اراء و مقالات

عشائر الأردن: خلطة نضالية بتوقيع الإسلاميين عندما «يتراكم» اليقين بالخطر الإسرائيلي

البنية العشائرية الأردنية بدأت تشعر بالخطر جراء استعراضات حكومة الائتلاف اليميني الإسرائيلي بعد ثبوت دورها في تدمير البنية التقليدية للعلاقات الأردنية الإسرائيلية.

عمان ـ «القدس العربي»: مستجدان يمكن رصدهما بوضوح وبساطة في خطاب الإسلاميين الأردنيين مؤخرا لكنهما يكملان عمليا نصاب الحالة الاجتماعية والنخبوية المحلية التي بدأت تشعر بالخطر الشديد جراء استعراضات وأدبيات حكومة الائتلاف اليميني الإسرائيلي بعد ثبوت دورها في تدمير البنية التقليدية للعلاقات الأردنية الإسرائيلية، وثانيا في إحياء كل هواجس القلق في عمق المجتمع الأردني وتحديدا في شرائحه القبلية والعشائرية.

المستجد الأول هو التركيز في خطاب حزب جبهة العمل الإسلامي التنظيمي والشعبي والإعلامي أيضا على استدعاء كل دلالات وترميزات الاشتباك العسكري اليتيم الذي انتصر فيه جيش عربي على غزو إسرائيلي.
والحديث هنا حصرا عن معركة الكرامة التي يعيد الإسلاميون ويزيدون بشكل واضح في استعادة ذكرياتها مع ذكريات النصر على العدو في عملية لا يمكنها أن تكون إلا منهجية بالنسبة للمكاتب والأجنحة والشعب التي تحكم أكبر أطراف المعادلة في التيار الإسلامي الأردني.
والمستجد الثاني لا يقف على عتبة معركة الكرامة ودلالاتها فقط، بل بدأ يخاطب البنية العشائرية الأردنية بشكل واضح والتي زادت هواجسها أصلا بسبب ما يسمى بتطلعات اليمين الإسرائيلي وأطماعه في سلسلة هواجس وطنية أردنية وعشائرية واجتماعية يغذيها اليوم القصور الشديد في مناجزة أو مفاوضة أو حتى مواجهة صلف اليمين الإسرائيلي ليس في بعده الفلسطيني فقط ولكن في بعده الأردني أيضا.
يعزف التيار الإسلامي الأردني على الوترين بكفاءة. والأهم بكثافة مؤخرا تعبيرا عن ما يسميه الشيخ مراد العضايلة بعودة القضية إلى جذرها وعلى أساس القناعة بأن مصالح الوطن الأردني اليوم بما فيه مصالح النظام والدولة تقتضي العودة لأصل الصراع والتوثق بأن الشعب الأردني لا خيار له سوى توحيد مصيره مع الشعب الفلسطيني ومقاومته.
واللافت أكثر أن عملية العزف هنا لا تقتصر على الإسلاميين وحدهم من باب الانصاف في المتابعة والتحليل، فمساحة هواجس الخوف من تطلعات وطموحات اليمين الإسرائيلي زحفت بقوة مؤخرا بعد تحرشات إيتمار بني غفير وخرائط يتسئيل سيموتريتش في أوصال الخريطة النخبوية والعشائر الأردنية بصيغة ملحوظة وأيضا في أوساط حتى بعض دعاة السلام ورموز المفاوضات.
ما يسميه الشيخ العضايلة في نقاش مع «القدس العربي» بالوقوف أمام الحقيقة الموضوعية، يشبهه بالقياس ما يصر عليه وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر عندما يطرح معادلة تطالب أوساط القرار في بلاده بالانتباه واليقظة لأن «إسرائيل التي نعرفها ووقعنا معها معاهدة انقلبت علينا».
ليس سرا هنا أن ما يؤشر عليه العضايلة ويشبه ما يقوله المعشر قريب رغم التناقض السياسي من حرص وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة وعلنا على الدعوة إلى عودة خدمة العلم العسكرية وتجهيز الأردنيين للتدريب على السلاح، وهو خطاب يشبه أيضا ما يقوله مخضرم مثل الوزير والبرلماني الأسبق الدكتور ممدوح العبادي وهو يؤسس عدة مرات وأمام «القدس العربي» أيضا لفكرة الصدام الحتمي المقبل والقادم يقينا بين الشعب الأردني ومؤسساته وبين مشروع اليمين المتطرف.
قريب من نفس الخطاب ما يقوله رمز عشائري كبير مثل الشيخ طراد الفايز بخصوص انقلاب إسرائيلي قد لا يقف عند حدود استهداف الدولة الأردنية فقط بل قد يخطط لاستهداف الهوية الوطنية الأردنية.
وهو ما يقوله أيضا جنرالات سابقون من المؤسستين الأمنية والعسكرية وما يردده اليوم في اجتماعات العشائر والقبائل زعماء وقادة محليون، وما تعززه بعض القناعات المخفية في ملف احتجاز إسرائيل لممثل قبيلة مهمة في البرلمان الأردني وهو النائب عماد العدوان.
الرابط أساسي ومهم ولا يمكن إنكاره لا في الخطاب ولا في البيان ولا في المخاوف والتعبير وحتى في الوفد الذي فاوض على اتفاقية وادي عربة، ينسحب المفاوضون الرسميون في مواجهة هواجس الانقلاب الإسرائيلي كما بدأ وزراء خارجية سابقون ينتقدون أو يمتعضون.
يتراكم الإحساس بالخطر بين خريطة النخب وقوى المجتمع الأردني بطريقة غير مسبوقة ويؤسس لأدبيات يلتقط ما هو جوهري حصرا قبل غيره التيار الإسلامي الأردني العميق، حيث تجلى ذلك حتى في شريط الفيديو الذي كان من بين إصدارات حزب الجبهة مؤخرا والهادف لتسليط الضوء على التناقض الطبيعي ما بين الهوية العشائرية الأردنية والوطنية معها وبين فكرة إسرائيل ومشروعها.
الفيديو طرح سؤالا لجذب انتباه الجمهور: ما الذي تعرفه عن دور قبائل شرق الأردن في مناصرة القضية الفلسطينية؟
لكن الأهم وفقا لما يشخصه القيادي الإسلامي الشاب الدكتور رامي العياصرة هو ان التناقض ليس جديدا بل قديم جدا ما بين المشروع الصهيوني الإسرائيلي والقبائل الأردنية برمتها، والعشائر الأردنية تاريخيا كان لها الدور الأكبر والأبرز في دعم المقاومة الفلسطينية ضد المشروع الصهيوني.
يلاحظ العياصرة بأن أي قراءة في سيرة الوطني والمناضل الأردني القومي راشد الخزاعي وفي سيرة مفلح الكايد العبيدات وغيرهما من أبرز زعماء القبائل الأردنية تدلل على الدور الكبير والبصمة الأساسية في إسناد مقاومة الشعب الفلسطيني وتزويد ثورة القسام بالسلاح لا بل والمشاركة بالرجال أحيانا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى