برلمان الأردن: تربص وأحياناً «استقواء»… مشاحنات تتواصل وأجواء «غير ودية» مع «الإسلاميين»

عمان- «القدس العربي»: واضح تماماً أن الأجواء مشحونة داخل مجلس النواب الأردني، وفيها قدر من التربص بممثلي البرلمان عن التيار الإسلامي تحديداً، الأمر الذي أصبح ظاهرة واضحة في آخر 3 جلسات تشريعية أعقبت قرار الحظر لجماعة الإخوان المسلمين، تتضمن الدعوات من قبل نواب الوسط لمساءلة حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض ونوابه في البرلمان.
حصل الأمر مجدداً في جلسة تشريعية ظهر الإثنين، انتهت بمشادات كلامية مرة بين النواب أنفسهم، ومرات بينهم وبين رئيس المجلس أحمد الصفدي، الذي يبدو أنه يبذل جهداً خاصاً للسيطرة على محاولات تحرش ومناكفة تطال الإسلاميين تحديداً.
قرر الصفدي التصويت على شطب عبارة من محضر الجلسة وردت على لسان رئيس اللجنة المالية في المجلس نمر السليحات، وصنفت العبارة بأنها غير لائقة بحق عضو آخر في المجلس، وبعد التصويت تقرر شطب تلك العبارة.
جذر المشادات الكلامية الجديد مع الإسلاميين ظهر عند تقدم النائب ناصر النواصرة، بملاحظات مسجلة حاول فيها مناقشة رئيس اللجنة المالية على هامش تداول مرتبط بتقرير ديوان المحاسبة الأخير.
ملاحظات النواصرة أزعجت السليحات، فبادر إلى وصف الأول بأنه غير مختص للإدلاء بمثل هذه الملاحظات.
لكن العبارة استفزت نواب كتلة جبهة العمل الإسلامي. وطالب رئيس الكتلة صالح العرموطي بمداخلة أوضح فيها بأن زميله النواصرة يحمل شهادة في الدكتوراه في الاقتصاد والمصارف الإسلامية.
وطالب بشطب عبارة رئيس اللجنة السليحات. وبعدما تعالت الأصوات ما بين مؤيد ومعارض، صاح رئيس المجلس بالنواب جميعاً، مطالباً بـ «عدم رفع أصواتهم»، ثم تقرر شطب عبارة السليحات.
كانت تلك جزئية في مشهد مشاحنات متواصلة مع الإسلاميين يمكنها أن تتطور، وإن كانت تعكس تأثراً واضحاً من جهة نواب الوسط تحديداً بالأجندة المضادة للحركة الإسلامية مؤخراً.
حاول رئيس المجلس الصفدي، توفير مظلة للجميع واعتبر النظام الداخلي هو الفيصل والحكم، لكن أجواء الجلسات الرقابية والتشريعية معها بدأت تظهر قدراً من التشنج وأحياناً الاستقواء على نواب المعارضة الإسلامية، علماً بأن الصفدي صرح مجدداً بعدم وجود معارضة تحت قبة البرلمان.
الأهم أن هذه الأجواء غير الودية تبدو طاغية أحياناً.
وفيما تظهر كتلة جبهة العمل الإسلامي قدراً من الانضباط السياسي وجملة تكتيكية في التعاطي مع هجمات بعض النواب، يبدو أن التربص بالإسلاميين الذين حصلوا على أعلى الأصوات بات أقرب إلى محاولة تطوع وتبرع من جهة نواب يمثلون كتلاً في الاتجاه المخاصم أو المنافس.
تلك مشكلة لا بد من السيطرة عليها حتى لا تصبح إطاراً أو سياقاً لمجلس النواب الحالي.
المراقبون يقدرون بأن الصفدي والمكتب الدائم، عليهم بذل جهود أكبر للسيطرة أكثر على المناوشات، التي بدورها تتخذ طابع محاولات تحرش بنواب التيار الإسلامي لإضعاف حضورهم.
وتقصد إظهار وجود انعكاسات لمرحلة ما بعد قرارات الحظر والتحقيقات ذات الطابع الأمني مع خلايا صنفت رسمياً بأنها تتبع جهات غير مرخصة، والمقصود حركة الإخوان المسلمين على أي حال.
استمرار هذه الفوضى في أروقة مجلس النواب مادام التحقيق مفتوحاً مع تعبيرات الإسلام السياسي في البلاد، أصبح عبئاً عاماً، خصوصاً أن نواب الحركة الإسلامية يظهرون قدرة أكبر من غيرهم على المتابعة وحضور الاجتماعات والتقدم بمداخلات نظامية في التشريع والرقابة قبل وأكثر من غيرهم.
ما حصل ويحصل في أكثر من مكان برلمانياً هو في سياق تداعيات قرارات حظر الحركة الإخوانية.
ولعل محاولة بعض نواب الوسط كانت مرصودة في التحريض على زميلهم الإسلامي، ينال فريحات، طوال الأسبوع الماضي، بدعوى ظهوره التلفزيوني عدة مرات قبل بروز إشكالية أخرى مع القطب البرلماني صالح العرموطي، لأنه أشار في إحدى المداخلات إلى حساسية مفرطة عند الحكومة مع الحرف «ج»، في عبارة شطبها الصفدي أيضاً من المحضر.
وما يبدو عليه الأمر عموماً هو أن ما يجري مع التيار الإسلامي خارج قبة البرلمان بدأ فعلياً يؤثر في تفاعلات النواب تحت القبة، في مشهد بات يتكرر؛ لأنه مفتوح على التكرار في عمق تفصيلات النواب في الرقابة والتشريع والجلسات، ووسط نمو شعور الإسلاميين النواب باستهدافهم ومحاولات الاستقواء عليهم وعزلهم عن سياق التأثير جراء مسألة جنائية فردية يتعامل معها القانون، كما صرح النائب الفريحات.
طبعاً، في السياق، لم يعد سراً أن بعض النواب الوسطيين يشيرون إلى ضرورة سحب مقاعد كتلة جبهة العمل الإسلامي عن القائمة العامة، لا بل كانت بعض الاقتراحات علنية وهي تطالب بوراثة تلك المقاعد، مع أنها ثمرة لعملية انتخابات حرة حظي بها الإسلاميون بأكثر من نصف مليون صوت.
يقول نواب فاعلون في التيار الإسلامي إنهم على علم مسبق باستفزازات مبرمجة ستحصل أو حصل بعضها، فيما التوصيات بين النواب الإسلاميين الاحتمال والصبر وتجنب ارتكاب أخطاء وسط بيئة أصبحت مناكفة لهم، حتى لا يتم تضخيم تلك الأخطاء ثم استغلالها من قبل جهات منافسة.
تحصل مواجهات باطنية الآن من الصنف الذي في حالة استرساله يحاول استباق نتائج التحقيقات الوطنية العامة وفرض وقائع تحت قبة البرلمان، عنوانها إضعاف الإسلاميين تحديداً.
وهو أمر إذا ما زاد على حده المنطقي، قد يخلط العديد من الأوراق بصيغة تصل إلى فتح الاحتمالات، بما في ذلك حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة تعيد الإسلاميين إلى ما يصفه خصومهم بحجمهم الطبيعي.