اراء و مقالات

لماذا غابت مفردة «حكومتي»؟ خطاب «العرش» الأردني يبدأ موسم «التحول» و«الميثاق» أول أحزاب «المنظومة»

عمان – «القدس العربي» : غابت عن خطاب العرش الملكي الأردني في افتتاح دورة البرلمان، أمس الاثنين، مفردة «حكومتي». وحضرت بقوة تلك العبارات المرجعية الهادفة التي تسلط الضوء على خيار الدولة الاستراتيجي، هذه المرة، في توجيه ملكي مباشر وضمني لمجلس النواب تحت عنوان إنجاز حزمة التشـريعات المطـلوبة للتحـول في تحديث المنظومة السياسية دون إبطاء أو تردد أو تأخير.
ما عرضه الملك عبد الله الثاني، ظهر الاثنين، في خطاب العرش، وحتى بتقييم وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، هو قرار وخيار الدولة للعام المقبل سياسياً على أقل تقدير، حيث كان المعايطة أول من لاحظ غيـاب مفـردة «حـكومتي».
في الأثناء، كان الملك يعلن عدم السماح لأي جهة بالتدخل في العمل الحزبي.
تلك رسالة يفترض أن تصل لجميع المؤسسات؛ لأن خطاب العرش الملكي الجديد عملياً تطرق إلى ملفين رئيسين بالأساس، وهما التأكيد على الثابت الأردني في القضية الفلسطينية ومسألة القدس، وتسليط الأضواء بالمقابل على مخرجات ووثيقة تحديث المنظومة السياسية للدولة، وقد أصبح ذلك استراتيجية للقصر وللدولة عابرة للحكومة. والانطباع يزيد في الأوساط السياسية الأردنية بأن وثيقة تحديث المنظومة في طريقها للتحول وبسرعة إلى خطة تنفيذية قيد الإجراء. وهي خطة من المرجح أن تدشينها بدأ فعلاً مع انتخاب المخضرم تشريعياً عبد الكريم الدغمي، وبعد غياب طويل لمجلس النواب في جملة سياسية منضبطة قوامها إشراك الثقل الاجتماعي في مركز القرار التشريعي في عهد المنظومة.
وفي الوقت الذي كان فيه الخطاب الملكي يركز على عدم التدخل بالعمل الحزبي، تم الإعلان عن التقدم بطلب ترخيص أول حزب سياسي جديد بعد اعتماد المنظومة، وهو حزب الميثاق. فيما كان الأب الروحي لحزب الإنقاذ الإسلامي الشيخ سالم الفلاحات، الجمعة الماضي، ينتقد ما أعاد تسميته بأحزاب الأنابيب، التي تحظى برعاية رسمية، وفقاً لروايات المعارضة والحراك، وولدت ولادة طبيعية للتعامل مع المرحلة اللاحقة، وفقاً لبعض مؤسسيها.
القيادي المؤسس في تجربة حزب الميثاق أحمد الصفدي، كان قد تحدث إلى «القدس العربي» عن مشاورات مكثفة منذ أشهر بين نخبة من الشخصيات الوطنية بهدف الارتقاء إلى تجربة تيار حزبي جديد يتقدم للساحة بنضج، ملمحاً إلى احتمالية وجود أكثر من 30 عضواً في مجلس النواب الحالي بمشروع الميثاق. ويبدو أن المجموعة التي تدير مشروع الحزب الجديد تقصدت الإعلان عن التقدم الرسمي بطلب الترخيص قبل 24 ساعة من خطاب العرش.
وهو حق مشروع في تسييس الخطوات في كل الأحوال، مع أن سياسيين كباراً منشغلين طوال الأسابيع القليلة الماضية في محاولة فهم شكل خريطة الأحزاب التي ستولد من جديد في ظل إيقاع الرؤية الملكية بعنوان تحديث المنظومة السياسية.
خطاب العرش ينص بوضوح على دعم الاستراتيجية الجديدة، وعلى العمل دون تدخل أو تأخير وبقواعد لعب نظيفة هذه المرة، وآمال الساسة منحصرة بالنتيجة الآن في أن تلتقط المؤسسات الرسمية والبيروقراطية الرسالة كما ينبغي، فالبلاد برمتها تتحول نحو العمل الحزبي بشكل متسارع ومنظم، وبدعم ملكي نادر في تجربة لا أحد يعرف بعد كيف ستتشكل ملامحها وإلى أين ستصل، مع أن سياسيين مستقلين يوجهون أسئلة حائرة مبكراً عن مصداقية التقاط الرسائل المرجعية بالنسبة لما يتردد في الساحة حالياً عن مبادرات بالمستوى التنفيذي والرسمي قد تؤدي إلى تغذية وتسمين تجارب حزبية طازجة.
ويبدو أن حزب الميثاق قبل غيره، تراقبه في هذا السياق جميع الأعين والتوقعات والمجسات، وهو أمر طبيعي -برأي النائب الصفدي- و في كل الأحوال سيعالج في إطار من المسؤولية الوطنية والشفافية.
الأهم أن خطاب العرش الملكي دعم البوصلة الجديدة بوضوح في التحول الحزبي. وتقدير عضو اللجنة الملكية محمد الحجوج -كما سمعته «القدس العربي» عدة مرات- أن المرحلة اللاحقة قد تشهد تطوراً كبيراً في الحياة الحزبية ومشاركة الأحزاب السياسية في الإدارة والتشريع.
يحصل ذلك، وإن كان الغموض لا يزال محيطاً ببعض التفاصيل والتداعيات، خصوصاً أن خطاب العرش تحدث عن ما يتجاوز تعديل تشريعات في جوهر رسالة المرحلة المقبلة، تحت عنوان تحديث المنظومة السياسية للدولة.
وقبل ساعات من خطاب العرش، صدر أيضاً عفو خاص عن الملك يلغي التحقيق في 155 ملفاً قضائياً بتهمة إطالة اللسان.
وقدم الملك رعاية خاصة لتكريم نخبة واسعة من رموز مرحلة والده الملك الراحل الحسين بن طلال، وبمناسبة ذكرى ميلاد الراحل، وفي ظل أجواء استذكار وطنية وشعبية وجماعية للملك الراحل، بما في ذلك استذكار واستعادة سلسلة أحاديث مصورة ومجموعة هائلة من الصور واللقطات للملك الراحل، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد بالتوازي صعوداً يمتدحه الأردنيون شعبياً في دور وبصمات وملامح مؤسسة ولاية العهد.
«تحديث المنظومة السياسية» برنامج عمل يحظى بالأولوية الآن على مستوى الدولة، وتم تعميده عبر خطاب العرش أمس بصعود دخان أبيض سياسياً، يوصي بتدشين المرحلة المقبلة تحت عنوان العمل الحزبي، وهو خيار انعكس فوراً على أجواء ومناخ اختيار وانتخاب رموز مواقع الصف الأول في مجلس نواب الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading