كيف نحرر فلسطين بالفول المدمس وأهداف فريق الوحدات؟… تونس “الأحلى”: انتخابات بين “عمة” وبدلة راقصة
مارس صاحبنا الدكتور بشار الحوامده رئيس نادي الوحدات الأردني لكرة القدم أقصى طاقات “التنفيس” عندما أقلق الدنيا وأشغل الناس بتصريحه الغريب على شاشة برنامج “تنفيس”: كلما سجل الوحدات هدفا أشعر بانه تم تحرير جزء من فلسطين.
يعني لحظات فقط فصلتني بين هذا “التنفيس” عبر شاشة “أي ون” وبين إطلاق زغروتة مع عبارة… “وامعتصماه”.
تنفيس الحوامده لم يقف عن أي حدود على الكاميرا فقد وجه الشاب رسالة إلى “الشعب الوحدات” وكأنه يعلن ضمنيا عن “جمهورية الوحدات المستقلة”.
التصريح إياه “يتنفس” كما لم يحصل من قبل حتى درجة الاختناق.
أعرف الرجل وقابلته عدة مرات فهو واسع الثقافة وخبير استثنائي في الإلكترونيات وشخصية من الطراز الذي يشعرك بالندم عندما تقابله لإنك “لا تقابله كثيرا” وإن كان “قليل الحيلة” والخبرة سياسيا .
لكن مبالغته التنفيسية محرجة ولا معنى لها وتوحي بكمية تنفيس فيها الكثير من البهارات فمخيم الوحدات أكبر دليل على بقاء “احتلال العدو لفلسطين” ولو كانت أهداف كرة القدم تحرر شبرا من الوطن لأصبح جبريل الرجوب مثلا اقرب لصلاح الدين الأيوبي.
أصر على أن الحوامده أفضل بكثير من تصريحه الدرامي الشعبوي المؤذي الذي لا يشبهه.
حسنا أعرف القصة جيدا فسلفه في نفس الموقع أصبح نائبا في البرلمان على أكتاف المهووسين من جمهور النادي العريق والانتخابات على الأبواب.
وأعرف بصورة محددة ما الذي يجري عندما يتعلق الأمر بمخاطبة “غرائز” الجمهور.
الأندية الرياضية خصوصا في بلادنا كانت دوما محطة شحن لكل ما هو غير “رياضي”.
لا استغرب لأن ما يحصل أحيانا يشبه تماما قواعد الرقص الشرقي… “الجمهور عايز كده” مع ما يتطلبه الأمر من “غنج ومغادرة للمألوف”… لعن الله الحملات الانتخابية.
المسألة أشبه بمقال شهير في مطعم هاشم بعنوان “كيف نحرر فلسطين بالفول المدمس”؟ وصاحبنا قرر “يتنفس” فخرم بالون فريقه.
عمة الشيخ مورو وراقصة
أعجبني التتابع والتزامن الخبري على موقع شبكة آر.تي التلفزيونية: في أعلى الصفحة خبر يقول “السعودية تدعو أطراف المعادلة اليمنية لاجتماع طارئ في الرياض”.
وفي الأسفل مع البنط العريض مع مجموعة صور منوعة الراقصة التونسية اللهلوبة “نرمين صفر” ستقدم اوراقها للهيئة المختصة مرشحة لانتخابات رئاسة الجمهورية إلى جانب صديقنا اللاذع الشيخ عبد الفتاح مورو ورفاقه المرشحين.
حتى التلفزيون الفلسطيني الذي “لا يرقص” إلا على ايقاع السلطة والسيد “رئيس الشرعية” اضطر لبث الخبر والتعليق عليه.
جمعني مؤتمر لخمسة ايام مع الشيخ مورو ولفت نظري في حديث ثنائي بيننا كلمات رددها عن “غطاء الرأس” باعتبار ما في الرأس أهم للإسلام والمسلمين ولمستقبل تونس من ما يغطي الرأس.
شيخنا الجليل المتدفق ينتقد من يركز على الشكليات و”القشريات” كما سماها ويؤكد لي شخصيا بأن فتاة لا ترتدي غطاء الرأس والحجاب يمكنها ان تخدم الأمة وتونس، أكثر من أي منقبة يمكن ان تصبح “عالة” على الشعب.
نعود لزميلتنا الراقصة نيرمين صفر واختبار حقيقي لنظرية الشيخ مورو.
اليوم سيتعامل مورو مع حملة انتخابية تنافسه فيها سيدة لا تقف عند حدود عدم تغطية الرأس وعلى إيقاع “تخفيض سعر الخبزة” ومنع الحجاب والسفاري ومنح المرأة ثلثي الميراث مقابل ثلث للرجل كما تقول المرشحة في بيانها الانتخابي.
تلك هي تونس الجميلة المدهشة المتنوعة التي تتقبل كل المتناقضات بصراحة وأعجبني أن أنصار المرشحة الراقصة يطلقون عليها لقب “الاستاذة” وأن شاشة التلفزيون التونسي ستضطر بموجب القانون منح المرشحة صفر فرصة متوازية بالدعاية الانتخابية بنفس حجم حصة الشيخ مورو.
هذه هي تونس الجميلة… عمة قائد فصيح ومتمكن مثل الشيخ مورو تتنافس مع راقصة تؤدي ايقاع النمرة كما يقول محبوها.
عندما يتعاكس اتجاه “المملكة”
دفع الشعب الأردني ما يقارب 100 مليون دولار على الأقل حتى يشاهد في المحصلة مسؤولان احدهما سابق في وزارة الصناعة والتجارة والآخر لاحق يتعاكسان في الاتجاه والموقف وتقديم المعلومة المنقوصة.
هذا حصريا الدرس المستفاد من مشاهدة الحوار الذي لم يكن أصلا حوارا بين حيدر الزبن ويوسف الشمالي، الأول هو مدير سابق لمؤسسة المواصفات تحول إلى “بطل شعبي” لأنه حارب الفساد والثاني باختصار هو الرجل الذي يترأس الأمانة العامة لوزارة الصناعة والتجارة متحملا “نيابة عن قائمة طويلة من الكبار” الغبار المتطاير هنا وهناك.
هذه النسخة الأردنية من “الاتجاه المعاكس” اصبحت زادا لمشاهدين تلفزيون “المملكة” لكن مع “كل الأردنة” المألوفة التي يخرج بعدها المشاهد المسكين حائرا بين “صبحة” وشقيقتها صبحية حيث لا جملة واحدة مفيدة او مكتملة من الضيوف وحيث -وهو الاهم- سياسة الراحل الكبير جمعة حماد باسم “تمزيط الحكي”.
على شاشة “الأردن اليوم” مشروع تقليد لوثائقيات “يسري فوده” طيب الله ثراه…كاميرا تعرض رأسا ثم يقول صوت أجش شيئا عن الفساد ثم صورا لمأذنة المسجد الحسيني وأوراقا مبعثرة على الشاشة و”تسجيلات هاتفية” لأشخاص لم يتم إبلاغهم بالتسجيل، ومراسلة جريئة تطارد الخبر مع كاميرا تقمع ببساطة في بلد لا يحتمل “الكاميرات الحرة”.