اراء و مقالات

برلمان الأردن: القاضي والقيسي «يبايعان» الصفدي… وبعد «كمين» الرئاسة… كل الجهات تترقب محطة «الإقصاء»

عمان ـ «القدس العربي»: عملياً، أعلن مرشحان بارزان لانتخابات رئاسة مجلس النواب الأردني ليس فقط انسحابهما من المواجهة لصالح زميلهما أحمد الصفدي، ولكن تأييد ترشيح الأخير، ما قد يجعله -أي الصفدي- المرشح الذي يحظى بتوافقات حتى الآن وقبل نحو 8 أيام من انعقاد الدورة العادية، بصيغة توحي بأن ترتيبات تتخذ لوقف نمو حالة الرمال المتحركة تحت أرجل مجلس النواب.

وحدة حزب الميثاق

الوزير السابق والنائب الحالي الجنرال، مازن القاضي، صرح علناً بأنه ينسحب من نيته الترشيح حرصاً على «وحدة حزب الميثاق» أبرز أحزاب الوسط، وهو الحزب الذي يقود ائتلافاً يدعم ترشيح الصفدي، الأب الروحي لتجربة الميثاق.
بالتوازي، قرر المرشح سابقاً وعضو حزب الميثاق أيضاً، نصار القيسي، الانسحاب ضمناً عندما أقام ليلة الأربعاء «مأدبة عشاء سياسية» ضخمة لجميع أعضاء المجلس النيابي على شرف زميله المرشح الصفدي.
في منزل القيسي نشرت صورة ذات دلالة تظهر الصفدي إلى جانب القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي يدخلان معاً، ما يوحي بأن المرشحين ـ الصفدي والعرموطي ـ يتقبلان المنافسة بروح رياضية وسط تكهنات بأن يسعى الصفدي بدوره لإزالة المعوقات أمام ترشيحه.
العرموطي للتو كان قد أبلغ «القدس العربي» بإصراره على إكمال مشواره في الترشيح لأرفع موقع في مؤسسة النواب امتثالاً لقرار كتلة جبهة العمل الإسلامي التي يمثلها، مؤكداً حرصه الشديد بعيداً عن مؤشرات المكسب والخسارة على تنافس حر وديمقراطي يدعم هيبة مؤسسة المجلس.
كل تلك التطورات في الساعات القليلة الماضية تحسم الجدل حول «رئاسة مجلس النواب» وتوحي سياسياً بأن «الدخان الأبيض» على الأرجح صعد في البرلمان لصالح رئاسة الصفدي الذي يتميز بقدرات وخبرات إدارية متفوقة ويمثل حلاً توافقياً لغالبية النواب ومؤسسات الدولة بالرغم من الجملة الاعتراضية بتوقيع حزب جبهة العمل الإسلامي، دفاعاً عن «قيمة التنافس الحر» ورفض «أي تدخل في اتجاهات وقرارات» مجلس النواب.
لكن الدخان الأبيض وإن حسم البوصلة عموماً، فإنه سيبقي الكثير من التفاصيل عالقة حتى اللحظات الأخيرة بعدما خلط الإسلاميون أوراق اللعبة بترشيح العرموطي بقرار حظي بالإجماع من كتلته، فيما الصفدي نفسه كرر مرتين وهو يتحدث مع «القدس العربي» بأنه شخصياً ضد أي مسارات تؤدي إلى «إقصاء» أي مكون برلماني عن واجهة العمل التشاركي.
إلى ذلك، وفي المقابل، بات في حكم المرجح أن يؤدي الإصرار على ترشيح العرموطي لانتخابات رئاسة مجلس النواب إلى بذل جهود أكبر في توحيد جبهة أحزاب الوسط أمام أو خلف مرشح واحد لانتخابات الرئاسة وعلى قاعدة عدم السماح للإسلاميين بخطف هذا الموقع الأساسي والمهم في رئاسة سلطة التشريع، الأمر الذي ألمح إليه عضو الميثاق النائب إبراهيم طراونة، عندما كشف النقاب عن مشاورات لتشكيل «ائتلاف برلماني» عريض قد يصل عدد نوابه إلى 75 نائباً.
ويبدو أن الجدل حول ترشيح العرموطي ازدادت حدته خلال الأيام القليلة الماضية، فيما لم تعلن الكتلة الخاصة بالتيار الإسلامي موقفها التكتيكي عما إذا كان ترشيح العرموطي نهائياً وقطعياً، وإن الأخير سيخوض المعركة والمواجهة بكل حال أم أن المسألة في السياق التكتيكي ولتحسين الموقع التفاوضي لكتلة جبهة العمل الإسلامي فيما يتعلق بمواقع الصف الأول واللجان الأساسية وعضوية المكتب الدائم.
وما يقوله العرموطي حتى الآن، أن الرسالة من ترشيحه وطنية ولا تدخل في سياق التكتيك، وأنه قرر المضي قدماً في الترشيح والمنافسة، وسيحترم طبعاً وكتلته خيارات النواب واختياراتهم.
ليس سراً في السياق، أن بعض أوساط الإسلاميين تنظر لترشيح العرموطي باعتباره قراراً متعجلاً وأقرب إلى كمين سياسي؛ بمعنى أن هذا القرار يمكن أن يساعد في توحيد جبهة الوسط الحزبية وسط مؤشرات على أن ائتلافاً من كتل أحزاب الوسط قد يصل تعداده إلى 75 نائباً من أعضاء البرلمان الذين يبلغ عددهم 138.
هو تكتل إذا ما اندمج فعلاً وظهر كقوة ضاربة وضارية تحت قبة البرلمان، يمكنه أن يحسم نتائج انتخابات رئاسة مجلس النواب وبقية المواقع الأساسية واللجان المهمة، بمعنى إقصاء المستقلين والمكون الإسلامي البرلماني من هذه المواجهة.
في النقاشات المبكرة مخاوف بعنوان «الإقصاء» ورسائل، بالخصوص من بعض النواب المستجدين، لكن ما صدر عن الصفدي والطراونة حتى الآن وغيرهما من قادة حزب الميثاق يشير إلى حساسية خاصة ترفض أي ممارسة إقصائية في مجلس نواب سيتولى ملف «التحديث السياسي».
همسات الإقصاء متاحة في كواليس البرلمان الجديد لكن بلا أدلة أو قرائن بعد، والترقب سيد المشهد في ظل سيناريوهات تفترض احتمالية تراجع الإسلاميين عن توجههم في ظرف خاص وفي لحظات لاحقة، مقابل تحصيل حقوقهم في التمثيل بمواقع الصف الأول.
طراونة كان قد صرح في ندوة حضرتها «القدس العربي» أمس الأول، بأن حزبه لا يؤمن بإقصاء أي مكون سياسي من العمل المؤسسي لمجلس النواب، وأعتبر أن وجود الإسلاميين في إطار العمل الكتلوي الشرعي هو محطة مطلوبة، نافياً أن تكون محاولات ومشاريع الاندماج بين كتل وسطية تهدف إلى إقصاء الإسلاميين أو غيرهم. طراونة لفت الأنظار بقوله علناً إن الإقصاء ضار بالمصلحة الوطنية والعمل البرلماني، خصوصاً في المرحلة الحالية الحرجة التي يحتاج فيها الأردن لكل مكوناته في مواجهة تداعيات خطرة للقضية الفلسطينية.

تجربة مسار التحديث

لم يعرف بعد ما إذا كانت تصريحات الطراونة تمثل حقاً الأقنية الخلفية لأحزاب الوسط التي ينظر بعض رموزها للإسلاميين من بوابة «الخصومة» ما قد يستدعي مشاهدة صور إضافية من «مظلومية» التيار الإسلامي قد تؤسس للتشويش فعلاً ليس على البرلمان فقط بل على تجربة مسار التحديث برمته.
التيار الإسلامي لم يحدد بعد لا خطة تكتيكية ولا إطارية في هذه المناولة التنافسية تحت قبة البرلمان، فيما جبهة الوسط في الواقع غير موحدة حتى هذه اللحظة، والمشهد البرلماني برمته الآن قيد الترقب والانتظار وسط مخاطر «الإقصاء» التي تطال ليس الإسلاميين فقط ما لم ينتبه الفرقاء والمعنيون، بل أيضاً جبهات أخرى في الأحزاب الوسطية.
يحتاج حزب الميثاق وهو يحسم توجهاته بدعم الصفدي، إلى تقديم أدلة مقنعة على أنه سيقف ضد أي توجهات اقصائية… المؤشرات ستبرز قريباً، مع التذكير بأن التيار الإسلامي بكل حال مستفيد كبير أيضاً في حالة منهجية أي إقصاء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading