الأردن في «موقف صعب»… والقاسم يحذر: بعد تصويت الكنيست على الضم… ما مصير السكان؟

عمان- «القدس العربي»: صعب جداً رغم الانشغال الأردني بالجهد الأوروبي- العربي الخاص بـ «شرعنة الدولة الفلسطينية» تجاهل التحذيرات التي يقترح الخبير البارز في القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم على الحكومة الأردنية الوقوف عندها فيما يتعلق بتصويت الكنيست قبل نحو 10 أيام على قرارات الضم التي تخص الأراضي الفلسطينية.
تحذيرات القاسم كما سمعتها «القدس العربي» في حديث مباشر، باتجاهين:
قانون الكنيست الجديد، بتقدير القاسم، لا يفرض السيادة أو الوصاية فقط على الأراضي والعقارات في الضفة الغربية، بل يصادر حقوق المواطنين الأردنيين في أراضي الضفة الغربية، وهي الحقوق التي تركت تحت السيادة الإسرائيلية طوال فترة الاحتلال.
يشير القاسم إلى عدد كبير جداً من المواطنين الأردنيين الذين لديهم حقوق ثابتة في أراضي الضفة الغربية. هؤلاء لا تستطيع الحكومة الوقوف متفرجة فيما يتعلق بحقوقهم، ولذلك فإن تصويت الكنيست خطير على مصالح الدولة والشعب في الأردن، ويوجب على حكومة عمان التحرك دفاعاً عن حقوق مواطنيها الثابتة التي لا تسقط بسبب أي إجراءات تشريعية للاحتلال.
أما في الاتجاه الثاني، فيلفت القاسم النظر إلى ما يسميه بخطر ديمغرافي وشيك يفسره القانون الدولي على أنه إعلان حرب على الأردن؛ فإسرائيل يمكنها أن تقرر فجأة قذف كتلة بشرية كبيرة قوامها مليون أو نصف مليون إنسان فلسطيني باتجاه دولة تعاني من نقص المياه مثل الأردن.. هذا أيضاً خطر كبير يستوجب تحركاً أردنياً لا يستهان به وينسجم مع معيار إعلان الحرب على الأردن، حيث خطوة الكنيست أولية في هذا المسار الاستثنائي وقد يعقبها إجراءات معادية.
بموجب القانون الذي صوت عليه الكنيست، سيصبح المواطنون الفلسطينيون أجانب بنص قانوني إسرائيلي محلي. والأجانب -للعلم، وفقاً للقاسم- يمكن ترحيلهم في أي وقت أو مطالبتهم بالمغادرة.
ويدلي القاسم وخبراء آخرون بمثل هذه الشروحات، فيما تجاهلت الحكومة الأردنية علناً تصويت الكنيست، وامتنعت عن التعليق العلني عليه وسط الانشغال بمتابعة ما يفعله الأوروبيون الآن على أساس أنه مسار الفرصة المتاحة للضغط على تخطيط حكومة اليمين الإسرائيلي.
القراءة الرسمية لتصويت الكنيست حتى الآن تحاول الاعتماد على غياب شرعية التشريع والتصويت، وتفترض أن الكنيست صوت بحكم أغلبيته الآن في القراءة الأولى، أو أن القانون المقترح غير ملزم للحكومة، ولا يضفي الشرعية على أي إجراء ناتج عنه، كما ورد في بيان للخارجية الأردنية.
لكن مجسم المخاطر على الأردن لا يقف عند هذه الحدود.
الأنباء تتحدث عن وجود مئات الآلاف من المواطنين الأردنيين الذين يقيمون أصلاً في الضفة الغربية، وهؤلاء أول من تخطط حكومة اليمين الإسرائيلي لاعتبارهم مقيمين غير شرعيين أو غير مرخص لهم.
الحديث هنا عن حملة البطاقة الصفراء والذين لا تعلن سلطات الأردن عن عددهم، لكن التقديرات تصف بأن عددهم قد يزيد على 300 ألف مواطن أردني معهم الجنسية الأردنية والحق بالإقامة في الضفة الغربية.
بعض هؤلاء فهمت «القدس العربي» على هامش نقاش مع وزير الداخلية مازن الفراية، لا توجد عناوين ثابتة لهم، وقد يقيم بعضهم في الخارج أو في أماكن غير معلومة بعد، وليسوا جميعاً في الضفة الغربية، لكن ذلك لا يبدل الوقائع -حسب القاسم- لأن تل أبيب قد تتصرف بوحي من قانونها المحلي ما دامت المعادلات الدولية لا تردعها.
ما يحذر منه القاسم هو سيناريو الوزير سموتريتش الذي يمكنه، بعد تصويت الكنيست، مطالبة كل من يحمل الجنسية الأردنية من أبناء الضفة الغربية بالرحيل والمغادرة باعتبار مثل هذه الخطوة جزءاً من تفريغ الأرض.
والقاسم كان أبرز من حاول التذكير مؤخراً بالوقائع الداخلية في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، حيث سموترتيش وزير في وزارة الدفاع، إضافة إلى موقعه وزيراً للمالية، وهو وضع يجعله في موقع «الحاكم العسكري» للأراضي التي تضم لاحقاً. وبموجب نصوص اتفاقية أوسلو، تعمل السلطة الفلسطينية بإمرة الحاكم العسكري وتصبح هيئتها موظفة لديه.
رئيس الوزراء الأردني الدكتور جعفر حسان، قد يكون أول المنتبهين وهو يعلن مؤخراً بأن الأولوية الآن هو تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، في الوقت الذي يرى فيه القاسم أن توجيه أي كتلة بشرية من سكان الضفة إلى المملكة سيمثل عبئاً اقتصادياً، خلافاً للأعباء الأمنية والسياسية.
والأردن -يقول القاسم- موقفه صعب، وعليه التحرك، وأي حكومة تصمت هنا سيبقى موقفها مريباً. وفيما يخص السلطة الفلسطينية، قد يشكر الشعب الفلسطيني سموتريتش إذا ما تمكن من تقويضها، فهي ليست على الخارطة ولا على الطاولة ولا في الميزان.
في ظل قرار الكنيست وتصويته، يطرح القاسم وخبراء آخرون، السؤال التالي: بعد إعلان السيادة القانونية لإسرائيل على الضفة الغربية، ما مصير السكان في هذه الحالة؟
الإجابة على السؤال هي المحور في عناصر الاشتباك الأردني حصراً مع مرحلة ما بعد تصويت الكنيست على الضم، الذي سيشمل ضم الأغوار أيضاً، فيما الحليف والصديق الأمريكي لا يعترض على خطوات إسرائيل التي بدأت في الكنيست.