرار بالعاصمة عمان، ثمة من يحذر من الإغراق في الرهان على نظرية كيري في إخفاق مؤكد بعودة الرئيس ترامب وطاقمه، فقد جربت المؤسسة الأردنية في الانتخابات الرئاسية السابقة رهاناً خاسراً عندما وضعت بيضها في سلة هيلاري كلينتون.
في كل حال، وفي اجتماع سيادي، تقرر بأن الشريك الأردني لا يخسر شيئاً بكل حال، وهو مضطر لتمني أن يغيب ترامب عن المشهد، وبما أن العلاقة مع طاقمه لا تنتج إلا توتيراً وتأزيماً، ولا تنطوي على أية مكاسب تقرر التواصل مع الديمقراطيين مجدداً وفقاً للصيغة التي تقول بأن صفقة القرن وتوابعها تأجلت إلى إشعار آخر، بحكم الواقع الموضوعي الذي فرضته معطيات، من بينها فشل مؤتمر البحرين الواضح وإخفاق نتنياهو بتشكيل حكومة.
و قال الملك عبد الله الثاني ذلك، بوضوح وعلناً، في أحد اللقاءات، واحتفى الإعلام الرسمي الأردني قبل أيام بالخبر الذي يقول ضمنياً بأن المستشار جاريد كوشنر نعى عملياً، مؤخراً، مؤتمر البحرين وأعلن بأن المؤسسات الفلسطينية أفشلته. والخصم الوحيد لمنطق التحسب الأردني والفلسطيني اليوم هو مكاتب السفارة الأمريكية في القدس المحتلة ومقر سفارة واشنطن في العاصمة عمان، حيث تدار الثانية بحكم الواقع الدبلوماسي من قبل السفير الأمريكي في تل أبيب، الذي أغضب الأردنيين مؤخراً جداً عندما حمل معولاً وشارك في عملية هدم أسفار تحت بلدة سلوان في القدس. والسفير ديفيد فريدمان وممثلته في سفارة واشنطن في عمان، ينشطان جداً في الأثناء باتجاهين؛ الأول هو تحذير الأردنيين من الرهان مجدداً على الديمقراطيين، وتعميم نص تصريحات كوشنر بخصوص تقييم نتائج مؤتمر البحرين مع نفي أنه فشل.
وتبدو إدارة المصالح الأردنية هنا عملية معقدة في ظل الحصار الذي يمارسه الطاقم ترامب وكوشنر على النوافذ الأردنية، خصوصاً بعد إقصاء موظفين كبيرين من دوائر القرار الأردنية قبل ثلاثة أشهر بشكل مفاجئ، تردد أنهما بالغا قليلاً في تقمص ونقل رواية طاقم ترامب والجمهوريين.
وفي كل حال، الأردن يقفز بين الألغام مثل السلطة الفلسطينية. لذلك، تم تنشيط حلقة التواصل مع مؤسسات الحزب الديمقراطي الأمريكي. ولذلك أيضاً، تكررت وعادت للواجهة نصيحة العجوز كيري، في الوقت الذي يقدم فيه السفير فريدمان وفريقه تعبيراً عن سياسة العصا والجزرة عبر توقيع مذكرة مساعدات اقتصادية للأردن مؤخراً بقيمة 300 مليون دولار.