حزب المعارضة الأبرز في الأردن في مرحلة «كلفة تجاهل التصويب»
المساس الرسمي والقانوني بمستقبل شرعية الحزب مرتبط بحالة الجمود التي تتراكم في مؤسساته وقياداته، فهي لا تحاور ولا تناور ولا تجري انتخابات داخلية ولا تضع البدائل أمام السلطات.

عمان ـ «القدس العربي»: مطلوب وبإلحاح هذه الأيام من حزب جبهة العمل الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة المحلية في الأردن إعادة قراءة كلفة التجاهل الذي تورطت به الحركة الإسلامية من عام 2015 ولاحقا في العام 2000 لقرارات قضائية ملزمة لها علاقة بتصويب الأوضاع القانونية.
تصبح هذه الحاجة ملحة أكثر في ظل وجود محترفين في الجناح المناهض للتيار الإسلامي في طبقة البيروقراط المحلي في اصطياد المخالفات القانونية ومعالجتها.
كلاهما الحزب والجماعة ومعهما التيار برمته ضمن مساهمات تجاهل دلالات صدور قرارات قضائية مستقلة تقرأ نصوص القانون فقط ولا تخضع للتسييس.
وكلفة تجاهل أحد أبرز هذه القرارات بمعنى عدم وجود مبادرة لتصويب الأوضاع وفقا لنصوص قرار المحكمة كانت وفي كل بساطة وبعد 5 سنوات تتمثل في هيئة القرار الإداري الصادر بحظر جمعية الإخوان المسلمين لأن المحكمة وقبل سنوات كانت قد قالت إن الجماعة تخالف شروط ترخيصها ويتوجب عليها تصويب الأوضاع.
المرجح أن الغرور التنظيمي ورغم وجود عشرات القانونيين والمحامين الكبار في الحركة الإسلامية هو الذي أنتج ذلك التجاهل حتى انتهى الأمر برمته إلى ما يعرفه الجميع اليوم تحت عنوان التأسيس لمرحلة جديدة في تعاطي واشتباك التيار الإسلامي مع المشهد الوطني.
قيادة حزب الجبهة وسط هذا النمط من التجاذب واصطياد مخالفاتها القانونية في حال استرسالها في التجاهل أو التركيز فقط على التسوية السياسية للأزمة قد تخدم الجناح التأزيمي والصقوري الرسمي الذي يريد تكديس مخالفات باسم الجبهة تقود إلى حظر الحزب أيضا بعد حظر الجماعة.
لا مبادرات لقيادة الحزب البطيئة في هذا الاتجاه. والمحترفون في اصطياد المخالفات القانونية والبيروقراطية جاهزون ولديهم القابلية، ويتردد أن مجلس مفوضي الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات أقر إرسال مذكرات رسمية في مخالفات الحزب للقوانين، لا بل طالبت تلك المذكرات بتصويب الأوضاع خلال الفترة القانونية.
العمل السياسي الاعتراضي العنيد في الخطاب والأيديولوجيا لا يخدم الموضوع.
والحزب هنا وبدلا من الاسترسال في الضغط على الحكومة والسلطات لا بد من مبادرات داخل قيادته ومؤسساته لتصويب الأوضاع وفقا لاشتراطات ومتطلبات القانون مادام الحزب تحت الأضواء وقيد الاستهداف كما يرجح القطب البرلماني صالح العرموطي وهو يوافق مع «القدس العربي» على الاستنتاج القائل بأن التحرشات بكتلة الحزب تحت كتلة البرلمان زادت عن حدها وأهدافها واضحة.
لا أحد يعلم بعد ما هي طبيعة القيود التي فرضتها قيادة الحزب على نفسها بعد الأزمة الشهيرة في مرحلة ما بعد حظر جماعة الإخوان.
ولا أحد يعلم لماذا لا يبادر الحزب في التأسيس لحالة تجاوب مع القانون أو في التأسيس لاحتواء عام لمشهد مفخخ بدلا من ترك المبادرات للآخرين الذين سيفرضون إيقاعهم وشروطهم على الحركة الإسلامية.
وما يلاحظه الآن مخلصون وأوفياء للحزب أن حالة الجمود والصمت التي تلازم الارتباك النخبوي القيادي في الحزب منذ اتخذ قرار الحظر يمكن أن تنسحب على أجوبة يطلبها القانون بموجب موجة مذكرات رسمية ترسل للحزب من هيئة الانتخاب المسؤولة عن سجلات الأحزاب السياسية.
في الواقع لاحظ الجميع أن القيادة المنتخبة في الحزب لا تقول شيئا لا للإسلاميين ولا للشارع ولا للدولة، رغم معرفة الجميع بأن بعض الجهات في الشارع المدني قبل البيروقراطي والرسمي تترصد أخطاء وعثرات الحزب ومخالفاته، وتمارس الاصطياد حتى تصل الأمور إلى تراكم ملاحظات قانونية يمكن أن تلحق الحزب بمخالفات الجمعية المحظورة مع أن الموقوفين من أبناء التيار الذين تم الإفراج عنهم تم تحميلهم رسائل تقول إن الدولة لا تطلب رأس الحزب، ولكنها لن تسمح للجمعية المحظورة بالعودة ومن كل الزوايا والمنحنيات.
خلاصة تلك الرسائل ترجح بأن المساس الرسمي والقانوني بمستقبل شرعية الحزب مرتبط بحالة الجمود التي تتراكم في مؤسساته وقياداته، فهي لا تحاور ولا تناور ولا تجري انتخابات داخلية ولا تضع البدائل أمام السلطات.
لا بل بدأت تتجاهل الملاحظات القانونية المرسلة أيضا في سلوك لم يعد مفهوم سياسيا ويقرأه بعض الخبراء من أبناء التيار الإسلامي ضمن موازين وحسابات الجدل العقيم القديم بعنوان ميزان القوى بين الصقور والحمائم.
وهنا يبرز الإشكال أكثر، لأن الرسائل الرسمية التي حظي بها بعض أبناء التيار الإسلامي فهمت مسبقا بأن حبل نجاة الحزب بعد رصد مخالفات من الصعب إنكارها قانونيا مرتبط حصرا بتفكيك العلاقة بين الحزب والجماعة المحظورة تماما وقطعيا على الأقل لأغراض العبور من الأزمة التنظيمية الحالية. نعم في الاستنتاج التحليلي إذا أصر الحزب على بقاء ارتباطه بجماعة تم حظرها وأعلنت في كل اللهجات خضوعها للحظر عمليا، سيدفع ثمن موقفه وقد تطاله نيران الحظر والشرعية القانونية أيضا، الأمر الذي لا يريده لا المخلصون ولا الأوفياء من الحزب والحركة ولا حتى دعاة الاعتدال في احتواء الأزمة برمتها بين السلطة والتيار الإسلامي.