اراء و مقالات

هل تتفاعل عمان مع «سيناريو الإقصاء» بعد عتاب «حماس»؟

بعد إعلان «أبو عبيدة»: «الأردن منا ونحن منه»

عمان ـ «القدس العربي»: مرة جديدة تدق حركة «حماس» أبواب الستار الأردني الرسمي الحديدي المفروض على التعاطي معها علناً فيما الميكروفون ليس لقادة المكتب السياسي ولا لدعوات تحشيد الحراك الشعبي الأردني،
أهم ما في تلك العبارة التي أثارت تساؤلات في عمان أنها صادرة عن الجناح العسكري لحركة «حماس» وليس عن الجناح السياسي، وليس فيها أي مقترح له علاقة بالحراك الشعبي الأردني أو بحصار سفارة تل أبيب أو حتى بمخاطبة العشائر والمطالبة بالتظاهر على حدود فلسطين المحتلة. كل تلك الملاحظات توقفت واستجابت لها رموز حركة «حماس» السياسية.
والوقفة بالتالي إجبارية سياسياً أيضاً لإعادة قراءة مقاصد عبارة «الأردن منا ونحن منه» وهي عبارة جاوب عليها الشارع الأردني لأكثر من أسبوع بهتافات تخص حصراً بالذكر أبو عبيدة، صاحب الجماهيرية الواسعة الآن وسط الأردنيين.
ترافق تعليق أبو عبيدة عملياً مع تطورين لا بد من الوقوف عندهما على مشهد «علاقة توترت مؤخراً من دون سبب واضح» بين الأردن الرسمي وحركة «حماس» عبّر عنها الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير مهند مبيضين عندما ظهر على قناة «سكاي نيوز» المعادية أصلاً للمقاومة، ناصحاً قيادة المقاومة بالتركيز على معاناة الشعب الفلسطيني، والصمود.

تطوران وانزعاج

التطور الأول يتمثل في تلك العبارات الحرجة التي صدرت عن القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق، عندما «شرح الأمر الواقع»- كما يصف مقربوه- عملياً وهو يشير إلى أن «مئات من كادر «حماس» يحملون الجنسية الأردنية» وهؤلاء لن يجدوا إلا العودة إلى عمان إذا أغلق الأمريكيون بوابات بعض المدن العربية والإسلامية عليهم.
التطور الثاني له علاقة بما تتهامس به أوساط في المقاومة عن «انتقال ما» في السياق الأردني مؤخراً تفاعلاً مع تصورين، مصري وإماراتي، وثالث «فتحاوي فلسطيني» من «منطقة عدم الرغبة في إقامة اتصال رسمي مع «حماس»» إلى منطقة قبول عمان لفكرة «ترتيبات من أجل إبعاد «حماس» عن معادلة مستقبل غزة». في هذه الجزئية ثمة تقاطعات مزدحمة في المشهد، لأن «القدس العربي» سمعت قادة أساسيين في حركة «حماس» يتحدثون عن خطوات أردنية تفاعلية- ترصد لأول مرة- قبل أسابيع مع سيناريوهات تعرفها المقاومة وتقترحها عواصم عربية تتفق مع الإسرائيلي والأمريكي على «حرمان «حماس» وفصائل المقاومة» من مكاسب الحرب والمعركة.

بعد إعلان «أبو عبيدة»: «الأردن منا ونحن منه»

في أحد اللقاءات وبحضور «القدس العربي» لم يخف الشيخ إسماعيل هنية مباشرة مشاعر الانزعاج و«العتب» عند المقاومة من وجود دول عربية تسعى لـ «مقايضة» الغذاء والمساعدات والحصار بإخراج فصائل المقاومة من المسرح وحرمانها من مكسب الصمود العسكري والإقصاء. لم يذكر الأردن هنا آنذاك وهو يتحدث لشخصيات سياسية زارت مقره في الدوحة قبل أسابيع، لكنه لاحقاً وفي مناسبة مماثلة في إسطنبول وأيضاً أمام «القدس العربي» ركز على التذكير بأن مصالح الأردن الأساسية والعليا تتفق مع مساعي ومشروع المقاومة، متحدثاً بلباقة وبعتب.
عملياً، لم يعد سراً أن ما يقوله المختصون في مقرات «حماس» بخصوص «تدوير الزوايا الأردنية» مؤخراً أن «عمان تبدلت» قليلاً مع المقاومة، وهي تتنقل من «السلبية في التواصل السياسي» واقتصاره بين الحين والآخر على «الأمني فقط» إلى «خطوات تفاعلية» مع الرأي المناهض لـ«حماس» والفصائل في بعض السيناريوهات العربية.

«كتلة حرجة وكبيرة»

يحجم المعنيون هنا عن كشف «الأدلة والقرائن» لكنهم يطرحون من باب القراءة السياسية «الاستدلال» بالصمت الرسمي والبيروقراطي للحكومة الأردنية على «سلسلة أفلام الأكشن الإعلامية» التي حاولت «شيطنة المقاومة» مؤخراً، وتبنتها شخصيات أردنية بفرية «التدخل والتحريض».
قيادة «حماس» هنا تقول إن المؤسسة الأردنية تعلم يقيناً بأن سلسلة «أكاذيب» تم ترويجها بخصوص الأردن والمقاومة، لكنها مع ذلك اليقين سمحت لحملات الشيطنة بالعبور والاستقرار ولم تمنعها إلا عندما بدأت تمس بمعادلات داخلية أردنية.
أكثر قادة «حماس» ومنهم أسامة حمدان وخالد مشعل وهنية وآخرون، وقد سمعتهم «القدس العربي» من إطلاق تعبيرات ناعمة في امتداح الموقف الرسمي والملكي الأردني المتقدم جداً، وفي الإطراء الممتن لـ «وقفة الشعب الأردني» لكن في الأبعد والأعمق تتحدث أوساط المقاومة عن «تقارب ما» حصل مؤخراً بين الأردن الرسمي وتلك الأسطوانات التي ترددها إما عواصم عربية أو البعض في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
ثمة «ملاحظات» في السياق، لكن بالمقابل ثمة ملاحظات «أردنية منهجية» من بينها عدم بذل قيادة «حماس» الجهد الكافي لمنع وصول التناقضات إلى الشارع الأردني، واستمرار إطلاق «مناشدات تحريضية» فيما المبادرات الأردنية الرسمية والملكية حصراً تتقدم وتقود في تفكيك الحصار على غزة.
وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي، كان قد همس في أذن «القدس العربي» قائلاً: «نحن نعلم أن الأخوة في «حماس» يعلمون بأن مرحلة إعادة الإعمار غير ممكنة في ظل وجودهم بالمشهد». مع ذلك، يقدر هنية ومشعل آخرون للصفدي تحديداً، أنه أول وزير خارجية في العالم تجرأ على طرح معادلة «لا يمكن تقويض وهزيمة «حماس» بالخيار العسكري».
وأحدهم في «حماس» رد همساً: «على علم بالتوازنات الأردنية ولا نعارضها، لكن نخشى انقلاباً لا مبرر له في مجاملة آخرين على حسابنا، والخشية هنا مردها ليس الخوف من هؤلاء الآخرين، لكن الحرص الشديد على ألا نصطدم بأي صيغة مع الأشقاء في الأردن».
يحاجج أردنيون في المؤسسة الرسمية بأن قادة «حماس» أثناء بحثهم عن أي صيغة لمواجهة الإسرائيلي، يمكنهم ركوب مجازفات لا مبرر لها بمخاطبة الشارع حصراً بين الحين والآخر.
بين «تخوفات الطرفين» تكمن «صيغة آمنة ما» يمكن التلاقي عندها، وفكرتها ما يقترحه على سلطات بلاده وليس على «حماس» الخبير الدكتور أنور الخفش، وهو يقول: «كتلة حرجة عملاقة في المجتمع الأردني تؤيد المقاومة اليوم وحتى في عمق أوساط الولاء التقليدي… «حماس» كسبت استراتيجياً، وإسرائيل هي الطرف الخاسر». تلك وقائع ـ يشرح الخفش ـ ليس من الحكمة على دوائر القرار في الحكومة الأردنية تجاهلها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading