الأردن: «المعارضة» قبل غيرها في «دعم وإسناد» الجيش والدولة… و«كورونا» أنهى مظاهر «الحراك»
مبادرات بالجملة للإخوان المسلمين و«اليسار» غائب… ونقابة المعلمين أول المتبرعين
يلتقط معارض أردني بارز من وزن المهندس ليث شبيلات ما هو جوهري في المسألة وهو يعلن وبصورة نادرة بأن حكومة بلاده التي يعارضها دوماً «تصرفت» إزاء معركة فيروس كورونا بصورة أفضل من «كبريات الحكومات» في العالم.
لا يقول شبيلات مثل هذا الخطاب بعد مواسم وعقود من الرؤية النقدية إلا التزاما منه بـ»وطنية الخطاب» المسؤول في مرحلة حرجة للغاية. ولم يكن الشبيلات رمز المعارضة الأهم منفرداً في إظهار قدر كبير من «المساندة لأجهزة الدولة» مرحلياً في مواجهة جائحة كورونا التي تعصف بالشكل القديم للعالم.
حزب جبهة العمل الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة ومن السبت الماضي أيد اتخاذ ما يلزم من الإجراءات لحماية المجتمع ولاحقاً أطلقت لجانه مبادرات اجتماعية عدة لمساعدة الدولة وأجهزتها وسط حالة «تفهم» كبيرة وغير مسبوقة بين المعارضين والحراكيين لقرارين كانا سيثيران الجدل لولا الفيروس. وهما إعلان تفعيل قانون الدفاع ثم نزول قوات الجيش على الشارع ومفاصل الطرق لمنع التنقل بين المحافظات وإغلاق العاصمة عمان.
«نقف خلف الدولة ومؤسساتها بكل تأكيد»… هذا ما قاله العضو القيادي في حزب جبهة العمل الشيخ حكمت الرواشده لـ «القدس العربي» مباشرة وهو يشير إلى ان «مقرات الحركة الاسلامية» لو كانت متاحة للحزب وللجماعة الاخوانية كان يمكن ان تتحول لغرف عمليات تخدم المجتمع وتساند الدولة.
وهو يقـر بأن تصـفية حـسابات سـياسية الآن هـو آخـر ما تتـطلبه المسـؤولية الوطـنية ويعلن مسـاندته والـحركة الاسـلامية بعـبارة واضحة لا تقبل اللبس للإجراءات التي تتخذها الدولة آملاً أن تقرأ السلطة لاحقا وعندما «يزول الخطر» بأن الشعب الأردني يقف بكفاءة ومسؤولية خلف مؤسسات الدولة في لحظات الخطر الحرجة وعندما تزيد جرعات الصراحة. ولوحظ بوضوح في هوامش المناورات التي انشغلت بها وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي مؤخراً أن صوت الحراك الشعبي المعارض «خفت تماماً» وكاد يختفي حيث لا أحد يقبل في المجتمع قبل الدولة اليوم المزاودة على السلطة وحيث توافق شعبي عارم يرصد بإنصاف «الأداء المميز» للحكومة الحالية وللقوات المسلحة.
اي محاولة للإصطياد في المياه العكرة الآن سيتصدى لها المجتمع..هذا ما يؤكده الناشط الاسلامي مروان فاعوري وهو يطلب من الأردنيين تأجيل أي خلافات او تجاذبات مرحلياً والتركيز على مواجهة العدو المتربص الجديد وهو الفيروس.
على الصعيد الاجرائي غابت عن البيان والافصاح بيانات ومبادرات التيارات والأحزاب اليسارية والقومية وتوارت عن المشهد التجارب الحزبية الوسطية وتوقفت تلك الاجتماعات التي ترفع سقف الخطاب وتدعي تمثيل الأردنيين واختفت تماماً مظاهر التشنج في خطاب الحراك الشعبي. والسبب واضح على الارجح صعوبة تسجيل أي ملاحظات أو مزايدات على أداء المؤسسات الرسمية في هذه المرحلة واصطفاف الجميع حول إجراءات «الدفاع» التي سجلتها حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز و»طمأنينة» الأردنيين بسبب دخول قوات الجيش على تفاصيل الاشتباك مع معركة فيروس كورونا.
على جبهة العشائر مبادرات بالجملة لمساعدة قوات الجيش في المناطق ولجان تعلن هواتف أرقام لمساعدة كبار السن وتوصيل الأدوية والغذاء والتعاطي مع الطوارئ وإلتزام بنسبة كبيرة في عمان الغربية بتعليمات البقاء في المنازل لا يسيء لها إلا ممارسات عبثية بالقياس في بعض المدن مثل إربد والزرقاء وشرقي العاصمة عمان.
على جبهة الإخوان المسلمين الجماعة الأكثر تنظيماً وعمقاً في المجتمع تبرعات مالية ولجان شبابية نشطة للتوعية وتقديم مساعدات بمواد التعقيم وبيانات وفتاوى من لجنة العلماء تساعد الدولة وأجهزتها ومواقف رسمية لقـادة الجماعة تساند المجهود الرسمي ولأول مرة وقرار علني بإيقاف كل أنواع النشاطات والفعاليات ذات الطابع السياسي حتى تعبر الدولة المحنة. في المقابل تصريح «ساحر» لوزير المالية الدكتور محمد العسعس عن خسائر مالية ليست أكثر من تفاصيل قياساً بالحرص على صحة الإنسان الأردني وهو تصريح «حفز» نطاق تبرعات القطاع الخاص والبنوك والأثرياء مع ملاحظة ذكية للوزير العسعس نفسه قال فيه إن موارد الحكومة كافية ونشكر من قرر التبرع وسنعلن أسماء المتبرعين للرأي العام.
لوحظ في الأثناء هنا أن نقابة المعلمين المتهمة رسمياً وأمنيا بأنها «إخوانية» وبأنها حاولت لي ذراع الدولة في أزمة إضراب المعلمين كانت تقريباً أول مؤسسة أهلية نقابية تتبرع لوزارة الصحة بمبلغ وصل إلى نصف مليون دينار مع أنها نقابة وليدة ولا تمـلك الكـثير من المال قياساً بغيرها من النقابات الضخمة مثل المهندسـين والمحامين والأطباء. باختصار يسجل الأردنيون بإقرار المعارضة والحراك قبل غيرهما حالة نادرة من التوافق والتقييم الإيجابي لخطة مواجهة كورونا. ويبقى ان تنتهي الأزمة ثم تـبدأ معطيات المشهد الجديد بفرض إيقاعها.