اراء و مقالات

الإصلاح الأردني: «كله رح يسيل مع الغسيل»… وبعد «ريان المغربي» عالم «الحفريات السفلي» و«الشعوذة المنتخبة»

أجمل ما في عبارة «العودة لأصحاب الاختصاص» أنها تدلل وفي «حركات بؤبؤ العين» أمام الكاميرا على رغبة صاحبها في «زحلقة السؤال» والهروب من إجابة مرشحة لإنتاج «صداع». قالها رئيس الهيئة المستقلة لانتخابات الأردن الرفيق خالد كلالدة على الأقل لتلفزيون المملكة ثلاث مرات. من جهتي معنى «العودة للمختصين» في اللهجة الدارجة  «حلوا.. عني لا أريد الإجابة على هذا السؤال المكيدة»!  ما علينا، شرح الرفيق وزاد وعاد وأوضح وناور وقدم على الأقل «رواية» لأغلب الحكايات، فيما تلفزيون الحكومة الرسمي يعيد ويزيد أيضا في تلك الدعايات، التي تحرض الناس على «المشاركة في الانتخابات البلدية» التي تطرق الأبواب. قبل ذلك لفت نظري تعليق الزميل جهاد المومني، المتحدث باسم الهيئة، معتبرا أن «الكلام عن هندسة الانتخابات ليس واقعيا». يعني ذلك عدم نفي ولا تأكيد واقعة الهندسة وأعلم تماما أن زميلا مخضرما بخبرة المومني كان يستطيع «الجزم» بعدم حصول «أي هندسة» لو أراد طبعا. «شعبنا الأردني العظيم» – بالمناسبة عبارة يكرهها ليث الشبيلات – يقترب من الاستحقاق الديمقراطي لانتخاب البلديات ومجالس اللامركزية، ولديه مخزون معرفي من شروحات وتوضيحات الرفاق في الهيئة المستقلة.

نائب «العمدة» القادم

لكن باسم تلك العظمة نسجل سريعا  بعض الملاحظات المبكرة. الجمهور المهتم بانتخابات مجلس مدينة العاصمة عمان، وكأنه «بصم» على تحديد اسم وهوية «نائب العمدة القادم» وقبل الانتخابات بأسابيع، حيث يشار إلى «فتى مستجد ومحدد» بالسياق مع أن الموقع يحتاج لنسختين من الاقتراع ولكل  المبايعات إياها. كيف يقول «أو حتى يزعم إذا شاء البعض» رئيس أكبر حزب سياسي في البلاد بأن مسؤولا حكوميا أقسم أغلظ الإيمان علنا بأن «لا ينجح أحد» من مرشحي ذلك الحزب، فيما لا ترد عليه أو تعلق أو تنفي لا الحكومة ولا الهيئة ولا حتى الحاكم الإداري؟ خبير في الاشتباك البلدي حدثني مبكرا على طريقة «تهافت التهافت» عن «هندسة الهندسة»، مشيرا للذكاء الاصطناعي.
يبدو لي أن «سولافة» تبديل العقيدة  الانتخابية والحزبية طويلة جدا وبعيدة ومضجرة وقرينتي هي صمود عبارة «اسألوا المختصين» لأنك لم تعد تعلم من هو المختص وبماذا؟ نقولها بالعامية «كل هالطابق رح يسيل مع الغسيل» ومع «أول شتوة» رح نزحلق مجددا وتحل الألوان على قماش تايواني.

في اختصار وأجري على الله
«بلاها هالانتخابات» الكلفة أقل. تغطية لـ«الحياة»

إعادة الشريط قليلا على طريقة «سينما ريفولي» أيام زمان مطلب ملح لمراقبة «الحالة المنصاتية» العربية بعد انتهاء قصة «الطفل ريان»، رحمه الله الذي اهتم به الكون «وهو يموت»، ولكن لم تكلف ولا كاميرا واحدة فقط نفسها التحدث عنه وأقرانه في كل قرية في العالم العربي. احتجاجي شديد حصريا على الزملاء في محطة «الجزيرة» وفقط تعليق واحد على شاشة «فرانس 24» أعجبني، كان المتصل فيه يسأل «كيف سنهتم بعد الآن ببقية الريايين». ساعات طويلة من البث المباشر وبثلاث كاميرات ومئات المعلقين وأصحاب الخبرة تحدثوا لنا عبر شاشة «الجزيرة». الموجع هو الاعتقاد العمومي أننا كنا نتابع عملية «إنقاذ» وليس عملية موت. هنا مربط الفرس في المسألة أصلا، فالمواجهة تبدأ من ضرورة عدم وجود «بئر أو حفرة» يمكن أن يقع فيها أصلا في قرانا أطفالنا. ومن الإجابة على السؤال التالي: ماذا يفعل رفاقنا في مجالس البلديات الذين تنتخبهم الأجهزة باسم الشعب لضمان عدم تكرار واقعة الطفل ريان؟ كم «ريان» في غير مكان سقط هنا أو هناك في افريقيا والسودان وفي بلاد الشام، لأن «السلطات» تدعم عن بعد عمليات «التنقيب عن الذهب» أو الآثار أو حتى قرون العاج؟
ريان ورفاقه وأمثاله في الشرق والغرب بين يدي من لا يضر الآن، لكنهم «ضحايا تقصير» وعفن بيروقراطي وجشع ينشغل بكل العفاريت. اقتراحي للفضائيات العربية بعد ريان التركيز على «الحفر والمطبات» وأيضا على العالم السفلي لـ»الحفريات والحفائر». قبل ذلك لا تلوموا الخيال المشعوذ عبر المنصات بل لوموا «الشعوذة الأمنية والبيرقراطية والسياسية» في كل بلد عربي مستبد أو مستنير على طريقة «تونس»، التي يغلق فيها العسس مجلس القضاء. «سوشي» خليجي
«قطعة خيار على كتلة رز مسلوق». هذا هو تعريف صغرى بناتي لوجبة «سوشي» اليابانية مباشرة وهي تراقب كاميرا «أم بي سي» تتجول في رفقة مذيعين يتحدثان عن أجنحة المطابخ العالمية التي فتحت مؤخرا في موسم الرياض. بالنسبة لابنتي  يمكن القول إن تعريف «فقراء». لكن بالنسبة لي كمشاهد أراقب منوعات» أم بي سي» وهي تتجول لتحدثنا عن «السعودية الجديدة»، أشعر بقدر من السعادة فنحن نؤيد وبحماس الانفتاح الاجتماعي والثقافي والفني، ونأمل دوما أن يرافقه في كل دولنا العربية نظيره «السياسي والإعلامي». المهم الزميلان نقلا الكاميرا من زاوية إلى أخرى في مكان عصري وجميل. سباغيتي إيطالي ولحم عجل مسحوق على الطريقة المكسيكية الحارة، ثم سوشي وقطعة الضان بالجبنة على أصولها السويسرية.
حبذا لو تهتم فضائياتنا أيضا بالمفتول الفلسطيني والكشري المصري والمنسف الأردني في الأثناء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى