كواليس “البرلماني العربي”: ثنائية “طراونه – الغانم” ومناكفة الخط السعودي المصري وأجندة لصالح حماس
وجد رئيس مجلس النواب الاردني عاطف طراونه في نظيره الكويتي مرزوق الغانم حليفا صلبا خلال اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي التي استضافها الاول وانتهت أعمالها رسميا صباح الثلاثاء في العاصمة عمان خصوصا عندما تعلق الأمر بالسعي للحد من اندفاع “التطبيع” على مقياس مؤتمر وارسو.
الأردن “يجد مصالحه” بين دول “الممانعة” بحذر
طراونه وعشية تحضيراته للاجتماعات التي استقطبت أضواء الإعلام، أبلغ الجهات المرجعية في بلاده بالأجندة التي سيتحرك بموجبها خصوصا في التعاطي مع ملف توصيات وارسو حيث تسريع مجاني في التطبيع بين دول المحور السعودي وبين الكيان الاسرائيلي.
حظي طراونه بـ”ضوء أخضر” من قيادة بلاده لكي يهاجم وبخشونة محاولات التطبيع الناعم بين اليمين الاسرائيلي والمحور السعودي، حيث وقف الوفد المصري وإلى جانبه الاماراتي ومعهما السعودي بوضوح في منطقة “التخفيف من حدة رفض التطبيع”.
تكفل الوفد المصري حصريا بالمناجزة وتقدم بمقترح عندما وصل نقاش البيان الختامي بالحديث عن التطبيع بمقياس مقررات الجامعة العربية التي تغيبت عمليا عن اجتماعات عمان للاتحاد البرلماني العربي.
طراونه وبحكم انه المضيف تصدى للمحاولة المصرية ودفع الأمور في الاجتماع التقييمي الختامي لاقتراح متشدد يقضي بـ”تحريم التطبيع” وعلى أساس أن برلمانات العرب تمثل شعوبها وليس حكوماتها.
نظر رئيس الوفد الأردني حوله فوجد شريكين يدفعان باتجاه المقترح الاردني القاضي برفض كل أشكال التطبيع مع “الاحتلال الاسرائيلي” وعلى أساس أن تلك الطريقة الوحيدة التي يمكن للبرلمانيين العرب أن يدعموا بواسطتها الشعب الفلسطيني.
الشريك الأول وبخطاب “ناري” هو رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم والثاني يمثل البرلمان اللبناني.
قطف تيار “معارضة التطبيع المجاني” العربي الثمرة بتوصية “مناكفة تماما” للاتجاه المصري- السعودي- الاماراتي.
في الاثناء حاول السعوديون تذكير طراونه على المنصة بأن بلاده مشاركة في مقررات مؤتمر وارسو وان عليه تجنب إحراج الانظمة الرسمية.
مستوى الضوء الأخضر الذي حصل عليه طراونه ساهم في تمكينه من المناكفة فأصبح اسمه يتردد مع الكويتي مرزوق الغانم في اليوم التالي كنجمين في سماء تيار ممانعة التطبيع السعودي على المستوى الشعبي.
الشارع الاردني احتفى برئيس الوفد الكويتي الذي التقى المواطنين والفعاليات ولم يكتف بالجانب الرسمي أو البروتوكولي من زيارته
مستوى الإشادة التي حصل عليها طراونة غير مسبوقة على المستوى الشعبي، والشارع الاردني طوال الوقت احتفى برئيس الوفد الكويتي الذي التقى المواطنين والفعاليات ولم يكتف بالجانب الرسمي أو البروتوكولي من زيارته.
حراك الغانم في الاتجاه المشار إليه عكس سياسيا حجم الانزعاج الكويتي المخفي من مناورات ومناولات العهد السعودي الجديد حيث خلافات أعمق وأكبر بكثير مما يعتقده الجميع.
أخفقت المحاولة المصرية تماما وحملت معها في مستوى الإخفاق الوفد السعودي.
قرر طراونه أن المزاج مناسب لإكمال مشواره في الإدلاء بمواقف مضادة لإسرائيل فحشر التوصية في البيان الختامي التي تعتبر التطبيع محرما شعبيا كما قرر تشكيل “لجنة مساع حميدة” مع البرلمان الكويتي لغرض “المصالحة الفلسطينية”.
تكتيك طراونه هنا واضح وهو الحفاظ على مسافة آمنة من التحرك السياسي في عمق الملف الفلسطيني مع زخم مناسب وبحكم انه سيترأس اتحاد البرلمان العربي العام المقبل.
الحديث عن لجنة مصالحة عربية يعني التحدث باسم البرلمان العربي هذه المرة ولأول مرة مع حركة حماس من شخصية أردنية رفيعة المستوى ولاحقا الحديث مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح ثم الاقتراب من العنصرين السوري والايراني على نحو أو آخر.
من الجدير الإشارة هنا إلى أن التحدث ومن شخصيات برلمانية عربية رفيعة تحت بند “المصالحة الفلسطينية” مع قيادات من حركة حماس هو بمثابة خطوة استباقية مهمة جدا لإظهار التباين الاردني الكويتي مع مشروع “مصري سعودي” خلف الستارة يحاول دفع الاجتماع المقبل لوزراء الداخلية العرب في تونس إلى تبني قرار باعتبار حماس وتنظيم الاخوان المسلمين بين المنظمات الإرهابية.
تلك وضعية “تكتيكية” مبرمجة بذكاء تجعل رئيس مجلس نواب الاردن في وضع تفاوضي أفضل وبحضور أقوى اقليميا وبمساحة حركة أفقية هذه المرة فالرجل يستعد لزيادة دمشق وتقارب من نبيه بري وتحالف مع الغانم وسبق أن طلب منه عدم زيارة إيران.
وذلك لا يحصل بالصدفة او بدون “مشاورات” مع مركز القرار الاردني.
الأردن بدأ “يجد مصالحه” الحيوية أكثر في مناكفة الحراك التطبيعي السعودي
لكنه يعني سياسيا وببساطة بأن الأردن بدأ “يجد مصالحه” الحيوية أكثر في مناكفة الحراك التطبيعي السعودي وفي المحور الذي “لا يعادي” تركيا وسوريا ويؤسس مسافة مع فعاليات مؤتمر وارسو ويتقارب مع قطر نسبيا ولم يعد يعارض توجهات الرئيس محمود عباس في مقاطعة مشاريع الرئيس ترامب ولا يقف مع المعسكر التحريضي في الإقليم ضد إيران.
يمكن القول على الاقل إن طراونه وفي سياقات البرلمان العربي تحرك على هذا الأساس وبضوء أخضر مستثمرا في الموقف الملكي الاردني “المتحفظ” على أولوية الصراع مع إيران والرافض للتسارع بالتطبيع المجاني بعيدا عن المبادرة العربية وقبل “دولة فلسطينية”.
هنا حصريا ما يستطيع طراونه فعله وطرحه قد يخضع لمعايير الدبلوماسية عندما يقرر أي مسؤول في الحكومة الاردنية التفاعل معه، فالطراونه بكل الاحوال ممثل للشعب الاردني وليس الحكومة وإن كان لا يستطيع التحرك باتجاهات عميقة بدون ضوء أخضر.