اراء و مقالات

حقوق الإنسان الأردني «بده يكحلها عماها» ومحافظ نابلس يستنسخ «جنرالات البناشر» … ومجددا «كلن يعني كلن»

« بده يكحلها عماها»… ذلك أحد أكثر الأمثال الشعبية التي يرددها الأردنيون، والترجمة الحرفية تفترض بان رجلا ما حاول إصلاح شيء، لكنه دمر كل شيء.
تذكرت المقولة وأنا أتابع مستجدات الهيئة الوحيدة التي حفزتنا كأردنيين وتحمل اسم «المركز الوطني لحقوق الإنسان».
فضائية «المملكة» توسعت في نشر النبأ، الذي قال إن رئيس مجلس أمناء حقوق الإنسان الدكتور ارحيل الغرايبة قدم استقالته من منصبه بسبب تعديل قانوني يمنع الحزبيين من تولي وظائف عليا في ذلك المركز.
كنا نفترض أن الحزبي يحظى بالشرعية الآن وبأنه الأجدر والأكثر قدرة على لعب دور مراقب الدولة من غير الحزبي وما زالت ترن في أذني تلك المقولة لأحد المفرطين بالحماس لمرحلة الأحزاب، وهو يعد الشعب قريبا بأن شرط الانضمام الى حزب سيكون قبل المهر والكفاءة البيولوجية عند العريس إذا ما تقدم لخطبة فتاة من عائلة ديمقراطية.
رغم خلافات قديمة صفقت لتعيين داعية إسلامي في مركز مرموق يتيح له مراقبة السلطة دستوريا لصالح الشعب، لكن التلفزيون الحكومي الرسمي أيضا تحدث عن استقالة شيخنا وأولويات حقوق الإنسان في الخطاب المرجعي دون أن يبلغنا بأي تفاصيل عن ما يجري في أروقة مركز كان الهدف المعلن مرجعيا لوجوده هو تثقيف السلطات والمؤسسات والناس معا، بفكرة أن الجميع في ظل جسم دستوري يراقب حقوقهم.

الديكور وفضائله

واضح أن بعض الحقوقيين الذين استعانت بهم الحكومة لتنظيف سجلاتها في السياق «قلبوها جد» فأصدروا تقييمات حقوقية تنتقد أو تعترض أو تكشف حقائق ووقائع لا تريد السلطات ان تكشف رغم أن أصغر مواطن أردني يشتمها في أصغر مشوار الى مدرسته الحكومية، مشيا على الأقدام قبل مواجهة خطر الكلاب الضالة.
حتى فضائية «سي أن أن» انتبهت لأزمة ملف حقوق الإنسان في الأردن. وحتى شاشة تدعي الحياد مثل «بي بي سي» سلطت الضوء على آخر نسخة من تقارير منظمة «هيومن رايتس ووتش».
ليس غريبا أن تنقلب السلطة فجأة على مؤسسة رسمية في الدولة لها وظيفة تحسين سمعة البلاد في الخارج فقط وتخدير ضحايا حقوق الإنسان في الداخل بين الحين والآخر.
ليس غريبا أبدا وجود مظلات ديكورية تحت عناوين الإصلاح والديمقراطية والحريات.
لكن الأغرب هو تلك العبارة التي أرهقتنا ونحن نسمعها باللهجة الدارجة لأحد مفوضي حقوق الانسان، وهو يقول: «يا رجل حسنا عملوا انقلاب علينا وبدهم يدوكروها ففرضوا على الجميع من لا علاقة لهم بصنعة الديكور»!
عبارة قد تحتاج لترجمة وفكرتها باختصار أن المؤسسات الرسمية حتى وهي تمسرح المشهد الحرياتي والسياسي أو تمثله لا تقوم بذلك عبر أشخاص مقنعين يجيدون التمثيل أو حتى لديهم الحد الأدنى من المهارة في الاستعراض والادعاء وإنجاز المهمة أو في بناء ولو جدار صغير من الأوهام الجميلة التي نفتقدها.

دايتون ومحافظ نابلس

حاول محافظ نابلس تذكير الشعب الفلسطيني عبر شاشة تلفزيون السلطة الرسمي بأنه «لا سمح ألله لم يتقصد الإساءة للحرائر أمهات الشهداء».
يقصد الأخ وهو «لواء متقاعد» دوما أن الأم الفلسطينية عليها أن تكون طبيعية ولا تزغرد للشهيد فمن حقها أن تهنأ بحياة عادية. نحن نوافقه على هذا الاستنتاج العبقري وحتى يصبح «عبقريا للغاية» عليه أن يدل أمهاتنا كيف يفعلن ذلك في ظل الاحتلال و»التنسيق الأمني».
الجزء المضيء في تصريحات اللواء إبراهيم رمضان لراديو «النجاح»، والتي انتهت بعاصفة لاحقا، هو أن تلك التصريحات تكرس قناعتنا نحن بسطاء الشعوب بـ»العسكرتاريا العربية» وتكوينها الثقافي والتربوي الفاشل، خلافا لإخفاقها الدائم في المعارك.
لكن «الجنرال الحقيقي» هو حصرا تلك «الأم» التي تحدث صاحبنا عن شذوذها لأنها ترسل ولدها للانتحار، رغم أنها مثل أمي وأم السيد المحافظ ينبغي أن لا تفعل ذلك لو كانت «شواطئنا الفلسطينية حرة» مع أن الاسم هو «الشهيد» وليس الانتحاري، لكنها «لهجة جنرال آخر» نعرفه جميعا بكل حال واسمه «الحج دايتون قدس له أسراره في هرم السلطة».
هل تذكرون «جنرال البناشر» أو جنرال «أصابع الكفتة» المصري أو ذلك الجنرال السوداني، الذي يتاجر بـ»العاج والماس» مع الإسرائيليين؟ «كلن يعني كلن» قاريين عند شيخ واحد.

مذابح بريطانيا العظمى

ختاما، المقال المنشور على موقع «بي بي سي» بخصوص «مذابح وفظائع» القوات البريطانية أيام الانتداب على فلسطين مهم وخطير ولا يعرف الجمهور العربي شيئا عن تلك الحقائق والاعترافات.
الأهم «بي بي سي» وفرت «فرصة ولاحت» بإمكان جنرالات السلطة اليوم التركيز على المسألة والضغط على ما تبقى من بريطانيا التي كانت عظمى للإقرار بتلك الذنوب أولا ثم تعويض شعبنا وضحاياها بدلا من الانشغال في تتبع سيكولوجيا «أم الشهيد» قبل الإساءة لها وللدم وللتضحية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى