اراء و مقالات

«الملكة رانيا» تحدثت و«كشفتهم»… لماذا تتحرش فضائيات بالأردن والمقاومة؟!

«البعض حاول افتعال أزمة في الأردن». هذه العبارة التي افتتحت بها مذيعة قناة «العربية» برنامجها الذي تخصص، ليس في حديث الملكة رانيا العبد الله لمحطة «سي بي أس» الأمريكية مؤخرا، ولكن «قيام البعض باجتزاء الحديث».
تلميحات القناة، التي تفرد مساحة واسعة – وللحق «مريبة» – لـ»الحدث الأردني الداخلي» واضحة والهدف مرصود ورشاش الهواء المباشر جاهز، وظني أن طاقمها يسعى للاصطياد في مياه الأردنيين واختراع فكرة تقول إن «البعض» يجتزئ كلام الملكة.
شاهدت فيديو مجزأ بشكل غير مهني لتصريحات الملكة الأخيرة، ومن صاغ هذه الفبركة بوضوح ليس عربيا، بل يميل إلى الترجمة الرديئة المغرضة.
ورغم أن بعض زملائنا في القنوات العربية لم يقولوها صراحة، إلا أن الاجتزاء والفبركة خلفهما على الأرجح «الذباب الإلكتروني» الإسرائيلي، وحصرا الوحدة 8200 سيئة الصيت، التي تغتاظ بدورها مع قناة «سكاي نيوز» في صدفة بريئة كلما ظهر الناطق العسكري الملثم «أبو عبيدة» على شاشة تلفزيون «الأقصى»، خاتما بـ»التحية لشعبنا وسندنا الأردني الشقيق».

ملكة أستاذة

لم يعد سرا حتى للأمن السبراني الأردني أن وحدة التضليل الإلكتروني الإسرائيلية نشطة لـ»تحريض الأردنيين ضد بعضهم»، وليس سرا أن موتوري تل أبيب سبق أن هاجموا الملكة شخصيا، عدة مرات، لأنها أثبتت «أستاذيتها» في «فضح الجريمة الإسرائيلية» مع وسائل الإعلام الغربية.
ملكة الأردن – بدون شك – تخطف الأنظار، عندما تتحدث ومفرداتها المنتقاة خصوصا عندما تتحدث بصيغة «الأم» من مقابلتها الأولى مع «سي أن أن» أقرب إلى «رصاص إعلامي» يخترق في العالم الغربي تلك السردية الإسرائيلية.
لا شكوك في أن موقف الملكة متقدم جدا، لا بل «يسبق مواقف زعماء عرب» في حرف الأضواء في اتجاه مذبحة الأطفال وجريمة الإبادة وقتل النساء.
لا تحتاج الملكة – التي حققت رسائلها سلسلة أهداف، ومثلت وجدان الشعب الأردني لشهادة مريبة لا من قناة عربية ولا من غيرها، وبالتأكيد لا تحتاج لحفلة «الإشادة»، التي يتطوع لها بعض المحليين في عمان أملا في الظهور.
اختراقات خطابات الملكة ممنتجة، ولا تقود في الداخل والخارج، لذلك يمكن الاستغناء عن «همزات ولمزات» الشبكات التلفزيونية المناهضة للمقاومة أو الراغبة في «افتعال» أزمة داخل الأردن، ويمكن طبعا الاستغناء عن المتطوعين الموسميين، الذين لم يسمعوا قبل أسابيع ما قالته قناة «الجزيرة» عن الوحدة 8200 وتوابعها المنصاتية، وحصرا في الأردن.
لا نعرف سر اهتمام بعض وسائل الإعلام العربية بتغطية «تفاعلات الشعب الأردني مع فلسطين والمقاومة». ثمة من يزعجهم قول «أبو عبيدة» إن «الأردن منا ونحن منه»، وأحد قادة فصيل مقاوم أبلغني أن مكتبة تلفزيونية حوارية شاملة خصصتها محطة «سكاي نيوز» مؤخرا لإظهار مخاوفها على الأردن.
كمواطن ومتابع، بدأت أشعر أن وسائل إعلام مصرية، وأخرى خليجية «قلقة على بلادنا» أكثر من «حكومتنا»، والهدف على الأرجح «تخويف الأردنيين» – حكومة وشعبا – من ذلك التضامن الشعبي العميق مع المقاومة الفلسطينية، وتمهيد التراب جيدا تحت رأس «الرواية الإسرائيلية»!
صحيح في المقابل أن تلفزيون الحكومة الرسمية لا يظهر أي مؤشر قلق، بل محطة تلفزيون «المملكة» التابعة أيضا لمستويات أرفع في الدولة، متفاعلة مع كل حيثيات معركة طوفان الأقصى، وكاميراتها تلاحق المعتصمين، الذين يهتفون في شوارع عمان «لبيك أبو عبيدة».

اتحاد قبائل سيناء

كنا سنشعر حقا بالقلق لو استمرت جريمة الإبادة وبقيت عمان نائمة بالعسل، وتعد الأطباق مع الملائكة، كما تفعل عواصم أخرى في بلاد الظمأ أو النيل أو كما تفعل بعض المنظمات «النضالية.»
تقلقنا حقا تغطية «فضائية» لخطبة صلاة يوم الجمعة، ثم قطع البث فجأة عندما يغادر المصلون فيما الخطيب ينتقد المقاومة!
وشعرنا بصراحة بقلق بعدما شاهدنا على إحدى الفضائيات المصرية الزميل الناصري القومي مصطفى بكري يعلن ولادة ما يسمى بـ«اتحاد قبائل سيناء»، برئاسة شرفية للسيد عبد الفتاح السيسي.
نقلق أيضا ونشعر بـ»غيرة قومية»، عندما تقدم قناة عربية ملخصا حول حواريات القناة 14 الإسرائيلية، حيث «الأعداء» يفردون بضاعة جيشهم وحكومتهم، بكل صراحة مع جنرالاتهم، فيما جنرالات العرب لا يفتح أي منهم فمه إلا عند طبيب الأسنان وهم مهووسون بعد التقاعد بتدبير «رخصة مخبز» أو وظيفة «حاكم إداري» أو مقعد في مجلس الشعب لأغراض الاستثمار بخبراتهم، التي لم تشمل يوما إطلاق حجر أو زجاجة مياه على الجيش الإسرائيلي!
بصراحة شكرا لقناة «العربية»، لكن كأردني كنت سأنفجر قلقا لو لم يخرج «شعبي» لمحاصرة تلك «السفارة» فمن غير المعقول ألا يتوقع بعد الآن أي أردني شريف بأن أطفاله هم الضحية التالية بعد أطفال مخيم جباليا، بصرف النظر عن ما تقوله فضائيات تعاكس المقاومة.
قلناها ونعيدها، وبصرف النظر عن «حرص» بعض التلفزيونات العربية على بلادنا واستقرارها: لو التهم العدو – لا سمح ألله – فتية غزة لخضعت عمان وبقية عواصم العرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading