«تغريدات» غاضبة لإسلاميين أردنيين: التيار «يشتمّ» رائحة «الإقصاء» عن لجان البرلمان وعودة «التحريض»

عمان ـ «القدس العربي»: يوحي التعليق الذي نشره العضو البارز في كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي الأردنية ناصر النواصرة، مساء الأحد، بأن النوايا سلبية على الأقل عند الأطراف المعنية بالأحزاب الوسطية لإقصاء الكتلة الإسلامية عن لجان مجلس النواب المختصة بالتشريع والرقابة.
اعتبر النواصرة في تغريده إلكترونية له، أن نشر بعض المقالات تحت عنوان حل حزب الجبهة يدرس على الطاولة الآن ليس سوى تمهيد لترويج حالة الالتفاف على التوافق تحت قبة البرلمان بإقصاء الإسلاميين من مشاورات وترتيبات تسمية العضوية في لجان مجلس النواب.
تعليق النواصرة هنا هو الأول لأحد أعضاء كتلة الحزب بشأن ظهور ملامح إقصاء الإسلاميين عن اللجان مجدداً، كما حصل في الدورة الماضية، وفقاً للنواصرة ذاته. الإيحاء سياسياً هنا، أن ما يسمى بالتوافق على تسمية اللجان المختصة بالتشريع والرقابة عملية دخلت نطاق الاستحقاق بمجرد دعوة رئيس مجلس النواب مازن القاضي لانعقاد جلسة صباح الثلاثاء بهدف الاستماع إلى بيان الحكومة الخاص بالميزانية المالية على لسان وزير المالية عبد الحكيم الشبلي.
استبعاد الإسلاميين
الإيحاء الأبعد هنا وفقاً لما يفهم من تعليق النواصرة، أن عملية بناء تصور توافقي على تقاسم لجان المجلس النيابي استبعدت الإسلاميين حتى مساء الأحد، حيث «تشتمّ» رائحة منهجية الإقصاء في وضع ميكانيكي قد ينتهي بتجاذبات واستقطابات إذا ما تم استهداف الإسلاميين بإبعادهم عن اللجان فعلاً ما لم يتغير الوضع قبل نهاية الأسبوع الحالي.
التقدم ببيان الحكومة المالي يفترض أن تعقبه إحالة الميزانية إلى لجنة مالية مختصة، وهو إجراء يعني ضمناً بأن تشكيل اللجان بموجب النظام الداخلي دخل في مستوى الاستحقاق الزمني.
لم يعرف بعد ما هو موقف المكتب الدائم لمجلس النواب من جزئية شعور الإسلاميين بنوايا إقصائهم، ولم يعلن رئيس المجلس مازن القاضي رسمياً عن أي خطط ملموسة للتوافقات المرتبطة بتشكيل اللجان حتى بين الأحزاب الوسطية.
غير معروف بعد عملياً ما إذا كانت مسألة طهي التوافق على اللجان لأغراض استقرار عملية التشريع ستتم عبر الاقتراع والانتخاب، أم عبر آلية التوافق وعدم المزاحمة أو التزكية. لكن السيناريو المعتمد سيظهر بالضرورة خلال الساعات المقبلة.
يترقب المعنيون بالعلاقة ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية المستجدات بشأن ملف اللجان والإقصاء للمكون الإسلامي، فيما يبدو واضحاً أن نواب حزب جبهة العمل الإسلامي غاضبون أو منزعجون، بدلالة تغريدة حادة جدا نشرها صباح الإثنين النائب عن التيار الإسلامي أحمد القطاونة، وتحدث فيها ملمحاً عن منهجية الإقصاء منتقداً ما سمّاهم «المأجورين» الذين يهاجمون حزب الجبهة ويدعون إلى حله وكأنهم يملكون مفاتيح الدولة.
حذر القطاونة بغضب واضح، من أن جبهة العمل الإسلامي باقية، وأن تلك الدعوات الإقصائية هي خارج سياق المصلحة الوطنية.
استنتاجات عن إقصاء محتمل
على جبهة موازية وداخل كتلة الإسلاميين، لا تصريحات محددة من جهة رئيس الكتلة صالح العرموطي، أو مسؤول التفاوض السياسي النائب محمد عقل، بخصوص وعنوان الإقصاء أو المشاركة في المشاورات التوافقية، فيما تغريدات غاضبة من القطاونة والنواصرة توحي بأن التيار الإسلامي لديه استنتاجات عن إقصاء محتمل في مواجهة اللجان.
ما يقترحه خبراء الملف البرلماني، الإشارة إلى أن تجنب إشراك الإسلاميين في بعض اللجان التشريعية والرقابية قد يؤدي ديناميكياً إلى إحباط سيناريو التوافق التشاوري والتزكية؛ لأن كتلة جبهة العمل الإسلامي، عددياً وسياسياً، قادرة على التقدم بمرشحين لبعض اللجان بصيغة تجبر المجلس على إجراء انتخابات بمعنى التأسيس لقاعدة تنافسية تبعد سيناريوهات التوافق.
يستطيع الإسلاميون هنا اللجوء إلى ترشيح نوابهم لحصول عملية انتخابات بهدف المناكفة ستكون نتائجها اصطفاف الأحزاب الوسطية معاً بصورة أكثر تشدداً مقابل إبعاد الإسلاميين والمستقلين والمجازفة بظهور نواب غاضبين، ليس من التيار الإسلامي فحسب، بل من المساحة المستقلة أو من أبناء الوسط الذين ناكفتهم نتائج الانتخابات وخسروا بموجبها.
وحذر العرموطي في الماضي، على هامش نقاش مع «القدس العربي»، من أن سياسة الإقصاء لا تليق لا بالدولة ولا بالنواب، لا بل تمس بالمصالح العامة. ويشير خبراء آخرون من بينهم المحلل السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة، إلى أن وجود كتلة برلمانية وازنة في مجلس النواب تبدو مسألة من الصعب تجاوزها أو تجاهلها، فيما المطلوب أن يشمل التوافق الجميع ويتجنب الإقصاء بسبب رسائله السلبية لقطاعات شعبية واسعة.
الغضب الذي ظهر في تغريدات وتصريحات بعض أعضاء كتلة جبهة العمل الإسلامي يمكن فهمه وتبريره، لكنه في الواقع تزامن عملياً مع عودة ظهور اجتهادات وتسريبات إعلامية ونيابية على سطح الحدث ذات سياق تحريضي، بعنوان قرارات وشيكة بحل حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث -بعيداً عن المحرضين هنا- أصوات برلمانية وسطية يمكنها إظهار الطمع بوراثة مقاعد التيار الإسلامي في البرلمان، خصوصاً عن القائمة العامة الوطنية إذا ما تم حل حزب الجبهة.
الأضرار من جراء الإقصاء والعودة لاقتراحات الحل سياسياً ووطنياً، قد تقود إلى تأزيم لا تحتاجه دوائر القرار. وخسائره السياسية العامة أكثر وأكبر من المكاسب المفترضة، فيما المعادلة بجذرها قد تتضح أكثر خلال اليومين المقبلين بسبب الاختبار المرتبط بكيفية تشكيل لجان المجلس.
