اراء و مقالات

في الأردن «ذبحتونا» وفي لبنان «فصمتونا»… وملحوظة لـ«عراق آيدول»

«فصمتونا»، على غرار «ذبحتونا»، الثانية حركة اعتراض أردنية محلية مختصة بمشكلات التعليم .
«فصمتونا»، إسم حركي جديد أقترحه لتمثيل حزب المحبين للأرز اللبناني ولبيروت من العرب والعجم، الذين أخفقوا ويخفقون في فهم ما الذي يجري في هذا البلد الشقيق.
عمليا، إذا كنت تريد التمتع بوجبة من «الغباء وعدم الفهم» مخلوطة بمكسرات الفصام، كل ما عليك فعله هو إظهار الاهتمام بجزئية من طراز «لماذا لا تتشكل الحكومة اللبنانية؟» والتنقل بين حزمة فضائيات الشعب اللبناني المتجولة ما بين اليسار إلى اليمين.
على شاشات تيار «المستقبل»، الحليفة مثل «أم تي في» وشقيقاتها، لقاء الحريري – عون انتهى بإقناع المشاهد العربي أن «فخامة المسيو الرئيس» حاول التدخل بالتركيبة الحكومية، ورفض «المتفق عليه سابقا بما في ذلك مبادرة فرنسا»، والأهم «لا يريد تشكيل وزارة»!
على شاشات حليفة لـ«المسيو»، مثل «الميادين» و»المنار»، وحتى تلفزيون «خبطة قدمكم على الأرض هدارة» في دمشق، نفس اللقاء إنتهى بالنتيجة نفسها، لكن «سعد بيك هو الذي لا يريد تشكيل الحكومة لصالح السعودية».
على طريقة «ما إلك إلا هيفا» وهي فاصل دعائي لبناني قديم على قناة «أم بي سي» أقترح على «المسيو فخامته والبيك دولته» اللجوء لـ«الأخت هيفا»، علها تحل الخلاف بينهما، كما تفعل، وهي تنتج أطنانا من الدلع المحايد تسعد به قلوب المحرومين.
«هيفا ما غيرها» أطلت علينا مؤخرا بتطبيق أكشن تلفزيوني كله «طخطخة»، وهي «شيعية مستنيرة» وفنانة «سبور للغاية»، وتملك قدرات على «التفاوض الراقص»، بمعنى أنها مؤهلة لإنقاذ أغلى ما تقدره النخب اللبنانية، وهو «المحاصصة البئيسة».
نريد أن نفهم، «بلد تنطفئ فيه الكهرباء وأسواقه خالية من الفوط الصحية والحليب، وديونه في العلالي، والدولار في الطيارة ورغيف الخبز بالصاروخ وعلبة الدواء غير موجودة. كل ذلك وما زالت قياداته تعقد إجتماعات في قصر جمهوري، يجلس فيه أصحاب ألقاب دون إتفاق».
مجددا سؤال لبناني- أردني بامتياز: كيف تعالج «أزمة ما» بواسطة الرموز نفسها التي أنتجتها؟!

فيلم الرعب الطويل

على سيرة «ذبحتونا» وبياناتها عن التعليم في الأردن، لا بد من التوقف عند محطة فيلم الرعب الطويل، الذي يحمل اسم «الثانوية العامة» أو «التوجيهي».
على شاشة فضائية «رؤيا» كان الجو حارا جدا، حيث مسؤول في وزارة التربية والتعليم يحاول طمأنة الطلبة، الذين يعلنون أنهم تعرضوا لعدة ضربات في أربعة امتحانات على الأقل، لها علاقة بالفيزياء والكيمياء والرياضيات، ولولا أن الضربة في ذهن الطلبة أنفسهم شملت تخصص اللغة العربية في الامتحان الرابع، لاعتقد الجميع أن ما تتحدث عنه الفضائيات المحلية الأردنية بهوس وانشغال كبيرين، هو ضربة ضد التوجهات العلمية والرياضية، وليست ضد العلوم الإنسانية.
راقبت بعض المشاهد، التي بثتها فضائية «المملكة» حيث بالونات الابتهاج وزغاريد تطلق على أبواب المدارس لأمهات يحتفلن، ليس بالنجاح في الامتحان، ولكن بانتهاء الموسم بدون «خسائر بشرية»، جراء الضغط الشديد، حيث الفيروس وغياب التعليم الوجاهي من جهة، وفي المقابل «لجان الوزارة»، التي كانت نائمة في العسل وقررت فجأة «إصلاح ما أفسده الوزير السابق» من ارتفاع المعدلات والعلامات بعد نصف موسم وجاهي.
في اختصار نصوت أو نضم صوتنا للقائلين بإلغاء هذا الامتحان المرعب واستبداله بآلية علمية حقيقية تصلح أو تنتمي للحاضر، ويمكن أن تساعد في التمهيد للمستقبل. فقد هذا الامتحان عمقه العلمي، إلا إذا كان المقصود بصموده هدفا وطنيا تعجز الأمهات عن إدراكه على قاعدة «تزهو بكم المناصب».

«عراق آيدول»

عمليا، كمشاهد عربي مدمن على برامج المسابقات الغنائية، لا أجد طريقة لاستساغة فكرة أن يؤدي صوت عراقي موهوب أغنية لبنانية مثلا، مع أن العكس صحيح والموسيقى ينبغي أو يفترض، على حد علمي، أنها تتجاوز الهويات والقطرية والفرعية.
على كل حال، استمتعت ببعض الوصلات لأصوات عراقية موهوبة، ضمن برنامج «أم بي سي» الجديد القابل للاستنساخ على طريقة التنظيمات المتطرفة «عراق آيدل».
بعض الأصوات تستحق التوقف عندها، لكن أذني تجد صعوبة في تقبل فكرة أن تغني شابة عراقية لفنانة مغربية مثلا، أو أن نستبدل الموال العراقي العتيق، والذي يمتلىء بالطرب والألحان الحقيقية والوجع بموال مصري صعيدي.
خريطة المخزون الإستراتيجي للفن والموسيقى في بلاد الرافدين ضخمة وعملاقة، وهو في موقع تاريخي يستدعي أن تقلده وتؤديه بقية المواهب العربية، والعكس ليس شرطا أنه صحيح .
وأعتقد أن إدارة التسويق التابعة لبرامج المسابقات والمواهب، التي تدر دخلا كبيرا عليها، يجب أن تخصص «العراق آيدول» للفن العراقي بشكل خاص، والنسخة اللبنانية لاحقا للفن اللبناني، وكذلك بقية الدول والشعوب.
الفرصة متاحة لولادة نجوم، نحن نحتاجهم جميعا في السياق العراقي للأغنية واللحن، ولا حاجة لتقليد أداء قد لا ينسجم مع خامة الصوت وجذر اللحن والجملة الموسيقية واللهجة المحلية. لماذا «تصعيب الأمور» على الموهوبين؟ يمكن أن تنتهي النسخة العراقية بنجمين على الأقل ينضما للمشهد والسوق، وكذلك الأمر في بقية الدول. ذلك أجدى وأنفع.

 مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى