اراء و مقالات

دموع «الميادين» على الساحل السوري: حتى لا يضحك «الكبتاغون» مجددا

ذرفت قناة «الميادين» فجأة دموعها على أهالي الساحل السوري واسترسلت في تغطية دور مسلحين من تركستان والشيشان في إرعاب وإرهاب الناس الذين «لا يستطيعون مغادرة بيوتهم».
الحقيقة مرة وإن تاهت في تفاصيل التغطية التلفزيونية. لا أحد يخبرنا اليوم عن «12» مليون سوري تهجروا من بلادهم وصادف أنهم من مكون طائفي واحد فقط، كان يشكل أغلبية الشعب.
نقف مع «الميادين» في أسفها على «الذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم» إذا عبرت عن أسفها معنا بالمقابل على «ملايين السوريين، الذين حرقت ودمرت منازلهم وغادروها إلى المنافي أو قتلوا فيها».
الزملاء في قناة «سكاي نيوز»، وهم يفردون كل ساعات البث لأحداث الساحل الأخيرة لم يجيبوا بأثر رجعي على السؤال القديم: «من أدخل هؤلاء الأجانب إلى سوريا أو تسبب بدخولهم؟ من وقف يسترق السمع لأهات شعب كامل وهو يتألم؟
لا ذكر عبر «الميادين»، ولا حتى عبر فضائيات المحور التي تتابع الحدث السوري لتحقيق استقصائي على طريقة «بي بي سي» أيام المهنية والموضوعية يتحدث عن دور «البراميل المتفجرة» والطائرات الروسية والمدفعية الإيرانية في قصف الحجر قبل الشجر في مدن وبلدات دمرت على رؤوس أهلها قبل التشرد في الفيافي على حدود تركيا والأردن ولبنان.

التباين أساس الثورة

لا يمكن تبرير عملية قتل المدنيين، سواء أكان المجرم ينتمي للنظام السابق أو اللاحق، وما نفهمه أن الثورة التي تحكم الآن عليها واجب «الحرص على إظهار التباين» وتحويل حماية الأبرياء من الطوائف كافة إلى هدف نبيل له قيمة.
نقترح على الأخوة من حكام دمشق اليوم العمل الدؤوب لإقناع الكون بأن من ثاروا على ظلم النظام المخلوع البائد وتعسفه لا يقلدونه ويحرصون على تأصيل ومأسسة الفارق معه، تماما كما تفعل كتائب القسام مع أسرى العدو.
نحسب أن تلك مهمة مقدسة لا تقل أهمية عن الأمن والاستقرار ووحدة التراب السوري.
دون تلك المهمة النبيلة سيضحك ماهر الأسد في مخبأه وسيبتسم من يقيمون في موسكو أو يشربون الأنخاب في كردستان، وهم مهووسون في البحث عن أي وسيلة لتصدير المزيد من الكبتاغون.
نضم صوتنا للعقلاء الداعين إلى القتال من أجل تثبيت صورة أخرى مختلفة عن تلك التي بصم عليها النظام السابق، وهو يرتكب جرائمه بحق الأغلبية.
ولعلنا سئمنا من بيانات التلفزيون السوري، التي تتحدث على لسان محافظ اللاذقية محمد عثمان عن تفكيك حصار الفلول على المستشفيات والمراكز الأمنية، كما سئمنا من الدعوات التي تقترح «حماية دولية للمدنيين».
المتباكون اليوم على بعض الشاشات في بغداد وبيروت وطهران، واجبهم إقناعنا بقدر من العدالة والاتزان والموضوعية، وذكر الحقائق والسرديات كما حصلت، لأن ذلك فقط كفيل بأن لا نرى مستقبلا أي مسلح من أصقاع الأرض يحمل رشاشه ويقتحم أي زقاق في حمص أو القرداحة.
الأقليات في سوريا، بعدما صمتت لعقود على تصرفات شياطين النظام السابق ضد مكون اجتماعي دون غيره واجبها يقتضي بأن تختبر معنا ما يقوله رموز النظام الجديد عن حقوق الإنسان والعدالة ومنع الاستهداف بالتباين المقابل مع «الفلول» ومشاريعهم المستجدة، خصوصا بعدما أثبتت حتى فضائية «سي أن أن» الأمريكية في برنامج مطول أن سجون النظام السابق لا مثيل لها في الكون ونحن نضيف: إلا سجون اليمين الإسرائيلي.

الأسد… أو نحرق البلد

معيب حقا أن يقتل سوري شقيقه، لأي سبب الآن، بعدما أنعم الله على جميع السوريين بالتخلص من «طاغية» وزبانيته.
نريد أن نرى الشام متألقة مدهشة فيها مكان حقيقي لكل أبنائها، بعيدا عن أجندات المحاور والدول والأقاليم.
لا يمكن لميكروفون قناة عراقية تحمل اسم «التقوى» الصراخ بالتحدث عن جرائم ارتكبها «مرتزقة متطرفون» في بانياس وطرطوس واللاذقية، دون التحدث عن مرتزقة غيرهم يحملون رتبا عسكرية قتلوا رجال أمن على الحواجز بتوقيع تلك العبارة المريضة المختلة التي شاهدناها بالعين المجردة عبر قناة «الجزيرة» على جدران منازل دمشقية وتقول «الأسد.. أو نحرق البلد».
لتسقط في الغد السوري كل الأسماء والألقاب، سواء أكانت تمثل النظام أو الثورة لصالح اسم واحد فقط هو «سوريا»، التي لا تستحق من أي مواطن فيها مجرد التفكر بحرقها من أجل أي شخص أو حزب أو تنظيم أو عصابة.
قليل من الإنصاف الفضائي التلفزيوني مطلوب وبإلحاح حتى نساعد الشعب الذي خاض معاناة مريرة لعقود ودفع الكثير.
تسليط الكاميرات على مسلح شيشاني يتجول هنا أو هناك وتحميله مسؤولية كل ما دمره أبناء البلد الأوغاد، ومن مختلف الشرائح والمكونات، سلوك لا علاقة له بالمهنية والموضوعية ولن يؤدي طبعا ودوما إلى إعادة ذلك الشيشاني إلى بلاده.
الخلاصة: من أحرقوا البلد لن يعمروها، بدليل ما أثبتته «الجزيرة»، وهي تتحدث عن الفلول الذين هاجموا المستشفيات. من يهاجم مستشفى مختل مثل ذلك الذي تحدث عنه دونالد ترامب أو مثل ترامب ذاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading