اراء و مقالات

تنافسات «رئاسة» مجلس النواب الأردني: متى يصعد «الدخان الأبيض»؟

يبدو أن الاهتمام بوثيقة مخرجات المنظومة السياسية أهم من أن تترك مواقع الصف الأول في مجلسي الأعيان والنواب للصدفة أو لقوى الخريطة النخبوية.

عمان-»القدس العربي»: إذا جرت انتخابات رئاسة مجلس النواب الأردني اليوم وبدون تدخل أو صعود جديد للدخان الأبيض، الفرصة الأكبر متاحة بين يدي النائب الدكتور نصار القيسي أو النائب الأول لرئيس المجلس في الدورة الماضية أحمد الصفدي للجلوس على موقع الرئاسة في سلطة التشريع.
هذا هو الإنطباع وسط عدد كبير من أعضاء الكتل البرلمانية قبل نحو 11 يوما من انعقاد الدورة الجديدة للبرلمان والتي يمكن اعتبارها مهمة جدا وبصيغة استثنائية لأنها ستشهد نقاشات عامة مفصلية في مشروعين في غاية الأهمية.
المشروع الأول هو وثيقة مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية للدولة، حيث نصوص وتعديلات تشريعية في غاية الأهمية يعتقد بان الأوامر والتوجيهات تقضي بأن يقرها البرلمان قبل نهاية العام الحالي في وجبة متسارعة جدا ومبرمجة على أساس المصالح السياسية العليا والتحالفات.
والمشروع الثاني هو الميزانية المالية للعام الجديد حيث ينكب وزير المالية محمد العسعس وطاقمه ويغرقان في التفاصيل الآن وبصيغة توحي بأن ملف الخطوة التالية في تثبيت الحكومة أو ترحيلها مؤجل ضمنيا إلى ما بعد عبور الميزانية المالية.
في انتخابات رئاسية مجلس النواب ثمة تطورات ومستجدات مثيرة سياسيا وبرلمانيا.
وفرصة رئيس المجلس الحالي عبد المنعم العودات مجددا لا تبدو مضمونة تماما إلا إذا أصبح التجديد له ضمن حسابات المرحلة اللاحقة من خيارات الدولة، ما يعني التدخل المباشر وعلى أساس ضمان الحالة الوادعة سياسيا والوازنة تشريعيا التي يمثلها العودات.
في انطباع غالبية النواب ترك العودات وحيدا في مواجهة انتخابات مرتبكة وتنافس حاد تعني عودته إلى صفوف النواب منتصف الشهر الجاري ووجود رئيس جديد على منصة رئاسة مجلس النواب حيث التنافس الحاد بين ثلاثة نواب مخضرمين وأقوياء الآن هم إضافة إلى القيسي والصفدي عبد الكريم الدغمي.
في حسابات المألوف والمتوقع فرصة الدغمي قد تكون الأقل والنشاط فعال بصورة مكثفة على جبهة القيسي الذي يلتقي جميع الزملاء فرديا وعلى المستوى الكتلوي باعتباره من قدامى الأعضاء، فيما الصفدي لاعب أساسي ومهم وموقفه سيكون له دور في حكم وحسم التفاصيل إذا ما ظهر اسمه على لوح المرشحين للرئاسة أو حتى إذا انتظر للحظة الأخيرة لإعلان ترشيحه ضمن سلسلة من التقديرات المعقدة التي يجيد الاشتباك معها نائب بخبرة تصلح للتكييش السياسي وقدرة إدارية في مفصل إدارة الجلسات.
معنى ذلك ان الموقع وهو مهم في الخريطة المحلية سيجلس في حضن أما الصفدي أو القيسي إذا ما تقرر بقاء العودات وحيدا في المواجهة وترك مسألة ترشيحه لتوازنات النواب الشخصية إلا إذا تغيرت المعطيات في اللحظة الأخيرة، مع ان العودات وفي الأيام الأربعة الأخيرة بدا مرتاحا أكثر ونشط في الاتصال بالنواب وتوفرت لديه بعض القدرة على تجاوز مظاهر العتب والحرد والاحتقان الشخصي.
وتؤكد جميع المصادر النيابية بان مجلس النواب عموما لا يملك القدرة على اتخاذ القرار بنفسه بل تساعده مجسات الدولة والمؤسسات في التأسيس لبوصلة تحدد خيارات مواقع الصف الأول في رئاسة مجلس النواب رغم ان الفروقات بين النواب المترشحين للموقع بالنسبة للدولة وللحكومة قليلة أو نادرة جدا باستثناء تفاعل حالة مرشح من وزن الدغمي يبحث عن فرصته التي تعني الكثير سياسيا مع أنه يملك القدرات المهنية والقيادية الأهم في إدارة سلطة التشريع.
الموقف معقد والقياسات والمقاربات منشغلة جدا الآن بالتفاصيل، فعودة العودات لها كلفة وفيها مكاسب وترك المجلس منفردا لاتجاهاته قد لا يكون قرارا حكيما، وتمكين الصفدي من رئاسة المجلس تعني الانتقال إلى حالة إدارية وسياسية مختلفة قابلة للتجربة وترك المسائل بدون تدخل يعني بان القيسي هو المرشح الأوفر حظا.
توجه في العمق أسئلة واستفسارات محددة خلف الستارة ويترك لغالبية النواب هامش تأسيس توازنات في مواقع أقل أهمية من رئاسة المجلس، والانطباع قوي بالتوازي بان بقاء مجلس الأعيان وهو غرفة التشريع الثاني بتركيبته الحالية أمر صعب إذا ما تمأسست مسألة انتخابات رئاسة مجلس النواب على فكرة شخصية توافقية تتعاون مع الأعيان لعبور والنجاح بعبور حزمة تحديث المنظومة السياسية.
نظريتان في مواقع القرار تتزاحمان الآن.
الأولى تقترح ترك تفاعلات سلطة التشريع بأعيانها ونوابها لحالة تلقائية طبيعية تنسجم مع معايير فتح صفحة جديدة باسم تحديث المنظومة.
والنظرية الثانية تلك التي تفترض بان الفراغ مكلف والمفاجآت محتملة والأصل ضبط الإيقاع وحسم التجاذبات مما يعني ضمنيا هندسة مجلسي الأعيان والنواب وبضغط من بعض الليبراليين والمستشارين.
طبعا ثمة تداعيات في حالة حسم الجدل ستفرض بصماتها. لكن يبدو أن الاهتمام بوثيقة مخرجات المنظومة السياسية أهم من أن تترك مواقع الصف الأول في مجلسي الأعيان والنواب للصدفة أو لقوى الخريطة النخبوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى