تحديات” الدبلوماسية” الأردنية: العلاقات مع بن سلمان “شبه مقطوعة” ومع دمشق “مقيدة” ومع العراق وقطر مرتبكة
طبيعي ومنطقي سياسيا أن يفترض الخبراء ومعهم الخبثاء أيضا أن المستشار الجديد لملك الأردن الدكتور بشر الخصاونة هو البديل المرجح في المستقبل القريب لوزير الخارجية النشط والديناميكي الحالي أيمن الصفدي.
في المقابل علاقات الزمالة بين الصفدي والدكتور السفير والدبلوماسي المحنك الخصاونة إيجابية.
لكن تلك الإيجابية لا تمنع التفكير في سيناريو يحتمل تبديل الحقائب والمواقع مستقبلا إذا ما تقررت مغادرة الصفدي وهو جندي من رموز الدولة لأي موقع بديل مستقبلا.
الندرة المعتادة في عدد من يملكون مواصفات تصلح لتولي وزارة الخارجية خصوصا بعد مغادرة المخضرم ناصر جودة لهذا الموقع منذ عدة أعوام، تفرض ايقاعا يتطلب توفير بدائل لعدة أسباب قد يكون من بينها التنويع في البوصلة السياسية أو انحياز رئيس الوزراء لصالح خيار آخر في موقع الخارجية بعد تمكين وتثبيت أقدام حكومته.
في كل حال لا تبدو مغادرة الصفدي قريبة أو وشيكة وان كان الجدل قد طرح حول تعيين سفيرة امرأة في موقعه لاحقا. لكن مثل هذا النقاش النخبوي المألوف يحصل في الأردن في العادة ويحصل الآن في مواجهة الهوس الإعلامي والنخبوي في تبرير الأسباب التي تدفع باتجاه تعيين الخصاونة مستشارا خاصا في القصر الملكي تحديدا بعد أيام قليلة فقط من تقديمه أوراق الاعتماد كسفير لبلاده لدى الرئيس الفرنسي.
قضى الخصاونة عدة أسابيع فقط بعد ما كان وزيرا للشؤون الخارجية لفترة محدودة سفيرا في باريس.
لكن خطة إعادة الهيكلة أعادته إلى عمان في موقع استشاري متقدم يشارك فيه فيما يبدو أربعة مستشارين كبار في ديوان الملك ومكتبه.
الأهم ان الخصاونة كلف بالتنسيق والاتصال وعندما استفسرت “القدس العربي” تبين أن الملف الدبلوماسي وملف الشؤون الخارجية ضمن صلاحياته، الأمر الذي يعني ضمنيا أن وزيرا ديناميكيا ونشطا للغاية من وزن الصفدي لم يعد منفردا في هذه المساحة مع وجود خبرة في السلك الدبلوماسي تسبق بعقدين على الأقل خبرة الوزير نفسه في موقع متقدم بالقرب من صانع القرار.
الخصاونة وظيفيا بهذا المعنى سيلعب دور الفلتر وطبيعة المهام المناطة به بعيدة عن الحكومة أو عابرة لها.
لكن أجندة التراتبية هنا ستتضح أكثر في الأيام القليلة المقبلة خصوصا وأن خريطة القيادات وبعد توزيع الملفات وترسيم الصلاحيات لمشروع إعادة الهيكلة في الديوان الملكي لم تتضح ملامحها النهائية بعد في الوقت الذي يبدو فيه الدكتور بشر الخصاونة متقدما في الخبرة على الأقل عن ثلاثة موظفين برتبة المستشار الخاص في مؤسسة القصر.
يفترض ان تعقب هذا التراتب اتجاهات دبلوماسية وسياسية مختلفة والايقاع الأساسي محكوم بمصالح الدولة العليا في ظل ضعف دورها الإقليمي وانكشاف بعض التحالفات القديمة على آفاق مسدودة.
تعيين الخصاونة سبقه بعض الإيحاءات المتعلقة بالتنويع السياسي والدبلوماسي، فالعلاقات مع العهد الجديد في السعودية أبعد ما تكون عن أي نطاق استراتيجي عميق. والعلاقات مع مصر بطيئة ويفترض أن ينعشها الخصاونة باعتبار أنه كان سفيرا سابقا في القاهرة أيضا. أما العلاقات مع العراق فمفتوحة اليوم على احتمالات جديدة ومع سوريا المجاورة مكبلة بقيود التجارة التي تفرضها لصالح إسرائيل هنا الملحقية التجارية في السفارة الأمريكية في عمان ضمن واحدة من تداعيات الموقف الدبلوماسي الأردني المحرج حيث نقلت القنصل الأمريكي في إسرائيل إلى موقع متقدم في سفارة واشنطن في عمان.
وحيث تصر واشنطن على عدم تسمية سفير في الأردن وهي صيغة قانونية تعني ضمنيا أن المسؤول في الخارجية الأمريكية عن ملف الأردن هو حصريا السفير الأمريكي في إسرائيل والذي يعتبره الأردنيون رابع شخص في الإدارة الأمريكية مناصر بقوة لإسرائيل على حساب مصالح الأردن والفلسطينيين.
السفير الأمريكي في تل أبيب مسؤول إداريا عن سفارة بلاده في عمان وهو وضع يربك الخارجية الأردنية لأنه انتهى عمليا بإصرار الملحقية التجارية على حظر النشاط التجاري بين الأردن وسوريا لصالح خدمات في الباطن لها علاقة بميناء حيفا الإسرائيلي.
وهو أيضا وضع أربك السلك الدبلوماسي الأردني ولم يعالجه بوضوح أداء الوزير الصفدي في الوقت الذي تقول فيه بوصلة الدبلوماسية الأردنية أن التقارب مع تركيا والتواصل مع قطر والاستمرار في إعلان عدم العداء تجاه إيران من المحطات المفتوحة والتي يمكن الاستثمار فيها أردنيا حتى وان كان استثمارا مقيدا وبطيئا.