اراء و مقالات

الأردن: مخاوف «إخوانية» من تداعيات سيناريو «2007» وتلاوم بيروقراطي – وبائي بعد «مخالطات الانتخابات»

عمان – «القدس العربي»: بدأت مبكراً وبمجرد الإعلان عن النتائج الرسمية لانتخابات الأردن عملية «التلاوم» الشعبية على مسارين. التلاوم على أشده في عمق جماهير ونخب ومؤسسات الحركة الإسلامية بعد الهندسة والترتيبات التي دفعت البوصلة في اتجاه مشاركة «لم تكن منتجة» تصويتياً وسياسياً في الانتخابات المثيرة للجدل.
التلاوم أيضاً اختلط بنكهة «الحسرة والألم» في عمق المؤسسات البيروقراطية الحكومية بعد مساحة «الاختلاط والاحتشاد» غير الشرعية التي أسقطت مضامين أوامر الدفاع والوقاية الصحية، والتي أدت إلى «انتعاش محتمل» لفيروس كورونا بعد تجمع عشرات الآلاف من أنصار الفائزين في الشوارع ابتهاجاً بالفوز وظهور مخالفات بالجملة للوقاية.

تكرر سيناريو انتخابات 2007

على جبهة التيار الإسلامي، لم يتم الإعلان رسمياً حتى عصر الخميس عن عدد الفائزين من مرشحي كتلة الإصلاح التي تعرضت لضغط عنيف جداً خلال مرحلة الترشيح، كما أفاد لـ»القدس العربي» قطبها المحامي صالح العرموطي.
لكن العدد وفي أفضل الأحوال لن يتجاوز 10 مرشحين بعد المشاركة بأكثر من 14 قائمة انتخابية، وعدم فوز مرشحي التيار بعدة محافظات كان لهم فيها مقاعد في الماضي، من بينها إربد وجرش والبلقاء. وبين هؤلاء فقط ثلاثة مرشحين فازوا بالمقاعد من بين الصف القيادي لجماعة الإخوان المسلمين، و6 مرشحين إما يكونون إسلاميين مستقلين أو حلفاء عبر قوائم الإصلاح. وتصمت الحركة الإسلامية حتى الآن على تلك المفارقات الرقمية، ولا تعلق عليها.
لكن الإعلامي المقرب من التيار الإسلامي طارق ديلواني، أشار إلى معلومة لم يتم التوثق منها بعد، متحدثاً عن «قواعد في الحركة الإسلامية» خالفت قرار المشاركة وانضمت للمقاطعين. وبالنسبة لديلواني وآخرين، «تكرر سيناريو انتخابات 2007» حيث توريط الحركة بالمشاركة مقابل وعود «نزاهة لم تتحقق» وفي ظل قانون انتخاب سيئ، ثم الحصول على 6 مقاعد فقط في انتخابات كان مطعوناً بنزاهتها آنذاك. الإسلاميون في انتخابات 2020 المثيرة لم يتقدموا بأي بيان بعد، يقود إلى استنتاج بالطعن بنزاهة الانتخابات.
لكن الأهم سياسياً أن تكرار سيناريو 2007 من حيث مكاسب متدنية على مستوى المقاعد لا تزيد بحال من الأحوال عن 10 مقاعد مع الشركاء الذين «خان» بعضهم التيار عند التصويت العشائري أو الجهوي.. سيعني العزف على أوتار تداعيات وهزات ارتدادية داخل أطر التنظيم الإسلامي، سبق أن أشار إليها بمكاشفة خاصة مع «القدس العربي» القيادي الشيخ مراد عضايلة.
لفت عضايلة مبكراً على هامش نقاش سبق الاقتراع وتناول فكرة «المشاركة» إلى ما حصل مع «قيادة» الحركة الإخوانية عام 2007، حيث أبرمت ترتيبات «المشاركة» مع الحكومة، ولم تكن الانتخابات نظيفة، فغضبت القواعد وأطاحت بالقيادة التي أبرمت ذلك الاتفاق وقتها.
يشير مراقبون كثر إلى أن قواعد الإخوان المسلمين في ذلك العام وفي الانتخابات الداخلية اللاحقة لانتخابات حصل فيها عبث وتدخل، «انقلبت» على المراقب العام آنذاك الشيخ سالم الفلاحات، وعلى الهيئات القيادية، فخرج طاقم القيادة من معادلة التنظيم.
ليس سراً أن المؤسسات القيادية في حزب جبهة العمل الإسلامي قلقة من تكرار السيناريو نفسه بعد تبادل ملاومات في عمق الحركة على أساس الدفع الخاطئ في اتجاه المشاركة، وحيث الشيخ العضايلة يقر ضمنياً بأن «انعكاسات الانتخابات» تؤثر بالعادة على الداخل، وهو ما أقر به أيضاً القيادي في الحركة الإسلامية وأمام «القدس العربي» الشيخ زكي بني ارشيد.
بمعنى آخر، منسوب الغضب في صفوف الحركة الإسلامية وقواعدها سيعبر عن نفسه قريباً، خصوصاً وأن «التلاوم» بدأ علنا مبكراً مع ظهور النتائج الأولية وعبر المنصات وبعد خسارة أسماء كبيرة في البرلمان لمقاعدها، من بينها الدكتورة ديمة طهبوب، وحياة المسيمي، وهدى العتوم، والدكتور عبد الله العكايلة، وأحمد الرقب، وآخرون من قيادات الصف البرلماني الأول.

لا تباعد اجتماعي

لكن جبهة التلازم الرسمية نشطة على المستوى البيروقراطي أيضاً بعد النتائج، حيث مخالفات بالجملة على المستوى الشعبي لأوامر الدفاع وللحظر الشامل تحت غطاء الابتهاج والاحتفال، وظهور عشرات الآلاف من الأردنيين في القرى والأطراف والبلدات دون تباعد أو كمامات، وأحياناً مع إطلاق كثيف للرصاص والنار خارج السيطرة. استثمر من خالف القانون هنا بانشغال غالبية القوات الأمنية بتأمين عملية الاقتراع ومراكز الفرز، حماية للنمط الديمقراطي المتداول.
لكن النتيجة ضربة قوية لمجهودات وزارة الصحة، حيث يعترض خلف الستارة وزير الصحة نذير عبيدات على «تساهل» وزارة الداخلية والاسترخاء بعد احتفالات الفوز بالانتخابات، ويطالب مبكراً بحظر شامل قد يمتد لأكثر من أسبوعين، حرصاً على بقاء النظام الصحي فعالاً في مواجهة الفيروس كورونا.
عبر عن التلاوم والغضب هنا وحتى الحزن أعضاء كبار في طاقم «الوبائيات» مثل مسؤول ملف كورونا الأول الطبيب وائل هياجنة، الذي قال علناً: «شعرت بالحزن والألم» معبراً عن قناعته بأن نتائج تفشي كورونا خلال موجة الابتهاج الانتخابي ستبدأ بالظهور بعد 7 أيام، وهو ما توقعه أيضاً الطبيب بسام حجاوي، متحدثاً عن إصابات قد تصل بسبب إسقاط التباعد الاجتماعي إلى نحو 10 آلاف إصابة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى