اراء و مقالات

أبعد عن «التأزيم» وأقرب إلى «تسوية» … حزب «الجبهة» الأردني مطالب بـ «استجابات» وتعديل التركيبة

عمان- «القدس العربي»: مطلوب من قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني المعارض رسائل وإجراءات داخلية سريعة لتعزيز فكرة تجنب الخيارات الأسوأ فيما يتعلق بالحزب، وهي الحل والحظر بعد حظر جماعة الإخوان المسلمين.
لا تستطيع قيادة الحزب بعد الآن الادعاء بأنها لا تعلم ما هو المطلوب؛ لأن الفكرة باتت أوضح وأنضج، وتتمثل في إخراج الجناح الموصوف بالتشدد والصقورية من قيادة وهيئات ومؤسسات الحزب مرحلياً، بما في ذلك الرموز التي يصنفها أنصار الحركة الإسلامية أنفسهم اليوم بأنها تسببت بالأزمة الرسمية المتفاعلة مع الحركة والتيار.
لا يمكن معرفة ما الذي تنتظره قيادة الحزب بصورة محددة، لكن انتخابات داخلية مبكرة تؤدي إلى تغيير ما في اللهجة والتركيبة القيادية يمكن أن تشكل المحطة الأولى في الاستجابة لظروف واعتبارات مرحلة ما بعد حسم الدولة لملف الجماعة.
وهي ذاتها المرحلة التي استمرت الأسبوع الماضي بالتحقيقات العميقة، وخصوصاً المالية، وبالمزيد من الاعتقالات الاحترازية.
المشهد واضح فيما يخص الاستجابة المطلوبة مرحلياً من أهم وأعرض الأحزاب السياسية المرخصة في البلاد، والمحتوى هو التخلص من تبعات العلاقة التنظيمية مع جماعة حظرت بموجب القانون، وفقاً للنصيحة التي تقدم بها البرلماني الناشط عبد الناصر الخصاونة لزملائه النواب عبر «القدس العربي».
يتحول الحظر للجماعة وتبعاته وتداعياته إلى واقع ملموس قانونياً يقر به الجميع.
واللجنة التي كلفت بالإشراف على مقرات الجماعة وأموالها المنقولة وغير المنقولة قالت بوضوح للرأي العام المحلي، إن خطة الحظر في التفاصيل مستمرة ولن تقف عند خيار سياسي، والإجراءات ستكتمل، كما اقترح الناشط المدني الدكتور عامر بني عامر، علناً، في الإطار القانوني وليس في إطار التسوية السياسية.
يبقي ذلك عملياً سيناريو أي تسوية سياسية في حالة ارتباط واشتباك باستجابة الحزب وقيادته.
هنا ثمة مبادرات ومناورات مطروحة، من بينها العمل باتجاه انتخابات داخلية سريعة، وتسليم قيادة الحزب لمجموعة معتدلة قادرة على الاختراق، وإجراء عملية تفاوضية مع المؤسسات الرسمية حيث أسماء لا يستهان بها لديها القدرة على التجاوب مع سعي بعض السياسيين وبعض دوائر القرار للحفاظ على حزب الجبهة، ومنع السيناريو الذي لوحت به الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات عندما أبلغت وفداً يمثل الحزب رسمياً بأن ملف المخالفات القانونية للحزب أحيل إلى النيابة.
عملياً، حتى الأسبوع الماضي، امتنعت قيادة الحزب عن التصويت لمنهجية انتخابات جديدة.
وعملياً أيضاً، بعد شمول الاعتقالات للقيادي الصقوري البارز في الحزب الشيخ غازي الدويك، باتت الرسالة واضحة للحزب المطالب بتصحيح أوضاعه، لا بل بتحمل مسؤولية استمرار وجود التيار التأزيمي، «وفقاً للوصف الرسمي»، في قيادته ومؤسساته حيث يمكن لأفكار ومقترحات معتدلة محددة سلفاً ومعروفة اليوم المساهمة في منع انتقال عدوى الحظر إلى أوساط الحزب وتخفيف حدة الإعلام الرسمي وتشنجات مجلس النواب، لا بل المضايقات، التي تحصل لنواب كتلة الحزب تحت قبة البرلمان، وإن كانت من باب المبالغة في إظهار الولاء.
تغيير التركيبة القيادية بقرار ذاتي وانتخابات داخلية مبرمجة لإظهار حسن النوايا والرغبة في تجنب التصعيد، قد تكون الخطوة المطلوبة بعد اعتقال رئيس مجلس شورى الحزب وعضو بارز في مكتبه التنفيذي، وبعد قطع الاتصالات الرسمية تماماً مع نشطاء في الحزب كانوا يتولون عملية تبادل الرسائل.
لا يوجد حتى اللحظة أدلة ولا قرائن على أن قيادة الحزب تؤمن بالمقترحات التي تصلها بكثافة على شكل نصائح أو ملاحظة الآن وتحت عنوان التعديل والتصويب والاستجابة تجنباً لسيناريو الحل.
وجزئية عزل الحزب عما بعد مرحلة حظر الجماعة هي أيضاً مؤشر على قدرة قيادات الجماعة المحظورة على التفاعل الإيجابي مع أي سيناريوهات معتدلة مطروحة.
خففت السلطات وراء الستائر من حدة اللهجة تجاه الحزب.
وجزئية التصويب والاستجابة تتحول إلى مطلب داخلي. وما اقترحه القيادي الشيخ عبد الحميد الذنيبات بعنوان «انضمام قواعد الجماعة المحظورة للحزب بعملية متفق عليها مع الدولة» قد يمثل خطوة بناءة وإيجابية إذا ما تمكنت قيادات الحزب من توجيه بعض الرسائل الناعمة لوجهة النظر البيروقراطية والرسمية التي تؤمن الآن بأنها ليست معادية للحزب، والمطلوب إبعاد الحزب باجتهاد ذاتي عن نفوذ ذلك الجناح الذي ترى جهات رسمية ومنذ أعوام أنه اختطف الحركة الإسلامية.
الحوار على هذا الأساس متفاعل في مناطق الاشتباك التي تبحث عن ملاذات الآن لتجنب الاسترسال في أزمة العلاقة مع التيار الإسلامي في الأردن.
تلك الملاذات مرصودة وموجودة وواضحة، وأهمها بقاء الحزب بجسمه القانوني والسماح بانتقال الكوادر في الجماعة المحظورة إليه بعملية قانونية محسوبة، حيث للحزب وظيفة وطنية أساسية. والتأزيم بعد الحظر ليس مطلوباً ومن جميع الجهات والأطراف.
إنضاج تسوية سياسية في هذا الإطار الحيوي يتطلب تخفيف حدة الرؤوس الحامية ضد الإسلاميين في الهيكل الرسمي، كما يتطلب تحركاً وتحريكاً من قيادة الحزب الحالية يرقى إلى مستوى الأزمة ويخدم فكرة الوظيفة والملاذ بدلاً من انتقال الأزمة إلى مساحات إضافية غير منضبطة أو من الصعب ضبطها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading