القمة العربية: رفض لقرار ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان… والدبلوماسية التونسية تمنع تفجّر الخلافات
تونس ـ «القدس العربي»: أكد البيان الختامي للدورة الثلاثين العادية للقمة العربية أمس الأحد في تونس على رفض القرار الأمريكي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
وذكر البيان أن قرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان باطل مضمونا وشكلا، مشددا على لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وجاء في البيان، الذي تلاه وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أنه من غير المقبول استمرار الوضع الحالي الذي حول المنطقة العربية إلى ساحات صراعات إقليمية ونزاعات مذهبية وملاذات للجماعات الإرهابية.
وأوضح أن المصالحة الوطنية العربية هي نقطة البداية الضرورية لتعزيز مناعة المنطقة العربية.
طالبت بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي… ونددت بالتدخلات الإيرانية… وأكدت مركزية قضية فلسطين
وأكد أن استمرار الخلافات والصراعات في المنطقة ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات العربية وإضعاف التضامن وأتاح التدخل في شؤون المنطقة، مطالبا بتعزيز العمل العربي المشترك .
كما طالب البيان بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وفق مبدأ الأرض مقابل السلام، وألمح إلى أهمية السلام الشامل كخيار عربي وفق مبادرة السلام العربية.
وأكد مجدداً على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين. وشدد بيان القمة العربية أيضا على رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية.
وشدد على أهمية العمل على التوصل إلى تسويات لأزمات سوريا وليبيا والحفاظ على وحدة أراضي العراق، واستقرار لبنان وتنمية الصومال.
وأدان البيان استهداف الأراضي السعودية بصواريخ الحوثيين، مشددا على أن أمن السعودية جزء من الأمن العربي.
والواضح أن القمة التي انعقدت ظهر الأحد في تونس العاصمة، لم تكن في طريقها لـ«قرارات» أو حتى «توصيات» تاريخية على مستوى الحدث، خصوصاً بعدما سيطر الخلاف على الخطوة الحكيمة التالية بعد «قضم الجولان والقدس»، وسيطر كالشبح السياسي على مجمل ترتيبات وزراء الخارجية، ولاحقاً على القاعة الرئيسية التي يجتمع فيها الزعماء أو من تيسر منهم.
كل المؤشرات الأولية وقبل اعتماد البيان الختامي وإعلان تونس، مساء الأحد، كانت تؤشر على أن القمة تنطبق عليها معايير القول الشعبي الدارج: «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم».
هنا ببساطة يمكن القول بأن الجزء المعني بأن «لا يموت الذئب» له علاقة بالحركة التي دبت في جثمان دول محور الاعتدال التي انقسمت على نفسها الآن ضمن محورين يجلس الأردني والمغربي بوضوح في محور، ويتسامر المصري والإماراتي والسعودي في المحور المقابل.
أما الجزء المتعلق بأن «لا تفنى الغنم» فمرده دبلوماسية الدولة المضيفة ورغبتها في أن لا تتفجر الخلافات بين الأشقاء العرب بالحد الأدنى إذا كان الوصول إلى توافقات مناسبة لتحديات المرحلة «غير متاح».
وسط هذا النمط من التمحور أصلاً انعقدت قمة تونس وتفاعلت تحضيراتها وسط الحد الأدنى من المفاجآت، حتى كان انخفاض التمثيل الإماراتي مثلاً دليلاً مؤثراً على أن المحور السعودي، وتجنباً للإحراج، يقول ضمنياً للقمة بضرورة التنازل عن فكرة التوافق في هذه المرحلة، والأهم التراجع عن أي أفكار يمكن أن تراود العاهل الأردني، وسبق أن ألمح لها عن تفعيل آليات «إصلاح ذات البين»، بمعنى عودة التنسيق بين أطراف نادي دول منظومة الخليج العربي، والعودة للتنسيق ما بين المشرق والمغرب.
عملياً، حصل الأردن على ما يريده من جزئية «التنسيق بين الغرب والشرق» العربيين عبر البيان المتخصص بملف القدس، والذي لا يمكن للجزائر وفلسطين ولبنان والعراق أن تعاكسه في الاتجاه هذه المرة، أو على الأقل حظيت عمان بالموقع المتصدر عندما يتعلق الأمر بـ«ضم القدس» والإصرار على أن لا يحسمها الجانب الأمريكي وفقاً لمسارات «وعد ترامب» الشهير.
بكل حال، ما سعت إليه تونس خلف الستارة والكواليس دوماً هو «احتواء أي خلافات» وعدم تصعيدها، والجهد مساء السبت وحتى فجر الأحد كان واضحاً في الإشارة إلى بيان ختامي متوازن يمنح جميع الدول العربية المتشنجة والقلقة والمعتدلة ما يريدها، في الوقت الذي تفسخت فيه وحدة ما يسمى بدول معسكر الاعتدال العربي عملياً بعد احتجاب مصر وأجندة السلطة الفلسطينية والموقف التصعيدي للأردن والمغرب.
لكن انتقال الفعالية من أجل التوافق على عدم الاختلاف استهلك الطاقة لصالح عدم صدور بيانات أو قرارات واقعية، حيث أصر وزير الخارجية المصري سامح شكري، حتى مساء السبت، على ضرورة الانتباه للتعامل مع «الوقائع» وفقاً لمعادلة كان يقول فيها بأن الفشل في التوافق والاعتدال سيؤدي إلى مزيد من الاحتقانات البينية والمشكلات، محذراً من أي تصعيد بعيد عن «الواقع» وكلفته على الجميع.
طريقة الوزير سامح شكري قد لا تنفع في إعادة إنتاج الوقائع والحقائق، حيث يعتقد بأن قمة تونس ستكرس الانقسام والخلاف، وبالتالي التفسخ في محور الاعتدال المنقسم بدوره الآن إلى مجموعتين، حيث ترقب قطري ذكي متفاعل مع النقاشات، وانتظار وتأييد عن بعد للموقف الأردني التصعيدي من ملف القدس.
وحيث ظهور «صوت الحكمة الكويتي» المعني بالتوافق قدر الإمكان وبدون اتخاذ مواقف متسرعة باتجاه أي ملف أو قضية أو أي دولة شقيقة.
يغيب ثقل القرار العراقي بحضور الرئيس برهم صالح، وحسم صراع التمثيل ورئاسة الوفد لصالحه مع رئيس الوزراء القوي عادل عبد المهدي، وتحضر الجزائر «مهمومة تماماً» ومشغولة بقضيتها وحساباتها، ويخفف «المصري» من زخم المشاركة والمساهمة، ويقتصر النفوذ الخليجي في القمة التي تغيب عنها سوريا بطبيعة الحال، وتتمثل بعلم ومقعد فارغ فقط على «الشقيق الأكبر السعودي» الحاضر منذ أربعة أيام قبل انعقاد القمة في تونس، وبصورة توحي بأن القمة ستكون «سعودية» سياسياً في النهاية، بالرغم من كل الضجيج الذي يحاول المناكفة.
وحده الأمين العام للجامعة العربية يجلس بين المتفارقات، ويسند دوره بخشونة في التفاصيل بالمركز المصري والراعي السعودي مطمئناً، لأن تيار المناكفة العربي سيحصل في أحسن الأحوال على «جزء يسير مما يريد».
وأبو الغيط هنا يكشف عن «حقيقة وجهه» وهو منشغل طوال الوقت في الحديث عن «قرارات الواقع» أو «واقعية القرارات»، مظهراً فائضاً من المجاملة للراعي السعودي والمضيف التونسي، ومتجنباً الإفتاء بحضور أصحاب القرار، وتاركاً غالبية القرارات في نصوصها الأولى ورقياً إلى «الأخوة القادة وما يقررونه»