Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

«سابقة» حزب العمال الأردني تثير الانتباه في ملف «التنقيب عن النحاس»

الطاقة والمعادن تعودان إلى «واجهة النقاش»

عمان – «القدس العربي»: يمكن بكل بساطة ووضوح ملاحظة الزوايا التي يتدحرج فيها الآن في عمق المشهد البرلماني والسياسي الأردني ملف «التنقيب عن النحاس» حصرياً بعد المساجلات العلنية بين عضو البرلمان قاسم قباعي ووزير الطاقة صالح خرابشة أولاً، وبعد دخول منظم ومنهجي لحزب سياسي وسطي على خطوط الملف بصيغة يمكن القول إنها «مبتكرة»، عنوانها التأسيس لنمط مختلف من «رقابة الأحزاب» في العمل العام.
قبل يومين، سجل حزب العمال «سابقة» قد تكون الأولى من نوعها منذ تقرر مسار التحديث السياسي، عندما فتح بمبادرة خاصة ملف «التنقيب عن النحاس»، ثم أسس لحالة اشتباك سياسي يتضامن فيها علناً مع ممثله في البرلمان قبل أن يقود الحزب ذاته النقاش إلى الملف الأعم وهو «التعدين في البلاد».
ما فعله حزب العمال بصرف النظر عن النتائج والقيمة العلمية والمهنية، يدخل في سياق صلب وجوهر العمل الحزبي، ويشكل أداة لقياس دور رقابي للأحزاب السياسية بصيغة مميزة حتى الآن، ولبصمة لها علاقة بدور التنمية الحزبية في الإيقاع العام.
حزب العمال عملياً لفت الأنظار عندما قررت مؤسسته دعم ممثل الحزب البرلماني النائب قباعي، في خطوته التحذيرية التي تشكك في أهلية شركة تم توقيع الاتفاق معها على التنقيب عن النحاس على قطعة أرض كبيرة جنوبي البلاد قوامها 48000 من الدونمات الفارغة، التي يقال إنها مليئة بالمعادن.
الحزب تبنى ما قاله نائبه الذي طالب باستقالة وزير الطاقة. والخلاف بقيمة سياسية رقابية مباشرة برز عبر الميكروفونات والكاميرات بين الوزير صالح الخرابشة والنائب القباعي. النائب خالف لجنة الطاقة في موقفها الحالي وهو يصر على أن توقيع الاتفاقية الخاصة بالتنقيب عن النحاس مع شركة وليدة عمرها شهران تشكلت في ظرف مريب وغامض، هو توقيع أقرب إلى كارثة وطنية في قطاع الطاقة.

الطاقة والمعادن تعودان إلى «واجهة النقاش»

عملياً، النائب لم يقدم «أدلة قاطعة» على رؤيته لهذا المشروع الحيوي، لكن في الوقائع السردية على الأقل رصد وزير الطاقة يرد عبر «الكاريدورات» بالقطعة على تصريحات وتعليقات البقاعي من دون تقديم قرائن مقنعة تستقطب الرأي العام أو تندد بالرواية الأخرى.
ذهب الحزب لاحقاً باتجاه لم تذهب إليه بقية الأحزاب السياسية عندما عقد لقاء إعلامياً متخصصاً برفقة ملتقى، وطني فتح فيه ليس ملف التنقيب عن النحاس فحسب، ولكن ملف المعادن والتعدين عموماً في الأردن.
فيديوهات وأدبيات تظهر فيها البرلمانية السابقة والقيادية البارزة في الحزب، الدكتورة رولا الفرا، وهي تتحدث مع سياسيين ومختصين في الملتقى الخاص بتلك الاتفاقية، عن تداعيات ومشكلات وتحديات قطاع المعادن في الأردن. طبعاً، تصريحات الحروب والبقاعي لا تروق للعديد من الجهات في الحكومة وخارجها، حيث تتغذى أزمة ملف الطاقة والتعدين عموماً على تراث من الملاحظات والاستفسارات، وتعتبر من القضايا «المنسية» لدى أحزاب الموالاة والمعارضة معاً قبل التقاط حزب العمال للمسألة في سياق تكتيكي منتج، بمعنى تحريك النقاش في قضية مهمة، ثم طرح الأسئلة والمشكلات، والأكثر أهمية وضع حلول وملاحظات قابلة للنقاش لا تقف عند حدود التشكيك فقط، بل تقترح «آليات المعالجة» وضمانات.
وزارة الطاقة من جانبها، أن كل ما فعلته حتى الآن هو الرد أحياناً بانفعال في قصة النحاس على ما يقوله البقاعي، ثم التمترس خلف الرواية التي تقول إن الشركة الموقع معها «مؤهلة فنياً ومالياً» وخضعت لكل الاعتبارات التقييمية وتم تفحص كل التفاصيل. بسبب تلك الاتفاقية، بدأت تظهر بعض الشائعات، من بينها تلك التي نفاها الوزير شخصياً وعلناً عند الإشارة إلى أن المالك الأساسي للشركة التي وقع معها الاتفاق مطلوب على ذمة قضايا مالية واقتصادية عبر الإنتربول الدولي، وهو ما نفاه جملة وتفصيلاً وزير الطاقة ثم مصدر مختص، بصيغة «تشابه أسماء».
النقاش الذي أثاره القباعي دفع الموقف الرسمي إلى معادلة «فليفعل النائب ما يريد»، الأمر الذي يمكن القول إنه مؤشر حيوي على مستوى الانفعال البيروقراطي المرافق لاتفاقية استثمارية كان يفترض أن تعبر بسلام وبدون ضجيج، كما جرت العادة.
لجنة الطاقة، والقباعي ناشط فيها، أعلنت مجدداً أنها تدرس اتفاقية التنقيب عن النحاس بصيغة مؤسسية ومنهجية ووفقاً لأحكام الدستور وما ينص عليه النظام الداخلي، وبعيداً عن الضجيج والإثارة، وستدلي بموقفها التقييمي والرقابي بناء على معطيات منهجية وعلمية.
لكن تخلي لجنة الطاقة في بيانها وتصريحاتها عبر رئيسها النائب أيمن أبو الرب عن عضوها القباعي، جاء متأخراً على الضجيج ولم يقدم أي مساهمة في منع حزب العمال من الاسترسال في فتح ملف قطاع التعدين، خصوصاً أن الحزب في بيانه المدروس بعد الملتقى الوطني إياه، تجنب مساحات التشكيك وركز على معالجات وتوصيات، من بينها لا بل أبرزها تعديل الاتفاقية بما يضمن تبديد المخاوف العامة، وحصراً بصيغة وجود 51% من أسهم عملية التنقيب لاحقاً في جيب «طرف سيادي أردني».
الحكومة كانت قد طالبت سابقاً بتجنب التشكيك بمشاريعها وتوجهاتها الاقتصادية الوطنية، لكن الحكومة ذاتها لا تستطيع الآن رفض ملاحظات أساسية في جوهر عملية الرقابة تصدر عن برلماني يحاول القيام بواجبه، والأهم عن حزب يتمكن من مغادرة منطقة «الفرجة» إلى الاشتباك الإيجابي مع جواز القول بأن «اتفاقية تنقيب النحاس» الصغيرة تدفع أو دفعت ثمن صراع أبعد وأعمق على مستوى مراكز القوى.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading