Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردنيون في مرحلة «الخيارات المقلقة»: الدولة ومطبخها والشعب ومشاعره… من يصطف خلف الآخر وكيف؟

عمان ـ «القدس العربي»: وقوف رئيس مجلس النواب الأردني الجديد الجنرال مازن القاضي، بصورة مبكرة عند سؤال تعزيز انضباط الأردنيين عموماً هو مؤشر حيوي على أن مضامين خطاب العرش الأساسية بدأت تؤدي إلى تحريك بعض الإعدادات المحلية والوطنية عبر طرح تساؤلات أو تعليقات مثيرة للجدل والنقاش، عنوانها الأساسي تسليط الضوء على جزئية العلاقة بين الدولة والشعب في مرحلة الخيارات المقلقة.
المنقول صباح الاثنين عن الجنرال القاضي هو الإشارة إلى أن واجب الأردنيين ضبط حراكهم على سلوك الدولة ودعمها بحيث يكون الشعب رديفاً للحكومة وليس عبئاً عليها.
ما لم يتضمنه ذلك التصريح المنقول هو الإجابة عن السؤال التالي: ما هي الوسيلة أو التقنية المناسبة والملائمة لرفع منسوب الانضباط الشعبي؟ من هي الجهات الرسمية التي يقع عليها واجب تأسيس ورعاية تلك الانضباطية؟
واضح للمراقبين أن مثل هذه الأسئلة طرحت فوراً بعد طرح معادلة الشعب الذي يسند خيارات دولته في خطاب العرش الأخير.
الأوضح أن واجبات المؤسسات، ومن بينها مجلس النواب وكذلك مجلسا الأعيان والوزراء، يجب ألا تقف عند حدود مطالبة المواطنين بضبط حراكهم بناء على بوصلة الدولة وخياراتها؛ لأن المطالبة بذلك قد لا تكون منتجة برأي الباحث الاقتصادي والسياسي الدكتور أنور الخفش، إذا لم تقم المؤسسات ذاتها بواجبها في توفير برامج وملاذات تنفيذية تقود إلى رفع مستوى الالتزام بين الدولة والمواطن.

واجب المؤسسات

الخفش – كما فهمت «القدس العربي» – ينضم إلى مراقبين آخرين في دعوة المؤسسات للقيام بواجبها الذي لا يقتصر على مطالبة المواطنين بالانضباط خلف خيارات الدولة لأن واجب الحلقات الوسيطة في الإدارة هو شرح هذه الخيارات على قاعدة إشراك المجتمع والشعب وفقاً لقواعد الاحتكام الدستوري في اتخاذ القرارات، الأمر الذي يحيل الجميع في مثل هذا النقاش الحيوي إلى تكليف مباشر في خطاب العرش لا يقبل التأويل، ويستند إلى حقائق ووقائع معادلة الإسناد الشعبي للخيارات والثوابت، وهو تكليف في الواقع للمؤسسات التشريعية والتنفيذية وليس للمواطنين.
ما نقل عن الجنرال القاضي في شرحه حول واجب الأردنيين في الانضباط خلف خيارات الدولة، مفيد وصحي وحيوي في إثارة النقاش، لكن الحيوي أكثر هو تأسيس مبادرات عبر مجلس النواب تحديداً، بعد استعادة هيبته ودوره، بحيث تدعم خيارات تقليص المسافات ما بين الدولة ورعاياها.
إن تأسيس خيارات في رفع مستوى وإنتاجية الإسناد الشعبي للدولة حتى برأي الناشط السياسي محمد الحديد، لا يتعلق بالوعظ والإرشاد فقط بقدر ما يتعلق بانحياز أدوات الدولة ومؤسساتها لحالة تشخيصية تتقارب فيها مع نبض الشارع، لا بل شرح تلك الخيارات للناس لأنهم لا يعرفونها بالتفصيل، ولأن الحكومات عموماً «بخيلة» في الشرح والتفصيل.
لذا، فإن تأسيس حالة حوار مع الجمهور على أساس وطني وصريح، يرفع من كفاءة عملية الانضباط المقصودة. في السياق، لا تزال معادلة الإسناد الشعبي لخيارات الدولة هي أساس النقاشات التي أعقبت افتتاح دورة البرلمان العادية.
والحيوي أكثر أن قادة البرلمان يتحدثون عن واجب الأردنيين في دعم الدولة، لأن تحويل ذلك الخطاب إلى أداة عمل منتجة في الشارع والميدان قد يتطلب لاحقاً نقاشات سريعة أكثر عن كيفية قيام الدولة بواجبها في دعم الأردنيين والاقتراب منهم، لا بل إشراكهم وفق الأصول الاحترافية في معارك الثوابت والخيارات.

نقاش صحي

النقاش البرلماني في هذا السياق صحي للغاية، لكن واجب السلطتين التنفيذية والتشريعية، يتعدى مطالبة الأردنيين بالتحلق حول مؤسساتهم في اتجاه اقتراح برمجية تشريعية وتنفيذية سريعة تقلص مسافات التباين ما بين اتجاهات الدولة وخبرات القواعد الاجتماعية؛ لأن الأسهل -برأي الخبراء- هو تحميل المواطنين مسؤولية غياب الرواية والسردية الرسمية، فيما الأكثر إنتاجية هو وضع خطط قابلة للتنفيذ لتعزيز أواصر العلاقة بين الأردنيين وخيارات دولتهم.
الرد الأكثر رواجاً على مدار يومين في نقاشات المرحلة الجديدة برلمانياً هو ذلك الذي يقترح العودة لأحكام الدستور، حيث الشعب شريك في سلطة اتخاذ القرار، وحيث الدستور يقول إن الأمة مصدر السلطات، وإن السلطات خاضعة للمساءلة الرقابة الشعبية، ودورها لا يفترض مطالبة المواطنين بالاصطفاف خلفها، والفارق كبير ما بين مطالبة الأردنيين بالانضباط وبين المشاركة الواعية لهم في ممارسة حقوقهم السياسية والدستورية.
تلك مداخلة خالية من التوقيع انتشرت على نطاق واسع عبر منصات التواصل طوال يوم أمس الإثنين، ما يفيد بأن نقاشاً حيوياً لا يستهان به بدأ ولأول مرة بعد افتتاح البرلمان الأحد، بعنوان البحث عن الصياغة الأمثل لتقليص الهوامش والمساحات ما بين خيارات وبوصلة الدولة وما بين دور المجتمع في إسنادها، حيث الحلقات البسيطة من النخب والمؤسسات هي التي تجلس في منتصف المسافة الآن ما بين الدولة ومطبخها، والجمهور ومشاعره وانحيازاته. لذا، لا بد من الوقوف على واقع الحال، حيث إن تلك الحلقات البسيطة وفي السلطات والمؤسسات الدستورية، هي المسؤولة عن رفع كفاءتها في تقليص المساحات الفاصلة ما بين الدولة والناس. ولعل أحد أهم ملامح خطاب العرش الاستثنائي هذه المرة هي تلك التي قد تكشف عن القدرات الحقيقية للأدوات في الحلقات البسيطة إلى أن يتسنى لجميع الأطراف فهم الواقع الموضوعي ومعرفة الأسباب التي تدفع المواطن عموماً للبقاء في منطقة أبعد عندما تحتاجه الدولة.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading