“15 دقيقة” مع سي إن إن على المغطس شغلت الأردنيين: هل قصد الملك الاستعداد لـ”حرب” أيضا وهو يحذر الإسرائيليين؟
عمليا يعيد مثل هذا المقال لرئيس الديوان الملكي الأسبق ترسيم الثوابت وإحياء ما سبق أن ذكره الملك شخصيا قبل نحو ثلاثة أعوام
مرة أخرى يترك الشرح لنخبة من الخبراء الكبار، والتلميح كان واضحا من رئيس الديوان الملكي الأسبق في الأردن الدكتور جواد العناني صاحب الخبرة في الاشتباك مع الملف الفلسطيني والإسرائيلي والشخصية المخضرمة عبر مقال نشرته عدة مواقع إلكترونية أبرزها صحيفة عمون، أعاد فيه شرح بعض الخطوط الحمراء التي تحدث عنها العاهل الملك عبد الله الثاني في مقابلة شهيرة مع محطة السي إن إن مدتها 15 دقيقة ولا تزال تثير الجدل في المشهد السياسي الأردني.
وجهة نظر العناني في مقاله المثير أن ثمة أمرين حرص الملك على أن يضع الخطوط الحمراء تحتهما بحيث لن يسمح بتجاوزهما.
وهما وفقا لتفسير العناني طبعا أي اعتداء أو تقويض للوصاية الهاشمية في القدس والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وذلك الخط الأحمر الأول، والخط الأحمر الثاني هو أن تقوم الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأي عملية ترانسفير للفلسطينيين عبر الأردن أو إليه أو اتباع سياسات وممارسات تجعل الأردن وطنا بديلا.
وفي هذين الحالين اعتبر العناني والذي لديه مخزون من المعلومات بالعادة أن الأردن جاهز للمواجهة ومع أي احتمال حتى لو كان الحرب.
وكلمه الحرب بمعنى المواجهة العسكرية هنا تستخدم لأول مرة من قبل نخب وصالونات أردنية في وصف تلك الرسالة التحذيرية المهمة لحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة التي وجهها الملك شخصيا عبر لقاء استمر 15 دقيقة مع محطه سي إن إن وتم تصويره قرب منطقة المغطس على الحدود بين الكيان أو الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن.
عمليا يعيد مثل هذا المقال لرئيس الديوان الملكي الأسبق ترسيم الثوابت وإحياء ما سبق أن ذكره الملك شخصيا قبل نحو ثلاثة أعوام
وعمليا يعيد مثل هذا المقال لرئيس الديوان الملكي الأسبق الذي سبق أن تقلد عدة مناصب أساسية قيادية في الدولة ولديه خبرة واسعة، ترسيم الثوابت وإحياء ما سبق أن ذكره الملك شخصيا قبل نحو ثلاثة أعوام وفي عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإبان مرحلة تسويق وترويج ما سمي بصفقة القرن عندما قال بأن الأردن يرفع “كلا” لتغيير الأمر الواقع في القدس وكلا للتهجير وكلا للوطن البديل، مشيرا في ذلك الخطاب الشهير (أي الملك) إلى أن الأردن فيه دولة وشعب وقوات مسلحة أردنية، بالمعنى أن رسالة التحذير قد اختلطت بموقف عسكري هنا لأول مرة، وفي الوقت الذي يتجرأ فيه العناني على طرح مثل هذا الخيار لم يكن أي من السياسيين قد طرحه في وقت سابق.
ويبدو واضحا أن نخب عمان تلتقط ما هو جوهري في مسألة التشكيل اليميني الإسرائيلي الوزاري المتطرف وتداعياتها على حزمة المصالح والثوابت والخطوط الحمراء الأردنية حيث الاحتمالات والسيناريوهات هي ما يشغل الصالونات السياسية الأردنية والمؤسسات المحلية في عطلة نهاية العام وقرب انطلاق العام الجديد، وحيث مبادرات وأفكار ومقترحات بالجملة في هذا السياق تحاول إعادة قراءة الواقع الموضوعي وما بين أسطر لقاء المغطس الملكي مع مراسلة سي إن إن.
بكل حال يقفز ملف القدس إلى الواجهة في ظل حملة ملموسة من الصحافة الإسرائيلية والعبرية تستهدف شخص ملك الأردن هذه المرة والمصالح الأردنية حيث مقالات بالجملة ظهرت مع نهاية الأسبوع الحالي تندد بالوصاية الهاشمية لا بل بعضها يحرض دولة مثل المغرب على التدخل لتقويض الوصاية الهاشمية باعتبارها الدولة التي تمثل المسلمين في ملف القدس.
وهنا برزت بعض السموم السياسية فيما بين أسطر المقالات الإسرائيلية مما يعكس أزمة مبكرة جدا جدا في العلاقات ما بين الأردن وحكومة نتنياهو الجديدة، رغم أن الملك ضمن تصريحه لسي إن إن إشارة أو ملاحظة لها علاقة بأن الجميع ناضج على أمل أن يتصرف نتنياهو في هذا السياق بالنضج المطلوب.
لكن نتنياهو على الأرجح لن يفعل ولا يستطيع ممارسة النضج بحكم توليفة وتركيبة طاقمه الوزاري وبالتالي قد يعود مشهد العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى تلك الجزئية التي طرحها وزير الإعلام الأردني الأسبق الذي لديه صلات ومعلومات أيضا، الدكتور محمد المومني، بعنوان أن لدى الأردن أوراقا سيستخدمها في حال بروز أي ممارسات من حكومة إسرائيل الجديدة تمس بمصالح الأردن وخطوطه الحمراء.
لكن ووفقا لتفسيرات العناني اليوم بعض تلك الخطوط الحمراء واضحة تماما للعيان وهي الوصاية الهاشمية على الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية باتجاه الأردن، والواضح أن من بين تلك الأوراق الآن وفقا لبعض القراءات التذكير بأن ثمة قوات مسلحة وثمة استعدادا أردنيا للذهاب إلى الحرب حتى، في حال المساس بهذين الثابتين الكبيرين.