هيئة عليا لـ«الأندية الليلة» في الأردن حرب «مكابرة» بين السعودية والحوثيين وفي السودان كمين عسكري للمدنيين
صعب فهم بعض الحوادث الأمنية، التي حصلت مؤخرا في العاصمة الأردنية عمان، بدون العودة لما ينتجه الأمريكيون وتبثه فضائية «أكشن أم بي سي» يوميا، حيث منتحلة لرداء «مومس» تصفع عابرا وبلطجي يطلق الرصاص على آخر وعنصر أمني محتقن يحاور زملاء له بالرصاص المنفلت.
ما فعلته محطة «رؤيا» الأردنية أنها حاولت التعامل «إخباريا»، وبدون تحليل واستقصاء، مع سلسلة «أكشن محلية» تكاد تشبه في موسميتها موضة «السطو على البنوك».
يغرق الجميع في أسوأ كابوس محتمل يضطر حتى قناة «الجزيرة» للتحدث عن العنف في شوارع العاصمة عمان.
الأخطر «تسرب» التقارير الأمنية والصور من داخل مراكز الأمن للعامة.
في الأثناء يقولها رجل أمن سابق هو محمد الخطيب بصرخة قوية: اغلقوا النوادي الليلية، فيما يضيف وزير سابق على الطبق المعجون بالبؤس بهارات مقرفة وهو يتحدث عن النوادي الليلية: «أصبحت دولة داخل الدولة»، في الوقت الذي توسع فيه النبأ الأكثر إثارة «الملهى الليلي الذي ضبطت به شبكة دعارة أجنبية يملكه أحد النواب».
أراهن أن غالبية أهالي العاصمة عمان وأكثر من نصف الشعب الأردني لا يعلمون أصلا بوجود «أندية ليلية مرخصة» في بلدهم… من أين يتسرب كل هذا الرعب في أوصال الأردنيين والسلطة في حالة «صمت القبور»؟!
تعليق الموسم كان ذلك الذي يقترح «تأسيس هيئة مستقلة لأندية الليل».
يمكن تمجيد تلك الدعاية اللطيفة، التي تقول على شاشة «أم بي سي مصر»: «مش أد الأكشن ما تأكشنهاش! عمان تبين أنها «أد الأكشن.»
الحرب بـ«المكابرة»
10 طائرات مسيرة دفعة واحدة والرسالة يوجهها الحوثيون هذه المرة لعصب الاقتصاد السعودي في حقل نفط عملاق يتبع شركة «أرامكو».
سأل أحد المعلقين على شاشة «الميادين» أثناء متابعة الخبر: لماذا لا تقف هذه الحرب العبثية؟!
على «الجزيرة» كان مذيع الأخبار ليلة القصف المشار إليه يعيد تكرار الوثائقي عن نوايا دولة الإمارات في «تقسيم اليمن» والسيطرة على جناحه الجنوبي.
لكن «سي أن أن» وليلة قصف شركة «أرامكو» اهتمت وعبر موقعها الالكتروني بتزويد قارئها بمعلومات مفصلة عن تقنية الطائرات المسيرة، التي غيرت وبدلت في موازين الحرب التقليدية.
لا يوجد أمام الحوثي بعدما ساهم بدوره في «تثقيب» بلاد العسل والانقضاض على الشرعية إلا خيار المواجهة .
فقط المكابرة السعودية هي التي تقود الحرب، بإمكان الشقيق الأكبر بدلا من «البهدلة» التي تعيشها الأمة ونزيف اليمن مغادرة الحرب بمعادلة «لا غالب ولا مغلوب»، تماما كما يحصل في مباريات الكرة، حيث التعادل السلبي.
الهزيمة ليست عيبا عندما يتورط طرف ما في دراما عسكرية، لكن العيب الأكبر هو الإيحاء أن الهزيمة عبارة عن انتصار والإصرار على حرب من الواضح أنها استنزافية، ولا أمل في الحسم العسكري فيها، لأن العالم لن يسمح بذلك.
الحرب قذرة، الأقذر منها أن كل الأطراف تدعي الشرعية وأن احدا في المواجهة لا يلتفت إلى المدنيين الأبرياء من دافعي الثمن، وإلى التراب الذي يتلوث.
سوريا: أين الجثث؟
فقط على الشاشات المحايدة والدولية، ثمة قتلى وجثث مدنيين وجرحى في إدلب.
فقط على شاشة التلفزيون السوري ثمة عمليات«أمنية» فقط وقوات مدرعة تصافح بعض القرويين وتطارد «إرهابيين».
أما على شاشة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية، فالخبر في إدلب عن عمليات منهجية للطائرات دمرت مواقع «عسكرية» لإرهابيين.
لا المتحدثين عن ضحايا مدنيين يعرضون صورا تبرهن على الرواية ولا الشاشات في دمشق أو موسكو تعرض صورا لجثث الإرهابيين المفترضين أو معسكراتهم، التي قصفها طيران القيصر فلاديمير بوتين.
فقط يعرض الطرفان لنا – نحن معشر المتحسرين – سيارات إسعاف تنقل طفلا جريحا أو بنايات تحولت إلى ركام ونيران ملتهبة هنا وهناك وغبار يحيل ليل إدلب الطويل إلى جهنم حمراء.
سوريا تتحول إلى ركام! الأهم بالنسبة للجماعة الذين يحكمون الأمور هو وضع علم سوريا على علبة شوكولاته مع شعار القصر الجمهوري وإرسالها إلى بيروت، مع أن ثلث الشعب السوري محروم من ما هو أدنى بكثير من الشوكولاته، بما في ذلك لقمة الخبز الكريم.
كمين السودان
حاولت بمحبة مراقبة ملامح وجوه من رقص في الشوارع من السودانيين بعد الإعلان عن الاتفاق الأخير بعنوان «تقاسم السلطة». المسألة أقرب لـ «محاصصة طائفية».
حسنا حقن الدماء أفضل من المجازفة بها. لكن وفقا لما شاهدناه على شاشة الفضائية السودانية، ثمة دائما جنرال ما يوزع المقاعد تحت ستار اتفاق انتقالي.
بعد ما حصل في مصر لا بد من الحذر من «كمين» محكم يعده الجنرالات كالعادة فأنا شخصيا لا أعرف ولم أسمع بـ«بسطار ديمقراطي» والبسطاء بطبيعتهم يحبون العسكر لأنهم يخشون جبروتهم.
العسكري العربي عموما لا يشبه أي عسكري آخر في العالم المتحضر، فالثاني يخوض المعارك على الأرجح من أجل شعبه وبلده أما الأول فقناعته راسخة بأنه «الأحق بالسلطة» وأنه يمثل «ضرورة وطنية ملحة»، بعدما عقمت الأمهات عن إنجاب مثيل له.