اراء و مقالات

الأردن-نتنياهو في منطقة اللاعودة والمملكة مهتمة من أجل الأقصى بمصالحة عرب الكنيست

ملف المسجد الأقصى وصلاة المسلمين فيه خلال شهر رمضان من الملفات ذات الأولوية القصوى والطارئة لكل مراكز صناعة القرار في الأردن.

عمان ـ «القدس العربي»: المحاولة التي يؤسس لها الأردن سياسيا لتفعيل نمط من أنماط التنسيق ولو بالحد الأدنى وإزالة الخلافات بين القائمتين العربيتين في الكنيست الإسرائيلي لها ما يبررها مرحليا. لكنها بكل حال وبالنتيجة تؤشر مجددا على ان الأردن يزيل بعض التحفظات والمساحات المترددة ويقرر ليس فقط المضي قدما بالتصدي دبلوماسيا لخطط اليمين الإسرائيلي خصوصا في القدس والمسجد الأقصى وعلى صعيد التهجير في الضفة الغربية، ولكن أيضا على صعيد «إجراء تشاورات» مع فعاليات في الكنيست كان بنيامين نتنياهو «قد اعترض عليها» سابقا بل وأوقفها في إحدى المراحل بذريعة «التدخل بالشؤون الإسرائيلية».

بين تلك الفواتير التي ظهرت جاهزية أردنية لدفعها سياسيا قرار نتنياهو «الابتزازي» بعدم تجديد اتفاقية ضخ مياه متفق عليها سابقا للأردن تنتهي في شهر أيار/مايو إلا بشرطين هما عودة السفير الإسرائيلي إلى عمان والأردني إلى تل أبيب ووقف التصريحات العدائية.
الأزمة أصبحت أكثر عمقا بين عمان وحكام تل أبيب الموصوفين بأنهم «بلطجية» من جهة رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب.
وما يبدو عليه الأمر الآن أن العلاقات والاتصالات المرتبطة بالمصالح الأردنية عند الإسرائيليين وصلت مع طاقم نتنياهو إلى منطقة اللاعودة. ويبرر ذلك أن مؤسسات مرجعية أردنية بدت مهتمة خلال الساعات القليلة الماضية بإزالة الخلافات بين مجموعة قائمة التغيير العربية في الكنيست الإسرائيلي ومجموعة القائمة الإسلامية التي يترأسها الشيخ عباس منصور.
«القدس العربي» استمعت سابقا لتشخيص دقيق من جهة عضو الكنيست المخضرم الدكتور أحمد الطيبي بأن المجموعتين لا تلتقيان سياسيا بأي حال من الأحوال داخل الكنيست.
لكن ما تخطط له عمان وتريده في هذه المرحلة تحديدا أن تقطع المجموعتان جزءا من الطريق نحو بعضهما فيما يختص بالمسجد الأقصى وإجراءات الوزير إيتمار بن غفير فيها خلال شهر رمضان المبارك.
طبعا ملف المسجد الأقصى وصلاة المسلمين فيه خلال شهر رمضان من الملفات ذات الأولوية القصوى والطارئة لكل مراكز صناعة القرار في الأردن.
وأغلب الانطباعات أن تلك المصالحة أو حالة التقارب على الأقل في ملف القدس والأقصى التي تسعى لها عمان بين «قائمتي الكنيست العربيتين» طويلة ومعقدة خصوصا وأن مجموعة الشيخ عباس لا تؤمن بالعمل السياسي وتركز على الخدماتي لا بل تشارك في الائتلاف الحكومي الحالي.
عمان تعلم بذلك مسبقا لكن تولدت لديها قناعة بأن التصدي لما يخطط له اليمين الإسرائيلي عشية شهر رمضان المبارك في القدس تحديدا من تأزيم وتوتير يتطلب خلافا للتواصل مع كل أركان المجتمع الدولي وبكثافة طارئة، ترتيب الأوراق بين الفرقاء في المكون العربي بإسرائيل ومناطق عام 1948 أو المحاولة على الأقل.
لا توجد أي ضمانات ولا دلالات على ضمانات بامكانية النجاح في هذه المساعي، فالدكتور الطيبي كان يقول إن مجموعته من أعضاء الكنيست العرب ومجموعة الشيخ عباس في خطين متوازيين.
رغم ذلك تتجاهل عمان النصيحة وتحاول، لأن قناعتها راسخة بأن مستوى وحجم حالة عدم الاستقرار الأمني والشعبي في المنطقة خلال شهر رمضان ستكون مضاعفة هذه المرة خصوصا إذا ما طبق الإسرائيليون خطتهم المزعومة في المسجد الأقصى والقدس وبالتلازم مع إخفاق صفقة الهدنة التي يعمل عليها الأمريكيون.
المعنى أن الأردن لديه مخاوف وهواجس حقيقية جدا ومبنية على دراسات أمنية معمقة بأن أحوال الشارع العربي في دول جوار الكيان الإسرائيلي قد تلتهب وتشتعل في شهر رمضان ليس في إطار المناخ الديني بالشهر الفضيل، ولكن في حال استمرار العدوان العسكري على غزة وإخفاق المجتمع الدولي في تحدي المجاعة التي يؤسس لها الإسرائيليون.
ثلاثية المجاعة والعدوان وإغلاق المسجد الأقصى كارثية بالمعنى السياسي والوطني والأمني في فهم المؤسسات الأردنية. وبالتالي تدخل الدبلوماسية الأردنية في حالة سباق مع الزمن وثمة ضغوط ستمارس على الشيخ منصور عباس حصرا ومجموعته بسبب حضورها في عمق اليمين الذي يقوده نتنياهو وعلى أساس أن مسألة المسجد الأقصى لا يمكن الخلاف عليها حتى بين أعضاء الكنيست العرب.
وهذا يعني أن المؤسسة الأردنية وبعد سلسلة من التقارير المعمقة في دراسة واقع الحال تتجه للاستثمار واستخدام كل الأوراق المتاحة لها حتى لا تنفجر الأوضاع.
خلف الستائر الأردنية يقال إن الشوارع الشعبية بالإضافة إلى العناصر الاقتصادية ضاغطة على دول المنطقة وقد يعني ذلك إنفلاتا من الصعب السيطرة عليه بما في ذلك امتداد الصراع شمالي فلسطين مع جنوب لبنان. وهو وضع في التقدير الأردني يخدم المتطرفين في كل جهات الإقليم وقد تستفيد منه إيران فيما الأوضاع الاقتصادية ضاغطة جدا في جمهورية مصر العربية.
وبالتالي المعادلة الأردنية ترتكز في حال الاخفاق في وقف العدوان وإيجاد ملاذ آمن لمفاوضات تبدأ عملية وقف إطلاق النار في سباق مع الزمن قبل نحو أسبوع على الأكثر من شهر رمضان المبارك تصبح المعادلة الأردنية مرتكزة على جزئية محاولة نزع فتيل الأزمة المتوقعة بتوقيع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
تحقيق أي اختراق في تلك المساحة يتطلب ولو احتياطيا استئناف حبال الود والتواصل مع ممثلي المكون العربي بالكنيست لا بل «تلبية» بعض احتياجاتهم أيضا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى