اراء و مقالات

التحدي الأبرز أمام مسار المنظومة في الأردن: الأكاديمي والبيروقراطي أحيانا في «الاتجاه المعاكس»

السلطات المعنية ومئات المتحمسين لمرحلة الانتقال عليهم اليوم أن يبذلوا جهدا أكبر لإقناع الحكومة وكبار الموظفين وحتى الأكاديميين في الصف الرسمي بأن الخطة جدية.

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد تقريبا حسم أموره بخصوص التقييم الأخير لمسار تحديث المنظومة السياسية في الأردن. ولا أحد على مستوى الخبراء والمراقبين يمكنه الادعاء بعد بأن المحاججة ليست غامضة.

يبرز حدث هنا أو تولد واقعة أو دسيسة هناك لإعادة إنتاج الشكوك والارتياب في السياق العام.
بعض الأجهزة البيروقراطية وللأسف الشديد الأكاديمية أيضا تغرد خارج سرب الرؤية الملكية المرجعية وبرنامج تحديث المنظومة السياسية وكأن الدولة وأجهزتها والرؤية المرجعية بحاجة ملحة لمعركة باتجاهين.
الأول هو إقناع الجمهور الأردني بان الأحوال تغيرت وبان المضي فقط للمستقبل وللأمام على حد تعبير موسى المعايطة رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات وأحد أبرز نجوم مرحلة تحديث المنظومة السياسية.
والخيار الثاني هو العودة إلى الوراء لترك الجمهور والتركيز على إقناع الموظفين البيروقراطيين في المؤسسات الرسمية بان المسيرة جدية وبأن الدنيا والأحوال تغيرت وبأن الأحزاب السياسية بعد الآن هي صاحبة المشهد مستقبلا. وهو أمر ورد بالنص في آخر خطاب ملكي يحفز جميع الأطراف على الالتزام بمسار تحديث المنظومة السياسية.
العملية ليست سهلة لا بل تبدو متعبة فمن غير المنطقي أن تبذل مؤسسات القرار المزيد من الجهود وتركز على أطقم الموظفين والاجتهادات البيروقراطية فيما أساس العمل نحو جذب الحاضنة الاجتماعية لمسار التحديث ولمسيرة العمل الحزبي هو المنطلق أو الأولوية التي ينبغي العمل معها لإنجاح المشروع عموما.
حتى الآن يبدو أن بعض المؤسسات لا تقف عند حدود التغريد خارج سرب تحديث المنظومة فقط، ولكنها ترسل الإشارات المعاكسة في المستوى البيروقراطي وآخر مرحلة في هذا الاتجاه تحدث عنها صراحة في نقاش مع «القدس العربي» الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة وهو يلاحظ أن ما حصل في جامعتين حكوميتين على الأقل مؤخرا عملية معاكسة بالمبنى والمعنى وبالدلالة لمسار تحديث المنظومة السياسية.
وحديث العضايلة هنا عن منع طلاب تخاطبهم الدولة هذه الأيام أملا في جذبهم للتعبير عن آرائهم وللحريات العامة والديمقراطية وللعمل الحزبي من التعبير عن موقفهم في التضامن مع المسجد الأقصى وحتى في سياق الدعم والإسناد للوصاية الهاشمية في القدس الشريف.
بعيدا عن الغموض السياسي الذي يكتنف قامات أكاديمية تحكم المؤسسات الجامعية بعد سلوك من هذا النوع تصبح مثل هذه الحوادث وبصرف النظر عن أسبابها بيروقراطيا من الذرائع التي تجعل إعادة جذب الحاضنة الاجتماعية لمسار تحديث المنظومة من أصعب المهام لا بل من أكثرها تعقيدا.
ثمة إشارات معاكسة تماما للحريات العامة والحزبية تحدث عن بعضها بالتفصيل في إطار ملف الحريات حصرا وبمعية «القدس العربي» الحقوقي والناشط والمحامي عاصم العمري وهو يعيد طرح الأسئلة مجددا عن تلك الرسائل المعاكسة لكل الاتجاهات التي تتحدث عن خطط التحديث وحجة وذريعة تقام على التحديث بعد تصرفات العديد من المؤسسات الرسمية.
وفي حفل إفطار إعلامي وسط نخبة من السياسيين والإعلاميين رصد الجميع عضو مجلس النواب الأسبق سليمان أبو حويلة وهو بدرجة كبيرة يوجه الاتهام لبعض المؤسسات الرسمية في أنها لا تبذل ما يكفي من الجهد لدعم وإسناد العمل بموجب خطط التحديث والتمكين المرجعية.
وبوضوح أكثر تحدث أبو حويلة بوجود عدد كبير من الصحافيين والكتاب عن حزبين رئيسيين في الساحة يتم دعمهما بطريقة مبالغ فيها ويحظيان بالدلال.
والحديث هنا عن حزبين وسطين بكل الأحوال يحاول إعادة جميع الأطراف لفكرة أحزاب الأنابيب التي ينطق بها علنا المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات ثم تحولت إلى موضة في التعليق الساخر على مسار التحديث الحزبي قبل أن تنطلق بعض الأحزاب وتعقد مؤتمراتها العامة وتمضي المسيرة بدرجة تفاؤل أكبر.
بكل حال واضح تماما أن العراقيل التي توضع اليوم أمام مسيرة العمل الحزبي في البلاد مرتبطة جذريا ببعضها البعض.
وأغلب التقدير ان مواجهة ظاهرة العزوف الاجتماعي عن العمل الحزبي والشكوك بأن العشائر الأردنية ذات الحضور الكبير والتقاليد الراسخة ليست بصدد المشاركة في أي عرس وطني له علاقة بالأحزاب إضافة إلى معاكسات مبادئ وأسس وملامح وهوية الحريات العامة وكل الخطاب السلبي العدمي ورصد حادثة بيروقراطية هنا أو هناك تعتدي على حرية تنظيم الشباب لفعالياتهم وخصوصا في الجامعات.
كل تلك عناصر يمكن ان تصنف في منسوب قوى الشد العكسي الآن والغريب أن السلطات المعنية ومئات المتحمسين لمرحلة الانتقال نحو تحديث مسار المنظومة الحزبية في البلاد عليهم اليوم أن يبذلوا جهدا أكبر لإقناع الحكومة وكبار الموظفين وحتى الأكاديميين في الصف الرسمي بأن الخطة جدية.
وهي مسألة لم تكن متوقعة بحكم تقاليد الإدارة العامة المعروفة وبحكم ضرورة أن ينسجم كبار المسؤولين مع الرؤية الجماعية التوافقية التي حظيت بمباركة المرجعيات وترجمت نفسها عبر تعديلات تشريعية مهمة، الأمر الذي ولأسباب غامضة لم يحصل بعد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading