معطيات «أمريكية» عن «مصالحة خليجية»… الأردن: تمرين لقوات «تدخل سريع» مع الإمارات و«تقارب» مع قطر
«ثوابت 1»: تمرين لكتيبة عسكرية أردنية تحمل اسم محمد بن زايد
يعني العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الكثير سياسياً وهو يؤكد بأن التمرين العسكري الجديد، الذي حضره بمعية الشيخ محمد بن زايد في أبو ظبي مؤخراً، «رسالة للإقليم والعالم بأننا معاً».
الواقع السياسي يقول بأن أبو ظبي وعمان ليستا في الموقف نفسه تماماً عندما يتعلق الأمر بملفات وقضايا الإقليم الملحة. لكنها بكل حال رسالة ود أردنية تحاول الإيحاء بأن القنوات مع أبو ظبي لا تزال مفتوحة وفعالة، وليست مطابقة للقناة مع مؤسسة ولاية العهد السعودية.
التمرين العسكري حمل اسم «ثوابت 1» وشاركت فيه قوات اللواء الأردني العسكري للقوات الخاصة والتدخل السريع، الذي يحمل اسم ولي عهد أبو ظبي.
توقيت التمرين أيضاً مهم؛ فهو ينعقد في ظل ترتيبات مؤتمر البحرين وما يسمى صفقة القرن، وبدون مشاركة قوات مصرية، وفي ظل ازدحام المناخ بالحديث عن «أزمة صامتة» في العلاقات الأردنية الإماراتية يرد عليها ملك الأردن بالقول بأن التمرين المشترك رسالة بأن البلدين معاً وفي الصف نفسه في مواجهة التحديات.
طموح الإماراتيين بتأسيس تواجد استراتيجي عسكري وسياسي وجغرافي في حوض البحر الأحمر لا يمكن إسقاطه من الحسابات، وتسيير شؤون ملف العلاقات الأردنية السعودية المتوترة أصبح من الوظائف الخلفية التي تقدمها أبو ظبي وسط الإيحاء بأن التمارين العسكرية المشتركة بلا أجندة احتياجات عسكرية فعلية بقدر ما هي مرتبطة بإطار سياسي، خصوصاً وأن الأردن في موقف مختلف مع الإمارات إزاء أزمة اليمن، والأهم إزاء تداعيات صفقة القرن.
بكل حال، بقاء العلاقات مع أبو ظبي في أفضل وضع ممكن كان دوماً إستراتيجية عمل أردنية، كما يلاحظ وزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد المومني.
الجديد في الموضوع أن عمان تحتفظ بخلافاتها مع أطراف المحور السعودي، خصوصاً في الرياض والمنامة، وتحديداً بمسار القضية الفلسطينية، لكن علاقاتها العسكرية تتطور بدولة الإمارات في الوقت الذي تستعد فيه المملكة لإطلاق مناخ متباين تماماً يستعيد العلاقات مع دولة قطر التي تحاصرها الإمارات.
الأردن يريد دبلوماسياً العودة إلى تلك الحالة التاريخية التي كان يستطيع بموجبها التحدث في أي وقت مع كل الأطراف، بما في ذلك الأطراف المتصادم بعضها مع بعض. ولدى عمان معطيات ومؤشرات أمريكية تتحدث عن قرب وضع الخلاف داخل النادي الخليجي العربي على الطاولة والمحك بمجرد الانتهاء من المؤتمر الاحتفالي الإعلامي أمام الكاميرات في البحرين. ولدى غرفة القرار الأردني ما يوحي بأن مصالحة خليجية حاسمة قد تترتب قريباً.
لذلك، تحتفل قيادة البلدان في أبو ظبي وعمان بالتمرين العسكري المشترك مع قوات التدخل السريع، ويمتلئ المناخ برسائل أردنية تعكس التوافق والعمل المشترك في سياق الرد على أنباء وتسريبات كانت تتهم أبو ظبي برعاية نشاطات معارضة أو تأزيمية في الساحة الأردنية، وهو ما لم يثبت بكل الأحوال خارج نطاق التسريبات الأمنية والشائعات التي يروجها معارضون أردنيون بالخارج. ومن هنا، تصريحات العاهل الأردني في أبوظبي أمس الأول تعزز الثقة بالذات وبأبو ظبي، وتسعى للإشارة إلى أن الأردن معني بتجاوز أي خلاف من أي نوع حصل فعلاً أو افترضت أطراف أنه قد يحصل للتطلع إلى المستقبل.
القيادة الأردنية تحدثت مرات عدة عن «ضغوط من الخارج» عليها، لكن لم تصدر أي إشارة من أي مسؤول أردني تربط أبوظبي بهذه الضغوط.
بكل حال، التمرين العسكري الذي يحمل اسم «ثوابت-1» محاولة لإعادة التوازن للعلاقات السياسية قبل أي اعتبار عسكري آخر، حيث لا واجبات مشتركة عسكرياً، ولا برامج تعاون قوية خارج النطاق الاستشاري، ولا أعمال في الميادين بالخارج بعد التعاون الكبير في ليبيا قبل سنوات عدة. ومثل هذا التوازن بالتالي مهم ومؤثر؛ لأنه يساعد الأردن في تفكيك مشاركته بالحصار على قطر. وهنا لفت الأنظار إلى أن العاهل الأردني سافر إلى أبو ظبي في الوقت نفسه الذي تحدث فيه معارضون في الخارج بشائعات عن «أزمة حادة تتطور مع الإمارات».
وكذلك في التوقيت نفسه الذي تتهندس فيه عودة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وقطر في رسالة موازية تقول فيها عمان بأنها ضاقت ذرعاً بمغامرات المحور السعودي وضغوطاته في كل الاتجاه.
الخطوة اللاحقة بعد مشاركة ملك الأردن لمحمد بن زايد في رعاية تدريب الثوابت العسكري قد تبرز خلال ساعات على شكل قفزة كبيرة في العلاقات الأردنية القطرية، يعود بموجبها سفير الدوحة إلى مقر عمله في عمان، وتوافق فيه الدوحة بدورها على تنسيب أردني بتعيين الأمين العام لوزارة الخارجية زيد اللوزي سفيراً لعمان في دولة قطر.
مجدداً، الأردن يريد العودة إلى قواعد اللعبة المتعلقة بعلاقات دبلوماسية متوازنة مع جميع المتخاصمين. لكن ثمة خلية هندسة أمريكية تعمل بالتوازي مع الحلفاء والأصدقاء في منطقتي الشرق الأوسط والخليج العربي.