نتنياهو يهدد 6 دول عربية في120 ثانية فقط… «وعد ترامب» و«وعد بلفور» وشاشات العرب «لا تستيقظ»

احتاج، نتنياهو الفالت من عقاله، حسب تعبير البرلماني والسياسي الأردني الغائب عن الأضواء عبد الكريم الدغمي إلى 120 ثانية فقط على تلفزيون «آي24» ليخبص 6 شعوب عربية مع بعضها البعض أولا، ومع حكوماتها وقادتها ثانيا.
120 ثانية فقط على الهواء قلبت الموازين والاعتبارات على مستوى شوارع الأوطان الستة، حيث وجد نتنياهو الفرصة مواتية ليقولها دون رمشة عين «أنا في مهمة روحانية وتاريخية» والأهم «ارتباطي كبير بإسرائيل الكبرى».
قالها «وحش الإبادة» المطلوب للجنائية الدولية، وترك شعوب مصر والأردن والعراق ولبنان وسوريا، وسلطة رام الله تضرب الأخماس في الأسداس، ليس لأن نتنياهو مخيف ومرعب وقادر فعلا على ما يخطط له، ولكن لأن شعوب الدول المحيطة بفلسطين المحتلة تعرف بصورة محددة «الوزن الحقيقي» لحكوماتها كلها.
شاشات البث الإسرائيلية ألهبت الجماهير فقط، فيما يلمح أحد المتحدثين على شاشة «رؤيا» الأردنية أن كلام نتنياهو مجرد «دعاية وإعلان»، وصوت الدكتور ممدوح العبادي المبحوح يصيح على إحدى المحطات، وهو يردد «نتنياهو كشخص ليس هو المهم، لكن الناخبين اليهود، وهو يمثلهم يا قوم»!
صمت متلفز
القناة الإسرائيلية 14، وهي يمينية في الواقع، خصصت برنامجا حواريا شاملا مع 6 ضيوف للإجابة على السؤال التالي: هل أقنع سموتريتش فعلا نتنياهو بإمكانية تحقيق مشروع إسرائيل الكبرى؟
أحد المعلقين واسمه «ياني» قالها بالحرف: «تلك ليست أفكار سموتريتش وحده، بل أفكار السفير الأمريكي مايك هاكابي أيضا.. دعونا نعود للوراء لنكتشف أن الرئيس ترامب هو أول من قال «إسرائيل مساحتها صغيرة والجغرافيا ظلمتها».
الغريب أكثر أن 3 قنوات إسرائيلية على الأقل انشغلت بتهديدات إسرائيل الكبرى وعزفت موسيقى التحليل والتوقع فيما صمتت الفضائيات الرسمية العربية في الدول الـست المستهدفة.
فضائية «القاهرة الإخبارية»، وعلى مدار 3 أيام توقفت عند حدود تلاوة التصريح الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، مع أن القناة الإسرائيلية 12 توسعت بدورها في بث حلقتين من برنامج متكامل يتحدث عن «التطور الخطير في الصناعات الحربية المصرية»، التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي.
في عمان تلفزيون «المملكة»، وهو رسمي للغاية تحدث بلغة «سيناريوهات نتنياهو ستتحطم على صخرة الأردنيين». أحدهم على «فيسبوك» تسرع وسأل بالعامية المصرية: هي فين الصخرة… دلوني عليها؟!
النشامى، طبعا ودوما «صخرة»، وعلى العدو ألا يختبرهم. حسنا كيف سنتحول إلى صخرة وثلثي الشعب على محطة «الترانزيت»، والثلث المتبقي لا توجد حكومة تخاطبه ونصف النواب الحاليين يفكر بالتهام ثلثي مقاعد زملاء لهم تحولوا فجأة إلى «حزب أقل حظا»؟
كنت أتخيل ما دام مشروع نتنياهو يهدد الأردن مباشرة أن ينزل الناس مع الحكومة فورا إلى الشارع في تظاهرة عارمة توجه رسالة للمجرم الإسرائيلي. أقله التفكير بأدوات دبلوماسية خشنة مع علمنا المسبق أن «حنفية الغاز والمياه» عند «الجار الإسرائيلي المجرم الانقلابي».
«مرحى لمدرعاتنا»
فضائية «الإخبارية» في دمشق تخصص ثلثي الوقت لمرافقة الوزير أسعد الشيباني حصرا!
المنطقة والعالم دخلا في فانتازيا و»سي أن أن» نقلت عن الرئيس ترامب قوله «لدينا أسلحة فتاكة.. جاهزون لاستخدامها» على هامش مقابلته الحيوية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فيما تلفزيون الحكومة الأردنية لم يقرر ولو بث أغنية «مرحى لمدرعاتنا» من بوابة الإيحاء.
لا أحد إطلاقا يطالب البلاد الستة، التي يريد نتنياهو التوسع على حسابها بإطلاق صواريخ ورصاص، لكن ثمة أدوات خشنة نسمع عنها بين الحين والآخر آن أوانها والشعب يريد «أغاني المدرعات».
وما يثير الحيرة أكثر فإن تلفزيون «فلسطين» التابع للسلطة في الليلة نفسها، التي تحدث فيها نتنياهو عن «إسرائيل الكبرى» كان مراسل ما يتجول مع محافظ جنين لإبلاغ الشعب الفلسطيني أن أحد الشوارع الفرعية تمت صيانته بمجرد مغادرة مدرعات الجيش الإسرائيلي.
سلطة الحفر والمطبات
كاد المراسل ومعه مسؤول ما عن «تزفيت الشوارع» أن يقسم أن السلطة أنجزت وأزالت «كل الحفر والمطبات»، فيما يبلغ الدكتور أنيس القاسم، كاتب المقال بأنه شخصيا سيتقدم بالشكر لسموتريتش عندما يكتب الخلاص للشعب الفلسطيني، ويغلق تلك السلطة التي لن يتأسف أحد عليها!
عمليا لا مكان لسلطة ولا حتى لشعب في الضفة الغربية في حال رغب نتنياهو بممارسة شغفه وحلمه التاريخي على طاولة دونالد ترامب عندما يزور فلسطين المحتلة ويدنسها بكلمات متوقعة عن التعاطف مع صغر حجم إسرائيل في الجغرافيا وحاجتها «يا حرام» إلى «حفنة أراض في الجوار».
ترامب رجل عقارات منفلت أيضا، وبلا ضمير أو أخلاق وتوزيع أراضي الشعوب العربية، ولو جزء منها كهدايا على جماعة «من البحر إلى النهر» هو الاحتمال المرجح عندما يزور الكيان.
المسألة لم تعد تتعلق بـ»سايكس بيكو» جديد فقط، بل بـ»وعد ترامب» على طريقة الحاج «بلفور».. استعدوا!
لحظتها نتمنى أن تستيقظ على الأقل تلفزيونات العرب، بعد سباتها العميق في مواجهة شاشات يقظة عند العدو.