جلسة عاصفة في البرلمان الأردني تم رفعها بعد أن تخللها صياح وفوضى وشتائم
سجل رئيس مجلس النواب الأردني “سابقة” هي الأولى من نوعها في التحريض والتوصيف عندما اتهم زميلاً له بأنه “مدسوس وعنصري”، خلال جلسة عاصفة لمجلس النواب تم رفعها وإعادة عقدها، وتخللها صياح وفوضى وشتائم ومزايدات.
رئيس البرلمان الأردني يعتبر زميله محمد هديب “مدسوسا وعنصريا”… بعد قوله إن “الوصاية تحتضر والشعب الفلسطيني وحيد”
وأبلغ النائب محمد هديب “القدس العربي”، مباشرة بعد الجلسة الصاخبة، أنه لن يقبل تلك الأوصاف والاتهامات التي أطلقها عليه رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة علناً وتحت القبة. وأفاد هديب بأنه يدرس مع محاميه إمكانية اللجوء للقضاء بعد الاتهامات الخطيرة التي وجهها الطراونة له وبدون وجه حق.
وتوترت على نحو أثار استياء الرأي العام الأردني الجلسة التي كانت قد عقدت بشكل طارئ تحت عنوان حماية القدس والوصاية الأردنية، بعد قرار محكمة إسرائيلية بإغلاق باب الرحمة، وهو أحد الأبواب الرئيسية لجوار المسجد الأقصى، وتقع ولايته ضمن صلاحيات الأوقاف الأردنية.
وفاجأ الطراونة خلال الجلسة، جميع الأوساط باتهام علني لزميله هديب بأنه “مندس وصاحب فتنة” في القضية الفلسطينية، واعتبره عنصرياً، مع أن مداخلة هديب كانت تتعلق ببقاء الشعب الفلسطيني وحيداً في مواجهة “صفقة القرن”.
أسس الطراونة فيما يبدو اتهاماته النادرة بالعادة على اعتبار أن هديب يشكك بالموقف الأردني، وهو ما نفاه الأخير عندما تحدث لـ”القدس العربي” جملة وتفصيلاً.
في الأثناء، قرر الطراونة إحالة هديب إلى لجنة تحقيق، وطلب من المجلس مواجهة الفتنة التي يمثلها الأخير، علماً بأنه يمثل محافظة جرش شمال الأردن، وحصل على أعلى الأصوات فيها في الانتخابات الأخيرة.
ولأول مرة تبرز مثل هذه الاتهامات الخطيرة بين نواب الأردن، ووجهة نظر طراونة أن هديب لجأ إلى التعميم وهو ينتقد مواقف الدول العربية والإسلامية وبصورة تشوه الموقف الأردني.
لكن هديب رد على هذا الاتهام بالإشارة إلى أن مسؤولياته لا علاقة لها بما فهمه رئيس مجلس النواب، لأن مداخلته كانت واضحة، وتحدث كعضو في البرلمان الأردني، ولأن من حقه الحديث، مرجحاً أن تكون هجمة الطراونة عليه مرتبطة بخلافات شخصية وليس بنقاشات ملف القدس أو اختلافات سياسية وموضوعية.
وخلال الجلسة الصاخبة، حصلت مشاجرة بين هديب وعضو مجلس النواب خالد فناطسة، الذي ظهر وهو يصيح مطالباً بطرد زميله هديب من القبة ومهدداً بضربه، في الوقت الذي ألقى فيه هديب زجاجة مياه باتجاه الفناطسة قبل ولادة مشروع مشاجرة، خرج بعدها هديب من الجلسة قبل رفعها ثم إعادة عقدها احتراماً للملف الذي يبحث.
العلاقة بين رئيس المجلس والنائب هديب كانت متوترة أصلاً على منحى شخصي؛ فالثاني درج أخيراً على انتقاد أداء رئاسة المجلس في المنبر التواصلي المخصص للنواب، وهو أمر لم يعجب الطراونة.
بكل حال، تضمنت تفسيرات الطراونة وبعض النواب لما حصل، الإشارة إلى تلميحات مسيئة بحق الوطن صدرت عن هديب عندما ألمح للبعد المالي في صفقة القرن وهو تلميح أكد هديب أن وطنه الأردني ليس المقصود به.
وكان هديب قد ألقى مداخلة نارية ألهبت المناخ عندما خاطب الشعب الفلسطيني قائلاً: “أنتم وحدكم، ولا نصير لكم، ولا أحد معكم”.
هديب، وفي المداخلة نفسها، تحدث عن خطورة “صفقة القرن” التي أنجز 90% منها، وأشار إلى أن الوصاية الهاشمية تحتضر بحكم الاعتداء الإسرائيلي. وقال إن الحكومة الأردنية والبرلمان لا يستطيعان فعل شيء.
وصنفت هذه الطروحات باعتبارها مسيئة للموقف الرسمي الأردني من ملف القدس، وهو ما يؤكد هديب عدم صحته لا من قريب ولا من بعيد، مما دفعه لرفض سحب ما قاله بعدما منحه الطراونة فرصة الاعتذار وقبل أن يقرر تحويله إلى التحقيق.
يذكر أن دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.
كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994).