الكبتاغون السوري مشكلة أردنية وسلاح دمشق غير العلني ضد النظام
عمان ـ «القدس العربي»: مجددا أعلنت سلطات الجمارك الاردنية صباح الثلاثاء الماضي تمكنها من ضبط أكثر من 72 كيلو غراما من حبوب الكبتاغون حاولت شاحنة سورية تهريبها عبر مركز حدود جابر بين البلدين بعد إخفائها في بطن جسور معدنية هي جزء من بنية الشاحنة.
الحرب الأردنية المعلنة على الكبتاغون السوري لا تقف عند حدود هذا النبأ، فقبل ذلك بأسابيع ضبطت شاحنة أخرى مرت من الحدود لكنها لوحقت بعدما رصدت استخباريا لتحديد المرسل إليه.
وهنا وجدت فرقة مكافحة المخدرات كميات كبيرة من عبوات حبوب الكبتاغون معبأة بطريقة خبيثة داخل أكياس مغلفة بالمعدن ووضعت في قلب شحنة مواسير ألمنيوم يفترض ان الشاحنة تنقلها.
الأنباء أيضا في سياق الحرب على ما يسميه الأمن الأردني «بتجار الموت» تحدثت عن شحنات خضار وفواكه تم تهريب حبوب الكبتاغون السورية فيها وانطلقت من الحدود اللبنانية السورية.
في البر وعلى الحدود البرية معارك شبه يومية بين مهربين سوريين وأحيانا لبنانيين وعراقيين وبين حرس الحدود في القوات المسلحة الأردنية وعبر ميناء العقبة اكتشفت حبوب الكبتاغون أيضا داخل إحدى الحاويات.
مشهد الأكياس التي تتضمن حبوب الكبتاغون سورية المنشأ والتصنيع أصبح مألوفا للأردنيين، فحبوب المنشأ السوري هنا لونها داكن قليلا في التباين مع ألوان بقية الحبوب حيث تعتبر الكبتاغون حصرا أكثر أنواع الحبوب المخدرة شهرة ورواجا وسعرها يصل منخفضا إلى المستهلك المباشر ومصدرها الرئيسي علنا وحسب السلطات الأردنية من إنتاج سوري والإحصاءات تشير أردنيا إلى ضبط عشرات الأطنان حتى الآن وأكثر من 45 مليون حبة كبتاغون على الأرجح مصدرها الرئيسي الحدود الرخوة من الجانب الآخر جنوبي سوريا.
مصدر أمني مختص جدا تحدث عن محاولات يومية لا تكل ولا تمل لتهريب الكبتاغون تحديدا عبر المناطق الوعرة من سوريا في البادية الشمالية الأردنية.
وعبر مركزي نصيب وجابر وأيضا عبر الحدود البرية المفتوحة مع ان القوات الأردنية تطبق قواعد الاشتباك بالنار وتتصدى يوميا للمحاولات الواحدة تلو الأخرى وسط القناعة بان الإصرار على تهريب الكبتاغون حصريا إلى وعبر الأردن مرده تجارة مالية مربحة جدا تستأهل التضحيات والمحاولات وخلفيته جهات نظامية أو سيادية أو سورية تغض الطرف. أو تسمح لمجموعات متكررة ومسلحة بتهريب تلك الحبوب البيضاء الداكنة ليس فقط لان سوقها الاستهلاكي رائج في الأردن ولكن لان الطلب عليها كبير في دول الخليج وتحديدا في السعودية.
حرب الأردنيين مع الكبتاغون السورية يومية الآن وتخلو من الأسرار والألغاز والقناعة التي تحتفظ بها غرفة القرار الأردني هي ان مجموعات مسلحة غير سورية وبينها إيرانية وعراقية ولبنانية تستثمر ماليا في تهريب الكبتاغون وغيره ولأغراض التدفق المالي لراتب ومكافآت ونفقات مسلحيها في الجنوب السوري.
والقناعة راسخة بان هذه المجموعات تحديدا موالية للنظام السوري، الأمر الذي يبرر عمليا التغاضي عنها من جهة الفرقة العسكرية الرابعة السورية كما يبرر الإلحاح والإصرار والمجازفة على تكرار المحاولات بالرغم من التصدي العسكري الأردني الأمني الدائم.
عند الحديث عن الكبتاغون السوري حصرا لا شكوك لدى الدوائر الأردنية بان سلطات النظام السوري سمحت باستخدامه كسلاح خلال سنين الحرب التي أعقبت عام 2011 ما تسبب بإنتاج كميات كبيرة منه في مصانع صغيرة وورش عمل خاصة داخل الأراضي السورية لا تخضع للملاحقة ولأهداف سياسية بالمقام الأول.
والمعنى هنا حسب ما تردده المراجع الأردنية المختصة ان إغراق الساحات المجاورة بكميات ضخمة من الكبتاغون السوري كان بحد ذاته هدفا يضرب عصفورين بحجر واحد.
الأول هو إغراق الدول التي ساهمت في حصار سوريا ونظامها اقتصاديا وأمنيا وعسكريا بعد أحداث درعا الشهيرة عام 2011.
والعصفور الثاني ضمان تمويل وتحقيق أرباح لتمويل مجموعات مسلحة حاولت تعبئة الفراغ في الجنوب السوري ويبدو ان قرارات المؤسسة السورية في السياق المرتبط بتهريب الكبتاغون إلى الأردن حصرا ترافق مع المقولة الشهيرة التي وردت على لسان الرئيس السوري بشار الأسد ونقلها للأردنيين قبل نحو 9 سنوات وأكثر القيادي الفلسطيني عباس زكي وفكرتها ان «درعا ستكون مشكلة أردنية».
وهو ما دفع أصلا قبل سنوات وعدة مرات خبيرا في الشأن السوري مثل رئيس مجلس النواب الأسبق سعد هايل السرور للتحدث مع «القدس العربي» بمقولة «الأردن ودرعا .. سنسهر ليلنا الطويل في الحرب والسلم».
وتعني هذه الحيثيات التي تحتفظ بها المؤسسات الأردنية ان استخدام الكبتاغون كسلاح يغرق المجتمع الأردني وحظي في الماضي بغطاء سياسي سوري مرجعي يبرر الإصرار والتكرار وتلك المواجهة بواسطة الحبة الشهيرة من الكبتاغون.
وبالخلاصة يمكن القول ان تدفق حبوب الكبتاغون عبر الحدود مع الأردن مسألة لم تعد لغزا بل هي مشهد يومي يؤشر على حساسية معقدة في العلاقة بين الدولتين وعلى ان سلطات دمشق تعتبر حبوب الكبتاغون سلاحها غير العلني في الرد على من تعتقد انهم تآمروا ضد سوريا أو استقبلوا معارضين ومسلحين سوريين معارضين أو شاركوا فيما يسمى في محور المقاومة بالمؤامرة ضد سوريا.