Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

«ابتزاز» خطر: إسرائيل «تحجب» المياه الأردنية وتحاول السيطرة على «موارد سوريا ولبنان» … ما الذي يريده نتنياهو؟

عمان- «القدس العربي»: ما الذي يريده رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو وهو يصر على حجب تجديد اتفاقية مائية قديمة من ملحقات اتفاقية معاهدة وادي عربة هذه الأيام؟
هذا السؤال أصبح فجأة من الأسئلة الصعبة، ويمكن طبعاً تقديم عدة فرضيات على الطاولة أثناء محاولة الإجابة عليه.
لكن بالقياس السياسي، يمكن القول إن نتنياهو بقراره ورعايته لسيناريو عدم تجديد بروتوكول مائي يضمن حصة مياه متفقاً عليها في الماضي للأردن يمارس واحداً من أبشع أنماط الابتزاز السياسي.
بالقياس أيضاً، وفي مرة سابقة قبل سنوات متعددة، رفض نتنياهو تقديم حصص المياه المتفق عليها. وعندما تدخل الأمريكيون لإنقاذ تلك البروتوكولات المائية في الماضي، كان جواب نتنياهو أنه يرغب في أن يتواصل مع القيادة الأردنية ويريد «زيارة عمان».
إذا كان القياس بالمقاربات السياسية بالعادة معقولاً، يمكن الافتراض بأن الابتزاز الذي يمارسه نتنياهو حالياً تحت ستار ملف حصص المياه وبحجة عدم وجود مياه في الكيان الإسرائيلي، له عدة أهداف، من بينها طبعاً خضوع الأردن، وكذلك وقف حملته الدبلوماسية الدولية ضد حكومة المتطرفين أو ضد ما وصفه علناً وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بـ «النظام الإسرائيلي الحالي المتشدد» الذي يخطط لإخضاع شعوب المنطقة ودولها والهيمنة عليها.
مفردة «النظام» استعملها الصفدي في الماضي فقط وحصراً في وصف النظام السوري المخلوع.
نتنياهو في الخبرة الأردنية، يريد على الأرجح مسألتين:
الأولى، صمت الحكومة الأردنية مقابل كل محاولاته في التوسع الاستعماري والاستيطاني في الضفة الغربية، لتمرير مشاريع الضم والتهجير على حساب الأردن.
ذلك في كل حال -حتى في رأي الخبير الدكتور جواد العناني- من الخطوط الحمراء، وبرأي المرجع القانوني الدكتور أنيس القاسم، من الخطوط التي تتجاوز اللون الأحمر وتعطي الأردن الحق في حرب دفاعية شرعية بموجب القوانين الدولية، وتؤدي -برأي العناني- إلى صدام عسكري.
«الإسرائيليون يريدون أن نتحدث معهم».. هكذا وصف العناني ما يجري قبل تكشف جزئية المياه أمام «القدس العربي».
مسألة أخرى يريدها الطاقم اليميني المتشدد في تل أبيب على الأرجح من الابتزاز المائي الذي تمارسه اسرائيل أو تل أبيب ضد عمان حالياً، وتلك المسألة تتعلق بالعودة إلى مربع يرى فيه الشعب الأردني والعالم نتنياهو زائراً لعمان أو عقد لقاءات على مستوى رفيع تمنحه الشرعية، وتساعده في سيناريو الانتخابات المقبلة، وتصدير أزماته الداخلية، الأمر الذي تبدو المؤسسة الأردنية منتبهة تماماً له في ظل مواجهتها الحاسمة والصارمة ضد خيارات الائتلاف اليميني المتطرف.
تلك طبعاً أقرب إلى أوهام سياسية إزاء الفهم الأردني للمرحلة، فالحرب الدبلوماسية مشتعلة ضد نتنياهو وفريقه وفي كل الأقنية الإقليمية والعربية والدولية، وعمان تستعمل كل ثقلها الدبلوماسي مع «الأوروبيين تحديداً» في الحد من سطوة خطط نتنياهو وإعاقتها، كما حصل مؤخراً عند استقبال المستشار الألماني في العاصمة الأردنية.
العنصر الوحيد الفارق أمام اللاعب السياسي الأردني هو غياب الضمانات المرجعية الأمريكية، وترك هوامش مناورة كبيرة أمام نتنياهو وطاقمه من جهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وغياب التأثير العربي أولاً والإسلامي ثانياً والأردني ثالثاً، كما كان يحصل في الماضي عن دوائر القرار الأمريكي ولاحقاً دوائر القرار الإسرائيلي.
أزمة المياه أو حصة المياه الأردنية المتفق عليها بعد توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 تثير همزاً ولمزاً وغمزاً في عمان وأوساطها السياسية والبيروقراطية هذه الأيام.
الاتفاقية القديمة حتى وإن لم تنفذ، تحتاج إلى بروتوكولات تجديد. ونتنياهو يمنع طاقمه الوزاري من تجديد توقيع بروتوكول بالظرف الزمني المطلوب، فيما ينص البروتوكول المحجوب على ضخ ما يبلغ قيمته نحو 25 مليون متر مكعب من المياه إلى الأردن مجاناً، بالإضافة إلى الالتزام ببيع الأردن حصة مياه تصل إلى 25 مليون متراً مكعباً لاحقاً.
في الواقع، كانت تلك هي النصوص الأساسية للاتفاقية القديمة التي لم تصمد، وبعد سنوات من تنفيذ التزامات سابقة في هذا السياق عادت إسرائيل إلى إلغاء ضخ المياه المجانية من حصة الأردن، وعرضت بيع الكمية بالكامل بأسعار مخفضة.
حتى البيع يحجبه نتنياهو الآن، وفقاً لبعض التسريبات، وبصيغة تضع الأردن في المجال الحيوي لأزمة مياه أساسية باعتباره من أفقر الدول مائياً في العالم في هذه المرحلة.
الأخطر من ذلك، أن نتنياهو لا يقف عند حدود حجب حصة المياه التي ينبغي بيعها بأسعار متفق عليها للأردن بعد تحلية بعضها على سواحل فلسطين المحتلة، بل يحتاج أيضاً في حربه الحالية على جنوب لبنان أو جنوب سوريا إلى السيطرة على منابع ومصادر الموارد المائية في الجنوبيين اللبناني والسوري.
يدفع ما يجري باعتباره حصاراً جيوسياسياً لافتاً جداً، الأردن إلى أزمة مباشرة مع يمين تل أبيب، على حد تعبير الخبير الاستراتيجي والعسكري الفريق المتقاعد قاصد محمود، الذي يرى في سلوكيات إسرائيل على الأرضين اللبنانية والسورية محاولة مكشوفة للضغط على الأردن وحصاره لأسباب سياسية تتعلق بقبول المنطق الإسرائيلي القاضي بضم الضفة الغربية وعسكرة الأغوار.
أزمه المياه تضرب بقية المعطيات في محور عمان- تل أبيب، ولا حلول مبحوثة أو قيد الفحص حتى الآن. والجديد على هذه الأزمة أن واشنطن تترك المسألة ولا تحرص على إظهار الجدية في مساعدة الأردن على تلبية احتياجاته المائية.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading