اراء و مقالات

«كونغ فو» سياسي على الطريقة الأردنية… في مجلس «الأمن القومي التونسي»: «انت بتكتب إيه يا حسين»؟

«الجزيرة» – أدام ألله عزها – بثت نفس التقرير أكثر من مرة على ليلتين، حيث الرئيس التونسي قيس سعيد يجلس أمام «مجلس الأمن القومي» ويتلو عليهم قراره المثير بحل برلمان منتخب.
القرار شأن تونسي داخلي وإحياء لاستنساخ الديكتاتوريات في عالمنا العربي، الذي يشبه «المسخ الديمقراطي».
ما علينا طوال الوقت وأنا أشاهد حصاد وأخبار «الجزيرة» يلح علي السؤال التالي: «الشباب بتوع الأمن القومي على الطاولة بيكتبوا إيه؟».
مشهد يختصر الحكاية: جنرالات مع نياشين وخبراء يفترض أن لهم كلمة في مجلس سمي بـ «أمن قومي» والمعنى أنهم ليسوا مجرد «كتبة محضر» وطاقم سكرتاريا للسيد الرئيس.
تونس حصريا موجعة في المشهد، فما نفهمه أن وظيفة كتابة ملاحظات يقولها السيد الرئيس لموظف إداري وليس لأعضاء المجلس القومي، حيث بدا المشهد وكأنه أقرب إلى «مؤتمر صحافي» يتحدث فيه رجل والبقية تكتب صمتا، طبعا وبدون ولا كلمة.
تذكرت عادل إمام في محكمته الشهيرة: «انت بتكتب إيه؟ أكتب يا حسين».
لو كنت – لا سمح ألله – مستشارا إعلاميا لنصحت القصر الجمهوري التونسي بإظهار لقطات يتحدث فيها عن الموضوع جنرال أو عضو ما من بتوع الأمن القومي بدلا من تدفق الجميع في مشهد يحمل فيه الشباب قلما وورقة ويكتبون ما يقوله الرئيس بالفصحى.
طبعا، هذه فرصة لتقديم نفس النصيحة لجماعتنا في تلفزيون النشامى والحكومة الأردنية، فمجلس الأمن القومي بتاعنا على الطريق وستظهر صور حية لبعض اجتماعاته وتجنبا للحسد وضيق العين نتوسلكم: «لا ضرورة لبث لقطات يتحول فيها أعضاء المجلس لكتبة فقط «. يعني على الأقل ولو عضو واحد يكتب وغيره يحكي أو يناقش أفضل من أجل «سمعتنا الدستورية».

«كونغ فو» أردني

وما دامت الديمقراطية الأردنية متفاعلة، والحمد لله، تحت عناوين «تحديث كل المنظومات» لا بد من تذكير حواريات قناة «المملكة»، التي نقشت في ملف الانتخابات عبر برنامج مباشر مع الجمهور بأن ما قاله «الراهب الأعمى» على شاشة «نتفليكس» وفي مسلسل يتحدث عن مملكة جنكيز خان.
صاحبنا الراهب كان يدرب المستشرق بأمر قبلان خان، وخاطبه قائلا: « في الكونغ فو الذراع الأولى تكذب والثانية تقول الحقيقة».
نحمد الله على نعمة «نتفليكس» فهي تساعدنا في التقاط ما لا تلتقطه فضائية السودان الشقيق أو حتى فضائية «الميادين» الشقيقة أيضا.
في البث الفضائي الأردني عموما، سواء أكان يمثل «الولاء المسموم» أو المعارضة الخارجية التائهة أو التائبة تطبق قواعد «الكونغ فو» بالعكس، حيث اليد الأولى تكذب والثانية أيضا تكذب أو تضلل لتخفيف حدة الصدمة.
لدينا بعض الأدلة على سبيل المثال لا الحصر: في الخيمة التي تستضيف حوارات «تحديث المنظومة الاقتصادية» يتحدث أحدهم عن حاجة وطنية ملحة لمراجعة تعليمات «بيع السيارات» وسرعان ما يتبين أن صاحبنا وكيل لإحدى السيارات.
وعندما قال القوم «تحرير الإمكانات» سألنا أحدهم وأحرجنا: أي إمكانات؟!
لاحقا في تحديث المنظومة السياسية تعرضت لسؤال محرج آخر: تم التشريع لأحزاب سياسية ستتقاسم السلطة مع جزء من السلطة.. أين هذه الأحزاب؟ لماذا تم وضع حصص لأحزاب لم توجد بعد فيما يصنع بعضها الآن كـ»الخيار المهرمن» في ثلاجات الهندسة؟
ما علينا، قال لي يوما الشيخ «أبو أيمن»، رحمه الله في المسجد وبعد الصلاة مباشرة: اسمع يا بني الكذب على الزوجة لتوفير النفقات مشروع، فالحكومة تكذب علينا نحن الشعب في نفس السياق.. يعني «مشان مصلحتنا».
يا جماعة الخير، ما تفعلونه دمر كل قواعد لعبة «الكونغ فو» التي يزيد عمرها عن عشرات القرون وتحديدا من أيام قبلان خان حفيد خان الأعظم ما غيره.
وعليه لا تبالغوا في التوقعات وفاتورة «الإصلاح» ستكون أكبر عندما تقرون معنا أن الذراعين في لعبة المحليات كذبتا معا.

أوكرانيا بالأسماء

يلاحظ مراقب لغوي يتميز بعدم الدقة أن المعلقين العرب ومعهم مذيعو نشرة الأخبار الرسمية في القنوات والشبكات التلفزيونية العربية لا يلفظون ولا ينطقون أسماء المدن الأوكرانية، كما هي، سواء في اللغة الروسية أو حتى باللغة الإنكليزية.
تلك ملاحظة تلفت النظر وتدفع للتدقيق في بعض التفاصيل، خصوصا كيفية لفظ المذيعين والمتحاورين على قناة «فرانس 24» مثلا لاسم الإقليم المتنازع عليه جنوب شرق أوكرانيا «دونباس»، ولأسماء المدن الصغيرة والبلدات المحاذية للعاصمة كييف.
وراقبت في نفس الوقت المحللين العسكريين الذين يتصدرون شاشة «الجزيرة» مثلا، خصوصا وأن أحدهم لبناني والآخر صديق أردني.
تبدو الملاحظة في مكانها من حيث صعوبة لفظ أسماء المدن الأوكرانية كما هي، وهي ملاحظة تستوجب البحث والتأمل وعلى الأرجح ينتج هذا النقص عن ضعف المعرفة والخبرة، لا بل عن ضعف التخصص بمعنى عدم وجود محللين ومتابعين ناطقين باللغة العربية متخصصين في الملفات والدول، ولديهم سعة وإطلاع في هذا السياق.
لذلك يجتهد القوم مثلا على شاشة تلفزيون «المملكة» في محاولة أقرب للمرور بجانب التحليل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى