بوتين استقبل الأسد في دمشق وبثينة شعبان “تضحك علينا”… مفاتيح الجنة وجثمان سليماني
أحد أكثر الأمثال الشعبية رواجا في الأردن هو ذلك الذي يقول “زوج بنتك العورة لإبنك الأحول… والفضيحة أسبوع”.
طبعا، يحتاج القول لترجمة لن نغرق فيها .لكن بدأنا نسمع، حتى في أروقة سياسيين كبار، هذه المقولة الطريفة، عندما يتعلق الأمر بزحام “الشاشات” والفضائيات في البلاد، خصوصا في القطاع الرسمي.
صعب أن يبقى التلفزيون الأردني الرسمي هدفا للنقد والقصف والعشوائية، عندما يتعلق الأمر في أي تشخيص من أي نوع .
مجددا، غرق المهنيون الأردنيون في سؤال متكرر: هل تستوعب التجربة المحلية محطة تلفزيونية جديدة، إخبارية أو حوارية، تنفق عشرات الملايين من الدنانير باسم المملكة؟
زواج الشاشات
الجميع هذه الأيام في عمان يلاحظ على تلفزيون “المملكة”، الذي قدم نفسه للدولة وللجمهور على أساس أنه متخصص في خدمة المجتمع.
لكن الحوارات السياسية والإخبارية تطغى عمليا على شاشة “مدللة” في كل المواصفات والمعايير، فيما ما زال الخبر، الذي لا يسمعه الأردني في نشرة الساعة الثامنة في تلفزيون الحكومة هو الأساس، وعلى طريقة راحلنا محمود الكايد، حيث أن المواطن الأردني لا يموت في الماضي إلا إذا نعته صحيفة “الرأي” تحديدا .
ما زالت الوصفة الكلاسيكية مطروحة، وتحت عنوان عقد قران “فتحي على فتحية”، حيث يمكن تزويج شاشة “المملكة” وضمها الى سرير التلفزيون الأردني، الذي بقي، بصرف النظر عن كل ما يقال حوله، مصدرا لتصدير الكفاءات المميزة، ليس فقط لشاشة “المملكة” وغيرها محليا، ولكن أيضا لشاشات عربية ودولية متعددة .
تجوال جثمان الجنرال سليماني
تغرق مجددا محطات مثل “المنار” و”الميادين” في تلقين المستمع، وتعيد مرة تلو الأخرى بث المشاهد المرعبة لحركة تشييع جثمان الجنرال المغدور قاسم سليماني .
أحصينا 22 محطة عراقية وإيرانية تنطق بالفارسية والعربية، وهي تكتفي ببث كاميرا محمولة ترافق السيارة، التي تحمل جثمان سليماني ورفاقه وسط طبعا، العويل والبكاء والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لأمريكا، ووسط الانفعالات الشعبية العارمة، التي تدفع أي مراقب لطرح سؤال بسيط: لماذا قررت غرفة السيطرة الإيرانية أن يتجول جثمان الراحل في ست مدن على الأقل قبل دفنه؟
يبدو سؤالا مقلقا، ويحتاج الجواب لتفكيكه، وقد أعجبني صديق همس في إذني بإجابة مقترحة متحدثا عن سببين .
الأول، هو إعداد سيكولوجي لجماهير الشيعة في المنطقة لحفلة دم كبيرة محتملة ستراق لاحقا، بمعنى أن هؤلاء المتدافعين من أجل تحية جثمان الجنرال مستعدون، وبصيغة جماعية لـ”مفاتيح الجنة” نحو الاستشهاد ردا على قتل سليماني .
ذلك بناء سيكولوجي، يجازف فيه العقل السياسي كالعادة في العالم الثالث بدماء بشرية مدنية تتحول الى حطب في معركة سياسية بامتياز .
السبب الثاني، له علاقة بردع الخصم والايحاء أن معركته المقبلة ليست مع الحرس الثوري ولا ايران فقط، ولكن مع الشيعة في العالم، وهي رسالة بثتها أيضا قناة “المنار” مثلا، عندما قالها السيد حسن نصر الله بوضوح، وعلى أساس أن المقاومة سترد بعيدا عن الموقف الإيراني، وبدون توجيه منه .
بوتين وهو يستقبل الأسد
الشكر موصول ومن قلبنا للسيدة المستشارة في القصر الجمهوري السوري الدكتورة بثينة شعبان، فقد أضحكتنا، أضحكها الله يوم القيامة .
وحشرها مع من يليقون بابتسامتها، التي ظهرت على كاميرا محطة “الميادين”، وهي تبلغ الأمة بتفاصيل لقاء الزعيمين فلاديمير بوتين والسيد الرئيس، حفظه الله بشار الأسد .
الرواية، التي قدمتها شعبان لمسار الأمور تتحدث عن زيارة قام بها القيصر الروسي لدمشق لتهنئتها بالنصر المؤزر، وعن لقاء قمة بين زعيمين مغرق في الندية يساند إيران ومحور “المفاقعة”، عفوا “الممانعة” في معركة ما بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني .
الندية كانت واضحة تماما بين الزعيمين، حتى أني بحثت عن وجه سوري أو عربي واحد فقط يرافق السيد الرئيس بشار الأسد في قاعة اللقاء مع بوتين في مركز العمليات العسكري الروسي .
كل الموجودين بعد تقليب نحو 20 صورة وما بثته النسخة العربية من تلفزيون “روسيا اليوم” من العرق الروسي .
لا يوجد، ولو حتى سكرتير يحمل ورقة من يد الرئيس السوري الطاهرة .
حتى في المسجد الأموي، وحسب ملاحظة اختفى المصلون العرب، ولا يوجد أي مرافق للقيصر يجيد اللكنة الشامية .
فقط مرافقون وحراس من جماعة موسكو، أما التجول وسط المدينة فكان مماثلا لتلك اللقطات، التي يبثها التلفزيون المصري أيام زمان، عندما كان يتواجد الرئيس محمد حسني مبارك في ميدان التحرير، حيث يتحول المكان الى ثكنة عسكرية .
ما حصل، باختصار هو أن الرئيس فلاديمير بوتين استقبل نظيره السوري في دمشق .
هنا يكمن سر اضحاكنا ونحن نستمع لـ”الحاجة المناضلة” بثينة شعبان .