اراء و مقالات

فلسطين بعد نزار بنات: أين النظام حتى يسقطه الشعب؟ ورشة «الإصلاح السري» في الأردن… و«هذا ما حصل في المغرب»؟

الحناجر في الضفة الغربية تهتف»الشعب يريد إسقاط النظام»؟ وعلى الأرض الفلسطينية المحتلة «يدب الصوت» معلق على القناة الإسرائيلية الثانية وهو يحذر «حركة حماس تحرك الجماهير ضد الرئيس والسلطة وعلينا التصرف».
ترد المذيعة ببرود خبيث «هل نتدخل في شؤونهم؟».
حتى شاشات العدو تتناغم مع إيقاع الشارع في الإشارة للسلطة وكأنها «دولة ونظام».
مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات، على أيدي رجال أمن السلطة، حدث من النوع الذي لا يمكن بعثرته على نشرات أخبار بعض المحطات الفضائية.
وهو مشهد من الصنف الذي لا تستطيع محطة «بي بي سي» الناطقة باللغة العربية تجاوزه أيضا وهي تسأل أحد المعلقين عن تأثير حادثة مقتل الناشط السياسي الفلسطيني في الأرض المحتلة نزار بنات على مستقبل السلطة. حتى كدت أصدق أن للسلطة أصلا خارطة طريق نحو المستقبل.
جميل أن يكون للشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال سلطة. الجميل أكثر أن تنافس هذه السلطة بين الحين والآخر هراوات الدرك العربية، وما تفعله برؤوس المواطنين من أنصار الاعتراض والتعبير السلمي وغير الممتثلين للقطيع إياه.

الشعب يريد إسقاط من؟

السلطة في حادثة شهيد الموقف النقدي نزار بنات تأخذ عمليا أسوأ ما في أنظمة العسكريتاريا العربية، لكن لأول مرة يمكن القول إن الشعب الفلسطيني التائه والذي تعرض لأبشع صنوف العذاب من الاحتلال والمجتمع الدولي لديه اليوم سلطة ولديه نظام يحتج المواطنون في الشارع لإسقاطه.
فلسطين لها بحر ولها مياه إقليمية وعلم ونشيد وبساط أحمر وشاشة فضائية، يخطب فيها محمود الهباش على طريقة شيوخ وزراء الأوقاف العرب، وإن كان مشايخ السلطة لا يتجولون بالعمائم في صحن الأقصى للدعاء للسيد الرئيس، كما تفعل عمائم دمشق في صحن المسجد الأموي.
نحمد ألله بعد السلطة والبساط وطائرة الرئيس وبطاقات الـ»في آي بي» بتوقيع إبتسامة مجندة إسرائيلية لدى شعبنا غربي النهر اليوم «نظام» لديه عسس من زوار الفجر يفتكون بالرؤوس ويطحنوها بذريعة «الإستقرار العام»!
أخيرا لدينا شعب يهتف بـ»إسقاط نظام غير موجود أصلا».
فلسطين لها اليوم مساحة في متحف الاستبداد العربي.

«بي بي سي» والفتنة

لكن في المقابل وإلى أن يتسنى للربيع الفلسطيني الجديد النضوج، لا بد من تذكير محطة «بي بي سي» تحديدا، وهي تطرح السؤال الذي لا جواب عليه حتى الآن عن مخطط الفتنة الأردنية الشهيرة بأن «السرية» مسألة تضمنها النصوص القانونية لسلطات المحكمة الأردنية، ومن يسأل المشرع وليس القاضي.
وبالتالي الحديث غمزا ولمزا عن سرية لها علاقة بأوضاع لا يمكن التعامل معها عبر البث المباشر من شأنه أن يوتر الأجواء بين تراسل المواطن الأردني وتلك الفضائيات التي تبالغ في طرح الأسئلة.
بما أن التلفزيون الحكومي الأردني أعلن عدة بيانات عن أسباب تلك الفتنة ينبغي للمواطن العادي مشاهدة التفاصيل لأن أصل المحاكمات في الأردن هو العلني، والاستثناء يستخدم في محاكم استثنائية فقط لا يقر بها النظام القانوني.
الأغرب من سرية قضية جنائية فيها بعد سياسي وتتعلق بمخطط مؤامرة أو فتنة، هو إتباع منهج السرية في لجنة ضخمة وظيفتها الإصلاح السياسي والقانوني في البلاد وكلفت ببيان تلي على نشرة أخبار فضائية «المملكة» التابعة للدولة الأردنية وعبر رسالة أصدرها الملك شخصيا.
مجددا ومره أخرى 92 قمرا من الأردنيين يضيئون سماء الإصلاح لكن بالسر والعتمة ووسائل الاعلام ومعها الشعب الأردني بطبيعة الحال أمامهم وظيفة واحدة فقط وهي انتظار فتات المعلومات، التي يمكن أن تقدمها ملخصات الناطق الرسمي الإعلامي باسم لجنه الإصلاح عن قضايا تخص مصيره.
عمليا لأول مرة أسمع عن لجنة استشارية ملكية وظيفتها الإصلاح السياسي تقرر عزل نقاشاتها عن الشعب، الذي يفترض أنها تمثله، وعن وسائل الإعلام، لكن لجهات القرار حكمة، فهي أوعى من عقل المواطن الأردني وأكثر إحساسا بالمسؤولية من الشعب وإن كانت تزعم أنها تمثله بين الحين والآخر.

الإنصاف والمصالحة

تذكرت في هذه المناسبة الفضائية المغربية عندما تقرر ملكيا فتح ملف تاريخي شائك في المغرب الشقيق بعنوان الانصاف والمصالحة وله علاقة بحقوق وتعويضات وما حصل مع معتقلين ومعارضين سياسيين في الماضي المغربي.
كنت أتجول في الرباط آنذاك وأستمتع بشاشة عرض مباشرة لجلسات الإنصاف والمصالحة القانونية.
بهذه الطريقة فقط تمكن الأخوة المغاربة من تحقيق مصالحة وتمكنوا من فتح صفحة جديدة وتم تليين القلوب اليابسة ودفع تعويضات لمن يستحقها وحصل ونتج مناخ من الشفافية والصراحة أعقبه الصفح والتسامح.
نقل المغاربة مداولات تلك اللجنة علنا على شاشة التلفزيون المغربي في البث المباشر.
كنت أتمنى على لجنة الإصلاح أن تعقد جلساتها في حالة البث المباشر على قناتي «المملكة» والتلفزيون الأردني على الأقل، ويمكن أن نستثني محطة «رؤيا» المحلية النشطة التي تلعب دورا كبيرا في الحوار السياسي لاعتبارات تعرفها غرف العمليات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى