اراء و مقالات

‮«‬رصاصة‭ ‬واحدة‭ ‬تكفي‮»‬ وغياب‭ ‬سلاح‭ ‬السلطة‭…‬ والمشهد‭ ‬الأردني‭ ‬بين‭ ‬‮«‬مغامر‭ ‬ومتنمر‮»‬

ما‭ ‬هي‭ ‬بصورة‭ ‬محددة‭ ‬‮«‬وظيفة‮»‬‭ ‬تلفزيون‭ ‬فلسطين‭ ‬الرسمي؟
راقبت‭ ‬باهتمام‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬زيارة‭ ‬للوطن‭ ‬المحتل‭ ‬كيف‭ ‬تتفاعل‭ ‬الشاشة‭ ‬مع‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬على‭ ‬الحواجز‭ ‬وفي‭ ‬الأزقة‭ ‬جنود‭ ‬جيش‭ ‬الدفاع‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬
‭ ‬فقط‭ ‬تصريح‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬برفقة‭ ‬صوت‭ ‬مذيع‭ ‬محايد‭ ‬يتلو‭ ‬نشرة‭ ‬الأخبار‭ ‬وهو‭ ‬يمارس‭ ‬وظيفته‭ ‬في‭ ‬‮«‬إحصاء‭ ‬الشهداء‭ ‬والجرحى‮»‬‭.‬
سألت‭ ‬مذيعة‭ ‬شابة‭ ‬تحمل‭ ‬مايكروفون‭ ‬تلفزيون‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬رام‭ ‬ألله‭: ‬لماذا‭ ‬الإحصاء‭ ‬فقط؟
بحركة‭ ‬سريعة‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬الفتاة‭ ‬توجيه‭ ‬السؤال‭ ‬إلى»السيد‭ ‬الرئيس‮»‬‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬فالمدير‭ ‬لديه‭ ‬الجواب‭.‬
ما‭ ‬لفت‭ ‬نظري‭ ‬كمشاهد‭ ‬بصراحة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أنباء‭ ‬الشهداء‮»‬‭ ‬والمواجهات‭ ‬كان‭ ‬يتداولها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬قبل‭ ‬نشرة‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬مسار‭ ‬الأحداث‭ ‬هنا‭ ‬بـ»حياد‭ ‬مهني‭ ‬غامض‮»‬‭ ‬فهي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نتائج‭ ‬المواجهات‮»‬‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الضحايا‮»‬‭ ‬وتذكر‭ ‬بحرص‭ ‬أسماء‭ ‬الشهداء‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تفصيل‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬قتلهم‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬أساس‭.‬

وحشية‭ ‬جنود‭ ‬الحواجز

أحدهم‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬السموع‭ ‬بمحافظة‭ ‬الخليل‭ ‬همس‭ ‬في‭ ‬أذني‭: ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تستطيع‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬القاتل‭ ‬بموجب‭ ‬التنسيق‭ ‬لكنها‭ ‬تنشغل‭ ‬في‭ ‬إبلاغنا‭ ‬بهوية‭ ‬الشهيد‭ ‬فقط‭.‬
جنود‭ ‬الحواجز‭ ‬أصناف‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المحتلة‭ ‬وأكثرهم‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬القتل‭ ‬وبوحشية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬كتبوا‭ ‬على‭ ‬خوذاتهم‭ ‬العبارة‭ ‬التالية‭ ‬‮«‬رصاصة‭ ‬واحدة‭… ‬تكفي‮»‬‭.‬
ذلك‭ ‬‮«‬تصريح‭ ‬مباشر‭ ‬بالقتل‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬‮«‬توفير‮»‬‭ ‬الرصاص‭ ‬والذخائر‭ ‬في‭ ‬الأثناء‭ ‬ترشيداً‭ ‬للنفقات‭ ‬وتلك‭ ‬حقيقة‭ ‬يعرفها‭ ‬تلفزيون‭ ‬السلطة‭ ‬الرسمي‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭.‬
بالمقابل‭ ‬بنادق‭ ‬‮«‬أمن‭ ‬السلطة‮»‬‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خردة‮»‬‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استعماله‭ ‬بكل‭ ‬حال‭.‬

بين‭ ‬مغامر‭ ‬وبلطجي

يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬محرري‭ ‬نشرة‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬عربية‭ ‬يمارسون‭ ‬عادة‭ ‬رش‭ ‬الملح‭ ‬في‭ ‬الجرح‭ ‬الأردني‭ ‬وهم‭ ‬يفردون‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مفاجئ‭ ‬لتغطية‭ ‬أحداث‭ ‬التأزيم‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬المعيشية‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الأردني‭ ‬حاليا‭.‬
‭ ‬وقد‭ ‬سمعت‭ ‬الزميل‭ ‬مراسل‭ ‬الجزيرة‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬يتحدث‭ ‬للزميلة‭ ‬المذيعة‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أخبار‭ ‬بالترتيب‭ ‬كانت‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬المأساة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬
‭ ‬الأردنيون‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬توجيه‭ ‬اللوم‭ ‬للقنوات‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬لغيرها‭ ‬من‭ ‬الفضائيات‭ ‬لأننا‭ ‬‮«‬نصنع‭ ‬الحدث‮»‬‭ ‬والفوضى‭ ‬بامتياز‭.‬
‭ ‬توجيه‭ ‬اللوم‭ ‬للكاميرا‭ ‬والمايكروفون‭ ‬حجة‭ ‬الضعفاء‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تصديق‭ ‬رواية‭ ‬التلفزيون‭ ‬الرسمي‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أجندات‭ ‬ومخربين‮»‬‭ ‬فقط‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أردنيون‭ ‬والحدث‭ ‬أردني‭.‬
المسألة‭ ‬مجربة‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مندسين‮»‬‭ ‬وفضائيات‭ ‬ترش‭ ‬الملح‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الجرح‭ ‬صنعناه‭ ‬بأنفسنا‭.‬
ما‭ ‬علينا‭ ‬المشهد‭ ‬المحلي‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬فضائية‭ ‬المملكة‭ ‬للأحداث‭ ‬قوامه‭ ‬‮«‬مغامرون‮»‬‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬وأقلية‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬تتنمر‭ ‬أحيانا‭ ‬وتخدش‭ ‬أي‭ ‬فعالية‭ ‬وطنية‭ ‬مطلبية‭ ‬منصفة‭ ‬بتطرفها‭ ‬وتشددها‭ ‬وشتائمها‭ ‬وبإستعمال‭ ‬إجرامي‭ ‬أحيانا‭ ‬للسلاح‭ ‬الخبيث‭.‬
علّق‭ ‬المواطن‭ ‬الأردني‭ ‬تماما‭ ‬هنا‭ ‬بين‭ ‬‮«‬البلطجي‮»‬‭ ‬المتحرك‭ ‬بإسم‭ ‬‮«‬الشعب‮»‬‭ ‬و»المغامر‮»‬‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬البيروقراطي‭ ‬الذي‭ ‬يميل‭ ‬للتحدي‭ ‬والمزاودة‭ ‬في‭ ‬الولاء‭ ‬ولا‭ ‬يؤمن‭ ‬بحقوق‭ ‬الاعتراض‭ ‬السلمي‭.‬
للأسف‭ ‬وبصراحة‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬توقفوا‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬عن‭ ‬عادة‭ ‬الإصغاء‭ ‬لآهات‭ ‬وآلام‭ ‬وأوجاع‭ ‬الناس‭ ‬فيما‭ ‬تحوّل‭ ‬الحراك‭ ‬أحيانا‭ ‬بإسم‭ ‬الشعب‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مهنة‮»‬‭ ‬واحتراف‭.‬
أجزم‭ ‬شخصيا‭ ‬بأن‭ ‬شبكات‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬إشغال‭ ‬الأردنيين‭ ‬بأمنهم‭ ‬وإشغال‭ ‬الأمن‭ ‬بالمواطنين‭ ‬والمناطق‭. ‬
شئنا‭ ‬أم‭ ‬أبينا‭ ‬وقعنا‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬المحظور‭ ‬تماما‭ ‬والقنوات‭ ‬العربية‭ ‬لديها‭ ‬اليوم‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬التغطية‭ ‬للتحدث‭ ‬عن‭ ‬آلامنا‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬ضياع‭ ‬المواطن‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬بين‭ ‬فكي‭ ‬كماشة،‭ ‬الطرف‭ ‬الأول‭ ‬فيها‭ ‬مغامرون‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والحكومة‭ ‬بالتأكيد‭. ‬والطرف‭ ‬الثاني‭ ‬فيها‭ ‬حراكيون‭ ‬أو‭ ‬غاضبون‭ ‬لا‭ ‬يميزون‭ ‬بين‭ ‬حقهم‭ ‬السلمي‭ ‬وبين‭ ‬حرق‭ ‬مقر‭ ‬يتبع‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬حاوية‭ ‬تجمع‭ ‬القمامة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬حرق‭ ‬محول‭ ‬كهرباء‭ ‬وإسقاط‭ ‬أعمدة‭ ‬إنارة‭.‬

ابتسامة‭ ‬‮«‬لبنانية‮»‬

كالعادة‭ ‬يمكن‭ ‬رصد‭ ‬تلك‭ ‬الإبتسامة‭ ‬الحائرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئاً‭ ‬محدداً‭ ‬والتي‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬ملامح‭ ‬الشرطي‭ ‬الذي‭ ‬يحرس‭ ‬مكتبا‭ ‬فارغا‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬بعبدا‭ ‬اللبناني‭.‬
‭ ‬التقطت‭ ‬كاميرا‭ ‬فضائية‭ ‬المملكة‭ ‬الاردنية‭ ‬المحلية‭ ‬اللقطة‭ ‬نفسها‭ ‬بخبث‭ ‬ودهاء‭ ‬وأعادت‭ ‬نشرها‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬ملحقة‭ ‬بالخبر‭ ‬الرئيسي‭ ‬أو‭ ‬النبأ‭ ‬الأبرز‭ ‬حيث‭ ‬أخفق‭ ‬المنتخبون‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬وجنرالات‭ ‬الحرب‭ ‬للمرة‭ ‬العاشرة‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬لبلاد‭ ‬الأرز‮»‬‭.‬
‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬ان‭ ‬لبنان‭ ‬سيدخل‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬بلا‭ ‬رئيس‭ ‬وبلا‭ ‬قصر‭ ‬جمهوري‭ ‬وبلا‭ ‬حكومة‭ ‬حقيقية‭ ‬لأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬مؤقتة‭ ‬وانتقالية‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لبنان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لديه‭ ‬علم‭ ‬وشجرة‭ ‬ميلاد‭ ‬وصوت‭ ‬فيروز‭.‬
دخلت‭ ‬الكاميرا‭ ‬إلى‭ ‬الكرسي‭ ‬الفارغ‭ ‬بعد‭ ‬الرئيس‭ ‬ميشال‭ ‬عون‭ ‬وجندي‭ ‬البروتوكول‭ ‬أطفأ‭ ‬الأنوار‭ ‬بكبسة‭ ‬زر‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬المعتم‭ ‬وطلب‭ ‬المخرج‭ ‬الذي‭ ‬يصور‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬حارسين‭ ‬لبوابة‭ ‬المكتب‭ ‬الفارغ‭ ‬إغلاق‭ ‬الباب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬الحارسين‭ ‬يبتسم‭ ‬للكاميرا‭ ‬مستنكرا‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬كل‭ ‬سياسيي‭ ‬بلاده‭.‬
صحيح‭ ‬شعب‭ ‬لبنان‭ ‬بلا‭ ‬رئيس‭ ‬وبلا‭ ‬حكومة‭ ‬لكنه‭ ‬صامد‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالجيش‭ ‬وسلاح‭ ‬المقاومة‭… ‬ذلك‭ ‬إنجاز‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading