«فول» الزول في «جرة الحاخام» و«الشطة» قرب «النشامى»: «شعوذة إبراهيمية» والطلاسم في عهدة «العرين وجنين»
وضع الأكاديمي الأردني الدكتور عدنان بدران يده أو أصبعه على الجرح التلفزيوني والإعلامي ـ الوطني، تماما عندما استذكر ما حصل معه، حين كان رئيسا للوزراء عام 2015 وسمع عبر قناة «الجزيرة» عن تفجيرات إرهابية طالت فنادق العاصمة عمان.
بدران، ووفقا للإقرارات، التي تقدم بها بين يدي برنامج «نيران صديقة» للمذيع هاني البدري وفي تلفزيون «عمان تي في» اتجه منفردا إلى مقر تلك التفجيرات التي جرحت الأردنيين وخدشت أمنهم واتصل بإدارة التلفزيون التابع للحكومة لكي يسال عن أسباب عدم تغطية الخبر.
قيلت لرئيس الحكومة آنذاك العبارة الساحرة الشهيرة: «دولة الرئيس حتى الآن لا توجد تعليمات»!
طبعا، بنزاهة العلماء تصرف الرجل على أساس أنه «رئيس الحكومة»، وبالتالي هو «مصدر التعليمات»، مع أن القاصي والداني يعرف أن الحقيقة مختلفة، فالحكومة «آخر من يعلم أو يقرر» عندما يتعلق الأمر بأذرع الإعلام الرسمية، التي تهالك معظمها اليوم.
ذلك تماما الجرح، الذي كنا نتحدث عنه طوال سنوات.
رفع السقف ولو قليلا
التلفزيون الرسمي لديه إمكانات هائلة وكوادره لا أحد يزاود عليهم، مهنيا وفنيا، وكل المطلوب إنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، ومن تراثه ورفع مستوى السقف المهني في التغطية والمتابعة والتحليل والبرامج والأخبار، ثم تخفيف عدد الآباء والأوصياء.
فقط يا قوم، إرفعوا السقف قليلا حتى يتمكن المبدعون من زملائنا في التلفزيون والإذاعة الرسمية من تقديم ما لديهم في خدمة الوطن والمواطن. ليس أكثر من رفع السقف قليلا وبطريقة منهجية وضمن سياق الثوابت والمصالح العليا.
وضع الدكتور بدران أصبعه، ببساطته المعهودة في الجرح تماما ولعب بمداخلة تلفزيونية بريئة للغاية دور «رشة الملح»، التي تؤذي قليلا، لكنها تعقم الخدش.
يومها- وأقصد تفجيرات فنادق عمان الإرهابية -أرسلت امرأة أخفقت في تفجير نفسها مع «أشرطة مسجلة»، ولولا «الرقيب الفني المستيقظ وقتها في مقر التلفزيون» آنذاك لكان بث تلك الاعترافات المسجلة «فضيحة مهنية مجلجلة».
بلاش ترفعوا السقف. فقط اسدلوا الستائر عند التعاطي مع الإعلام الرسمي.
«بتوع الإبراهيميات»
ما علينا، الجرح مفتوح في الكاميرا القومية أيضا.
في تغطية قناة «الجزيرة» للحدث الفلسطيني تفاصيل بالجملة، بعضها موجع وبعضها الآخر مؤلم، وكلها مريرة.
زيارة الوزير الأمريكي بلينكن فقط استدعت ثلاثة برامج حوارية على الأقل في «الجزيرة»، لوحدها.
وأحد المتداخلين اختصرها من الآخر، وهو يشخص: «بلينكن ووزراء الخارجية العرب المتحمسون وظيفتهم إنزال نتنياهو عن الشجرة».
الأخوة «بتوع الإبراهيميان» ما غيرهم منشغلون تماما اليوم بـ»حل معضلة إسرائيل الأمنية في نابلس وجنين» – وعلى طريقة النوم الأمني على فراش واحد مع الإعلام الرسمي في الأردن – يسعى القوم لإنجاز ذلك، وبسرعة قياسية، ودون حتى أدنى التزام من نتنياهو وطاقمه الإرهابي بتجميد مشروع «تسليح ميليشيات المستوطنين».
على هامش تغطية في محطة «سي إن إن» قرأت أن أحدهم «يتغزل» بسمعة «ودور الأردن» في «السلام والاستقرار الإقليمي»، وشعرت فجأة برغبة في تذكير المحطة الأمريكية أن إتيمار بن غفير وصحبه اللئام، ومن والاهم، هم الذين يهددون الإقليم أمنيا، وليس «شباب كتيبة جنين وعرين الأسود»، الذين طرد الاحتلال أجدادهم وقرر ملاحقتهم في الشتات بعد 75 عاما.
وفي ما يخص «النشامى» – بارك ألله فيهم ولهم وحماهم والوطن – لا بد من نصيحتهم عبر تذكيرهم أن «التنظيمات الفلسطينية المقاومة» صاحبة الحق المشروع في العمل المسلح، ليس أقل من «حبة طماطم ملتهبة جدا» أو «شطة» لا مصلحة لنا كأردنيين إطلاقا ولا تحت أي مسوغ بلمسها أو تذوقها.
نرجو من العرب جميعا أن يبتعدوا عن طريق شباب العرين والمقاومة في جنين ونابلس.
«الفول السوداني»
لا توجد محطة تلفزيون أمريكية أو أوروبية إلا وبثت الخبر الطازج، فيما كانت «القناة 12» الإسرائيلية تعيد وتكرر نشر نفس الصورة «الجنرال السوداني البرهان بنياشينه ورتبه يستقبل الفتى الأبرص الأشهب، الذي يحمل وظيفة وزير خارجية الكيان في حكومة متطرفة للغاية».
الخرطوم، التي لا يوجد فيها إلا شارع واحد تقريبا أو شارعين فيهما خلطات إسفلتية حتى الآن ويخوض جنرالاتها حربا ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان تهرول للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، مع كل التنكر لدماء شهداء الكتيبة السودانية التي حاربت في سيناء وقطاع غزة.
شخصيا، لا أعرف ما الذي سيفعله كيان محتل مؤقت بكل هذا السلام من العربان، بمختلف مكوناتهم.
وطبعا أخفقت في إيجاد، ولو ميزة واحدة ستخدم السودان المرهق بانقساماته وجوعه وتجارة الذهب والعاج جراء وضع كميات هائلة من «الفول السوداني» في «جرة الحاخامات»، الكيان الذي بدأ قادته أنفسهم يشككون بمستقبله.
«الزول» لديه «وجهة نظر» ويرى ما لا نراه.
وأجزم أن مسارعة أنظمة الاستبداد للارتماء في أحضان إسرائيل «عبء جديد» على مشروع بلا مستقبل و «ينازع»، وفقد حجابه في بيت «الشعوذة الإبراهيمية»، التي يتكفل بطلاسمها شباب جنين والعرين.