«صديقي لافروف» وتفكيك «مخيم الركبان»… روسيا تهمس في أذن الأردن: «لا نثق كثيراً في النظام السوري مثلكم»
يعود الأردني مجدداً للوكيل الروسي ويستقبل وزير الخارجية سيرغي لافروف، في محاولة لإقناعه بالضغط مجدداً من أجل تخليص منطقة الحدود مع سوريا من مخيم الركبان الصحراوي الذي أصبح منتجاً للهواجس الأمنية الأردنية ليس فقط بسبب وجود معلومات عن بنية إرهابية يمكن أن تخترق هذا المخيم الكبير. ولكن أيضاً لأن الأردن بدأ يشعر مؤخراً بتقلص قنوات التنسيق الأمني مع النظام السوري، وذلك رداً، فيما يبدو، على الامتثال البيروقراطي لتعليمات السفارة الأمريكية في عمان، التي حظرت على القطاع التجاري الأردني تماماً، وبكلمة حاسمة، الانفتاح شمالاً باتجاه سورية على التبادل التجاري والنقل باستثناء المواد الغذائية، مع منع توريد مواد أساسية أو استراتيجية، مثل مشتقات النفط، إلى الداخل السوري.
يستقبل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لافروف مجدداً. ولإضفاء طابع سياسي وودي يعيد مخاطبته بصفة «صديقي لافروف».
اللاجئ السوري يعود «ببطء» لبلاده و17% فقط من المال الموعود وصل
يبحث الطرفان تفكيك مخيم الركبان وما تبقى أو علق من خلايا تنظيم داعش، فيتقدم وزير الإعلام الأسبق، سميح المعايطة، في مقال يتحدث فيه عن سيناريو تفكيك مخيم الزعتري الضخم أيضاً، حيث أكثر من 100 ألف لاجئ سوري تلاحظ السلطات الأردنية أنهم يعودون ببطء شديد إلى بلادهم بعد التنسيق الأمني الثلاثي مع موسكو ودمشق قبل أكثر من عام فيما سمي بخطة وسيناريو خفض التوتر في الجنوب السوري. ويعرض مساعدون للوزير الصفدي «للصديق» لافروف حيثيات ووقائع يقولون إنها تظهر بأن الحكومة السورية غير معنية بالتعاون وتسهيل إجراءات عودة مواطنيها إلى بلادهم، خصوصاً بعد إعادة افتتاح معبر نصيب برعاية روسية عسكرية وسياسية.
في الأثناء، تصدر الحكومة الأردنية تقريرها الذي يتحدث عن 17% فقط من حصة الدعم التي وصلت تحت عنوان رعاية اللجوء السوري، وبمعنى أن 83% من المال الموعود والمرصود لم يصل، وهذا الأمر لا يزال يشكل عبئاً كبيراً على الخزينة الأردنية، كما فهمت «القدس العربي» مباشرة من وزير الداخلية سمير المبيضين.
في مقايسات الوزير الصفدي، لا يزال خفض التصعيد في جنوب سوريا قصة نجاح تؤشر على مستوى التفاعل والتواصل بين عمان وموسكو، حيث دور كبير-كما سمعت منه «القدس العربي» سابقاً- للقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية ليس على نطاق حماية الحدود فقط ولكن أيضاً على نطاق المساهمة في حماية الوضع الأمني في الجنوب السوري. ولا أحد في المقابل يعرف بصورة محددة مقاصد وأهداف زيارة لافروف السياسية. لكن عمان تريد تجديد الانطباع في الوقت الذي تبادلت فيه رسائل سلبية جداً مع النظام السوري بأن مشاوراتها تتواصل مع الغطاء والمقاول الروسي، حيث خطوة مهمة وكبيرة وأساسية لاحقاً بعنوان تفكيك مخيم الركبان، وحيث تذكير لموسكو بضعف تجاوب دمشق مع المتفق عليه عبر روسيا بعد إعادة افتتاح معبر نصيب.
تلتقط المجسات الأردنية، على هامش الاجتماعات التنسيقية، انطباعاً في غاية الأهمية يقول فيه أحد أركان السفارة الروسية في عمان من نشطاء غرفة التنسيق المشتركة بأن موسكو لديها مشكلات أيضاً كبيرة مع النظام السوري وبأن روسيا لا تثق كثيراً بما تقوله الأجهزة السورية. والأهم أن موسكو لا تظهر الاهتمام الكبير في معالجة مشكلة المشتقات النفطية التي تتسبب باضطراب شديد في الداخل السوري.
تلك لهجة روسية مستجدة على الأذن الأردنية، لكن مردها في التشخيص والتحليل خلافات باطنية متعددة لها علاقة مرة بالنفوذ الإيراني المتزايد، وبعدم وجود جهة مركزية محددة في دمشق للتفاهم معها، وبعدم الحاجة عند الروس للاصطدام مباشرة مع الإدارة الأمريكية حتى بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل.
وبمعنى آخر، يتذمر الأردني، ويلاحظ على النظام السوري، ويفعل ذلك مع شريكه في العباءة الروسية، فتكتشف غرفة القرار الأردنية بأن موسكو أيضاً لديها ملاحظات ومشكلات مع النظام السوري ولا ترغب بالتفريط في الانفتاح الأردني عليها.
في المقابل تماماً، تتذمر دمشق أيضاً، في آخر رسائلها غير العلنية لمركز القرار الأردني، من غموض بعض الأجندات الروسية، معتبرة أن موقف موسكو من أزمة المشتقات النفطية مثلاً مسألة نتج عنها بعض الإرباك وإعادة الحسابات التحالفية، في الوقت الذي تبلغ فيه شخصية سورية رفيعة المستوى مبعوثاً أردنياً حاول التوسط بأن إيران «زوجة قوية وشرسة شريكة في الفراش لا محالة، ومن الصعب التخلص منها» مع التأشير على أن موسكو لا تظهر مرونة إزاء هذا الواقع ولا تساعد دمشق في الاحـتواء.
ويتعذر السوري خلف الستارة للأردني عن رفع رسوم تجارة الترانزيت على المعبر بوجود أزمة سيولة ونقد.
ويتحدث خلف الستارة نفسها عن أزمة متفاقمة جداً ومعقدة تحت عنوان المشتقات النفطية، ثم يفرج عن ثمانية أردنيين من أصل 30 اعتقلوا واحتجت على اعتقالهم وزارة الخارجية الأردنية رسمياً في الوقت الذي تزداد فيه أطر العلاقات والاتصالات تعقيداً. وهو ما ظهر بكل حال جلياً بعد توقف الصديق لافروف على المحطة الأردنية.