الرزاز يلقي قنبلة جديدة: “الفقر في المملكة يرتفع” وتسجيلات”بؤس” الباحثين عن وظائف على رصيف القصر على الهواء مباشرة
لا يجد رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز وسيلة لمعالجة الصداع المتواصل للأسبوع الثالث على التوالي، بعنوان المتعطلين عن العمل من أبناء مدينة معان، إلا رمي قنبلة سياسية واجتماعية جديدة في حضن البرلمان بعنوان “الفقر في المملكة يرتفع وينمو”.
هوجمت تحت قبة البرلمان مجددا وزيرة الاتصال الناطق الرسمي ومن جهة عضو البرلمان أنصاف الخوالدة، لأنها أظهرت تعاطفا مع ثلاثة شبان تم إلغاء تعيينهم برواتب كبيرة الأسبوع الماضي في قضية عرفت بأسماء الشبان الثلاثة وهم “لانا وزيد وفيصل”.
بالنسبة للخوالدة، كان الأجدى بالناطق الرسمي باسم الحكومة أن تظهر أي محاولة للتعاطف مع العشرات من أبناء مدينة معان المضربين عن الطعام، والذين ينامون على الأرصفة منذ 16 يوما على بوابات الديوان الملكي بحثا عن وظائف.
بالنسبة للوزيرة غنيمات، فإن الحكومة تتحرك في مسألة البطالة ضمن منهجية وخطة شاملة، بعد التزامها بتوفير 30 ألف فرصة عمل، وبالتالي قد لا تسمح الظروف بالقفز نحو الاهتمام الجزئي.
لكن استمرار وجود متعطلين عن العمل من ابناء مدينة معان أمام القصور الملكية في عمّان العاصمة، يبدو أنه دخل في حيز التجاذب بين مراكز القوى في الحكومة والدولة أيضا، وبدا كالمشهد الذي يزيد النزيف اجتماعيا وينتج إعلاما مناكفا للحكومة بصفة يومية تقريبا.
مباشرة بعد إعلان المعتصمين من الباحثين عن وظائف إضرابهم عن الطعام أمس الأول، تضامن بعض أبناء منطقتهم وعشائرهم، فأغلقوا فجر الاحد الطريق الصحراوي الدولي بالإطارات والآليات قبل أن تتدخل قوات الدرك لإعادة فتح الطريق.
لافت جدا أن أبناء معان النائمون على أرصفة الديوان الملكي لم يحظَ أي منهم بالرعاية التي حظي بها أبناء مدينة العقبة عندما استقبلهم في مشهد شهير رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي، في الوقت الذي لا تبادر فيه الحكومة أو أي طرف رسمي بالتحدث معهم، خصوصا وأنهم يبثون المزيد من تسجيلات البؤس على الرصيف وسط البرد والمطر والسيول وبصفة يومية لإظهار قضيتهم أكثر بعدما ضجرت من المشهد أيضا قوة الدرك التي تؤمن محيطهم.
بكل الأحوال، يعكس المشهد سعي الحكومة ضمنيا لأن تترك لطاقم الديوان الملكي مساحة التصرف مع المتعطلين من أبناء معان وبصورة تظهر تحفظها اصلا على عدم التشاور معها عندما أطلقت الوعود لأبناء مدينة العقبة، رغم أن أعضاء في مجلس الوزراء أبلغوا “القدس العربي” بأن مشكلة المتعطلين عن العمل في المحافظات تنحصر في أنهم يرفضون تدبير وظائف لهم في القطاع الخاص، ويصرون على الحصول على وظيفة في قطاعي البوتاس والفوسفات حصريا، أو على وظيفة إدارية فقط في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وهو ما لا تستطيع الحكومة تدبيره.
تنطلق تلك الرغبة في تحصيل وظائف في شركتي البوتاس والفوسفات من باب الإحساس القديم لأبناء الجنوب بأن مناطقهم هي الأفقر ونسبة البطالة فيها كبيرة رغم ان الجنوب فيه ثروة الأردن تحديدا من معادن الفوسفات والبوتاس.
يبدو الجدل هنا بيزنطياً، فأبناء الجنوب يطالبون ضمنيا بحصتهم من التنمية، والتعبير عن هذه المطالبة يمضي بلغة تصعيدية بين الحين والآخر، ودخول رئيس الديوان الملكي على الخط أربك الحكومة، في الوقت الذي شتم فيه وزير العمل عندما زار البادية الجنوبية ورفض اهالي معان استقبال وفد حكومي خطط للتحدث معهم بشأن التوظيف المحتمل.
وسط هذه الظروف الملتبسة، يصعد رئيس الوزراء بمفاجآته التي تضيف على الجرح النازف ملحا سياسيا، وهو يتحدث ردا على استفسارات من النائب الدكتورة ديمة طهبوب عن اتساع ملحوظ في قواعد الفقر في الأردن، حيث زاد عدد الفقراء، واعدا بأن تنشر الحكومة قريبا كل بيانات وأرقام حزمة الفقر والفقراء.
قبل ذلك كانت الوزيرة غنيمات قد أقرت أمام “القدس العربي” وعبرها بأن البيانات المتعلقة بالشرائح الاجتماعية والقدرات المعيشية لطبقات المجتمع موروثة عن حكومات سابقة، ولم تخضع لعملية تحديث منذ عدة سنوات، ملمحة إلى تجاهل مسؤولين سابقين لضرورة تحديث هذه البيانات حتى توضع الخطط المناسبة.
يفسر ذلك انسجام ما قالته الوزيرة مع مضمون خطاب الرزاز الذي يحاول العمل بصورة علمية عندما يدفع باتجاه تحديث البيانات قبل الافتاء.
لكن حديث الرزاز المتفجر سياسيا بعنوان عدد الفقراء يزيد في المملكة من شأنه أن يمثل رسالة سياسية تستعين بالرأي العام والجمهور، وتحاول بناء مصداقية لخطاب الحكومة أمام الشارع في مواجهة مراكز القوى المخاصمة للحكومة وللرزاز وعلى أساس صيغة تلفت فيها الحكومة النظر إلى ضرورة أن تترك لكي تعمل.