اراء و مقالات

الشرع للأردن: «الطاقم الوزاري» والتشبيك البيروقراطي واللجان قريباً… ضربة دمشقية لكبتاغون يستهدف عمان

عمان- «القدس العربي»: واضح تماماً أن العلاقات الأردنية مع الدولة السورية الجديدة قطعت بعض الأشواط المثيرة جداً للانتباه وتستدعي التأمل خلال الأيام القليلة الماضية في إطار حسبة سياسية عميقة ومعقدة أعقبت الاستقبال الحافل والملكي الخاص للرئيس السوري أحمد الشرع في عمان العاصمة. الأوضح أن الجانبين بانتظار الانتقال إلى «إدارة وزارية» للمصالح المشتركة بعد تجاوز « السيادي والمرجعي».
قبل أيام قليلة، استفسر بعض أعضاء البرلمان من رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان عن «أسباب بطء الانتقال البيروقراطي» في الشراكة مع «النظام السوري» الجديد، فكان الجواب بصيغة «الأشقاء في دمشق بحاجة إلى مزيد من الوقت لاستكمال بناء المنظومة الحكومية».
الإشارة هنا واضحة بأن الجانب الأردني بانتظار تحقيق الرئيس السوري أحمد الشرع لوعود والتزامات سابقة له باستكمال بناء حكومة وجهاز بيروقراطي بصورة تسمح بتفعيل «اللجان الوزارية» حتى يتسنى للمتحمسين من الجانبين «معالجة» بعض الملفات الحيوية والأساسية العالقة بين الدولتين منذ أيام النظام السابق.
على المحك، المقصود هو قضايا وملفات أردنية حساسة وأساسية، بينها وقد يكون أهمها «حصة المياه الأردنية من سد الوحدة»، وتفعيل اتفاقية الترانزيت وبروتوكولات الحدود وإطار «عملياتي» لا يصلح للتعاطي معه عبر «العمل الفصائلي» ويحتاج لأطقم فنية ووزراء.
سلطات الجانب السوري وخلال الـ 48 ساعة الأخيرة تقدمت خطوة «مثيرة ومهمة» نحو أحد أكثر الملفات حساسية للأردن، عندما أعلنت رسمياً التصدي المباشر «أمنياً» لمحاولة تهريب كمية ضخمة من حبوب الكبتاغون كانت على وشك محاولة التسلل عبر الحدود مع الأردن.
التقارير تتحدث عن 100 ألف حبة كبتاغون مصنعة ومخزنة، تحاول خلايا تابعة لفلول النظام السابق تهريبها مجدداً عبر محافظة درعا قرب خاصرة الشمال الأردني.
والإجراء السوري الأمني ضد الكبتاغون يلامس واحدة من أكثر القضايا الملحة في إطار التحديات الحدودية بين البلدين وعمان مسرورة لهذا الاشتباك، فيما أوساط الأمن المختصة تقر وتعترف بأن «معدل تهريب المخدرات والسلاح» تراجع بنسبة مرصودة ومعقولة منذ تسلمت الثورة السورية السلطة، فيما تناضل مجموعات التهريب للاستمرار في عملها بعدما تحدثت أوساط مختصة عن تجارة بـ «المليارات» كان يديرها إيرانيون وسوريون في الماضي.
الأهم بيروقراطياً في جزئية «التصدي السوري لكمية الكبتاغون» الجديدة أمس الأول، أن الإجراء يحاكي مطلباً أردنياً ملحاً وقديماً طالما سمعته «القدس العربي» مباشرة من وزير الاتصال الحالي الدكتور محمد المومني، وهو يقول إن مصلحة الأردن المباشرة تتطلب وجود «طرف سيادي قوي» على الجانب الآخر من الحدود.
عمان بحاجة ملحة طوال الوقت إلى «مؤسسات سيادية» على الطرف الآخر من الحدود مع سوريا حتى تتخلص من المعادلة التي تقول -حسب المومني- إن «السيادي الأردني يحرس الحدود في دولتين عملياً».
يهتم الرئيس أحمد الشرع بـ»تلبية» بعض الاحتياجات «الأردنية الأمنية» الملحة بطريقة تعيد بناء الثقة بين «دولتين»، وهو يعلم -حسب المحلل السياسي الإسلامي الأردني الدكتور رامي عياصرة- أن «علاقات إيجابية وموثوقة» مع الأردن فيها مصلحة أكيدة ومباشرة لاستقرار النظام الجديد في دمشق.
لذلك، يدعم عياصرة وآخرون في التيار الإسلامي وعلى رأسهم القطب البرلماني صالح العرموطي، عملية أردنية بنيوية تعيد تشكيل علاقات استراتيجية مع «سوريا الجديدة» وعلى أساس تبادل المصالح و»القناعة» أردنياً بأن النظام السوري المخلوع بقي لعقود في الخندق المعادي أو المعاكس للمصالح الأردنية.
الأردن في الأجندة البيروقراطية تحديداً وبعد «سياق ملكي مرجعي داعم وبقوة لاستقرار سوريا» يبحث عن «فرص حقيقية» تحدث عنها الرئيس جعفر حسان لإطلاق «حزمة استراتيجيات شراكة» فعالة ونشطة مع «دولة مستقرة» تماماً على الخاصرة السورية.
في المقابل، ما يقال للوزراء المتحمسين في عمان من الشركاء الجيران السوريين هو التريث وإظهار بعض الصبر حتى تستكمل المؤسسات البيروقراطية السورية.. هنا قيل للأردنيين مؤخراً بأن منتصف آذار الحالي وقبل نهاية شهر رمضان المبارك قد يشهد تشكيل «وزارة أشمل» في الاحتياط الانتقالي، فيها عدد أكبر من خبراء التكنوقراط السوري الذين يستطيعون التفاعل بصورة منتجة أكثر مع «زملائهم في عمان».
ما تريده حكومة عمان هو العمل بمنطق «اللجان الوزارية الثنائية»، وذلك لم يكن متاحاً في المرحلة السابقة لأسباب «فصائلية وأمنية» متعددة يتفهمها الأردن الآن، فيما التسريبات الواردة لطاقم السفارة الأردنية في دمشق بدأت تقول إن مشكلات السياق البيروقراطي السوري قبل الانتقال الشامل وطنياً هي في طريقها للمعالجة بما يسمح بتشكيل «أطقم وزارية» تتولى الاجتماع والتنسيق مع «الجار الأردني».
وهذه المعالجة متاحة أكثر الآن لأن «توجيهات» تكاملية صدرت لجميع المؤسسات في القصر الملكي الأردني وفي مكاتب الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وأيضاً لأن ملف «تثبيت الدولة السورية الجديدة» تحول إلى «هدف أردني» مرتبط برؤية غالبية دول الجوار السوري ويرتبط أيضاً بمجسات الأردن الإقليمية والدولية.
«التشبيك البيروقراطي في الطريق»، هذه هي الرسائل التي وصلت مع بداية الأسبوع الحالي لعمان من دمشق، وما يرصده الخبراء أن التفاعل المؤسسي البيروقراطي يصبح أكثر فعالية ونشاطاً بعد «تفاهمات أمنية» عميقة جرت مع الهيكل الجديد في وزارة الدفاع السورية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading