Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

شارع «لا ينسى».. «تحرشات إسرائيل» تعيد شعارات «الربيع الأردني»: إصلاح سياسي… و«إدارة الدولة» وديمقراطية وانتخابات

عمان- «القدس العربي»: لم يدر في ذهن الطاقم الوزاري الناشط في الحكومة الأردنية بأن النشاطات والتصريحات التوسعية العدائية تجاه الأردن مؤخراً يمكن أن تؤدي إلى تنميط ثم تأطير جدول الأولويات السياسية الوطنية في قياسات الرأي العام الأردني.
ما كشفت عنه تفصيلات المواجهة العلنية بين الأردن وإسرائيل والتي تحولت إلى سياق جيوسياسي مرتبط بالمعابر والجسور ومنطقة الأغوار الآن، حيث خاصرة رخوة ومفتوحة الاحتمالات، هو أن الشعب الأردني أو المزاج الشعبي العام الذي ذهب باتجاه الاستعداد للحرب وصد المؤامرة الإسرائيلية بكل التفصيلات، أعاد إنتاج مطالبات قديمة اعتقدت الكثير من الحكومات المتعاقبة أنها أصبحت طي النسيان وفي ملفات الماضي، خصوصاً على صعيد الملفات السياسية الداخلية.
أي حديث عن رد العدوان الإسرائيلي والاستعداد لمواجهة محتملة مع أطماع إسرائيل بدأ يقترن الآن مجدداً بشعارات الإصلاح الإداري والسياسي، وهذا ما اتضح في مجالسات إما عشائرية أو نخبوية، أو حتى في بيانات صدرت عنه قوى وتجمعات حزبية، وهي مفاجأة في كل المعايير؛ لأن الانطباع العام عن الجمهور وعند النخب الرسمية هو أن مسار التحديث السياسي استقر في الوجدان الجماعي، وأنه بديل عن المطالبة بإصلاحات سياسية واسعة وعميقة يمكن أن تحدث خللاً في ميزان الصلاحيات.
لكن رصد حالة المزاج الشعبي الأردني يظهر مؤشرات عكسية تماماً.
خلال أحد الاجتماعات في مدينة الكرك، وقف أحد الخطباء وهو استاذ جامعي وعسكري متقاعد، يتحدث عن أرض الرباط والحشد في الأردن، ثم يحث الحكومة على تمكين الشعب الأردني من الدفاع عن دولته ومؤسساته وشرعية حكمه.
لكن المثير في ذلك الخطاب أنه وجه رسالة مناشدة أساسها عدم وجود أي اختلاف مع الشرعية الدستورية.
العودة إلى منطقة أرض الحشد والرباط ومواجهة الخطط العدوانية الإسرائيلية تتطلب تذكير النخب والصالونات السياسية على الأقل في ذلك الاجتماع عشائري الطابع، بوجود خلل كبير لا بد من معالجته بجرأة في إدارة الدولة.
إدارة الدولة مصطلح صعد بقوة إبان مرحلة الربيع العربي والحكومات المتعاقبة اعتقدت أن هذا المصطلح ذهب أدراج الرياح، خصوصاً مع وجود مسارين تم إقرارهما بتوافق وطني: الأول تحت عنوان التحديث السياسي، والآخر تحت عنوان الرؤية الاقتصادية.
ومع أن الحكومة اهتمت في الجانب التكنوقراطي المرتبط بالرؤية الاقتصادية وتسعى لتحسين أداء الاقتصاد الوطني وتفعيل بعض الآليات في مواجهة الخلل الإداري، فإن خطاب الشارع تجاوز هذه المطالبات عندما تعلق الأمر برصد ونتائج وتداعيات ما يحدث ليس في الضفة الغربية فقط ولكن على الجسور والمعابر الأردنية.
بدا لافتاً للنظر أن الخطابات والبيانات تعود إلى المربع الأول في المطالبة بإصلاح إدارة الدولة والعودة إلى التركيز على أزمة الأدوات وأزمة الحكومات المتعاقبة.
ذلك يرتبط بالعودة إلى منطق الإصلاح السياسي والإصلاح الديمقراطي والانتخابات النزيهة، لا بل بدأ الحديث عن مواجهة إسرائيل يرتبط حصراً بدعوات متكررة تحت عنوان المصالحة الوطنية العامة بما في ذلك المصالحة مع التيار الإسلامي. يلتقط الإسلاميون قبل غيرهم ما هو جوهري في هذه المسألة.
والمحلل السياسي الدكتور رامي عياصرة، قال لـ “القدس العربي” مبكراً إن ضم الضفة الغربية ثم السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الأغوار هي خطوات فيها عداء شديد وجذري وجوهري وعميق للنظام والدولة في الأردن.
قيادات في الحركة الإسلامية اعتبرت التيار الإسلامي شريكاً في أي مواجهة مع الإسرائيليين، حفاظاً على الوطن الأردني ومؤسساته السيادية.
في الأثناء، رئيس مجلس النواب الأسبق عبد الكريم الدغمي، عكس المزاج السياسي بطرح شعار عودة تحشيد الجيش والشعب معاً لمواجهة الحرب القادمة على المملكة.
في الدواوين وفي بيانات 8 أحزاب سياسية، ثمة مبادرات تعيد طرح النقاش بعنوان الإصلاح السياسي وإصلاح طبيعة الإدارة ووقف عملية الهدر المالي وتسليط الضوء على الرواتب الضخمة التي لا تناسب الوضع المعيشي الاقتصادي.
العناصر الأساسية في خطابات الأردنيين تراكمت مجدداً تحت عناوين الإصلاح السياسي والمصالحة الوطنية والإصلاح الإداري، ثم العودة إلى قواعد اللعب النظيف في الإدارة باعتبار أن تلك الخطوات تحصيل حاصل وأساسية وضرورية من أجل ما يسميه الدغمي وآخرون اليوم بمعركة الدفاع عن الوطن.
تلك مفاجآت لم تكن محسوبة حتى في ذهن إسرائيل وهي تتحرش بخاصرة الأغوار والحدود مع الأردن، وتحاول السيطرة الأمنية على منطقة الحدود، وتسعى لفرض وقائع الضم للضفة الغربية بصيغة عدائية، أو يجمع الأردنيون على أنها عدائية وتستهدف مؤسساتهم ودولتهم في خطاب لا يمكن التشكيك فيه؛ لأنه يتعامل مع وقائع وحقائق ما بعد الولاء للشرعية وللمؤسسات المرجعية، ويشير إلى خطط محددة مطلوبة للدفاع عن هذه المؤسسات وعن هذه الشرعية ضمن معادلة بدأت تقول إن الطاقم الحالي الذي يدير الأمور لا يبدو أنه مؤهل أو قادر على مواجهة الاحتكاك أو الاشتباك مع إسرائيل الجديدة التي تبدلت وتغيرت ولم تعد كما كانت.
على نحو أو آخر، يمكن القول بأن بروز مؤشرات صراع جيوسياسي -على حد تعبير الفريق المتقاعد قاصد محمود- بين الأردن وإسرائيل رفع من منسوب الإحساس بالمخاطر عند المزاج الشعبي الأردني العام.
ومع الضائقة الاقتصادية، لم تعد خطة الحكومة في التمكين الاقتصادي هي المهمة، بل أصبحت الأولويات هي دعم القوات المسلحة وتسليح الأردنيين وعودة خدمة العلم، ويرافق ذلك كل المقولات التي كانت الحكومات تعتقد أن الشارع نسيها أو لم تعد من أولوياته، بعنوان الإصلاح السياسي وإصلاح الإدارة.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading